news-details

تقرير: مئات آلاف العمال السوريين في تركيا يعملون في ظروف الاستعباد

نائب في حزب أردوغان يجاهر: العمال السوريون فرصة ذهبية، مستعدون للعمل لمدة 16 ساعة في اليوم، ليس لهم حقوق، حتى لو تأخر كل شيء عنهم، بما في ذلك حوادث المهنة التي قد تعترضهم. إنهم يخدمون اقتصاد بلادنا

 

تتوالى التقارير في الصحافة العالمية، عن ظروف الاستعباد التي يعيشها مئات آلاف العمال السوريين في تركيا، خاصة في قطاع الزراعة، وليس وحده، ففي السنوات الخمس الأخيرة، على وجه الخصوص، نشرت ما بين أربع إلى خمس تقارير، حول ظروف هؤلاء العمال وعائلاتهم، في دولة اللجوء، تركيا، التي تغزو سورية وتحتلها أجزاء من أراضيها، بزعم أنها تدعم الشعب السوري، بينما اجتياحها لسورية، كما هو حاليا في ليبيا، يدل على الأطماع الاقتصادية للنظام الأردوغاني العثماني، الذي ينهش أيضا الشعب التركي، الذي يئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية، والإهمال الصحي.

ونشرت اليوم شبكة "سكاي نيوز" تقريرًا عن وضعية العمال السوريين، وهذه الشبكة ليست مستقلة، ولها أجندتها المتقلبة، بحسب مصالح أصحابها السياسية، ولكن هذا التقرير ينضم، كما ذكر، لتقارير أخرى، مثل تقرير عالمي نشر قبل نحو عامين، عن استعباد العائلات السورية في مزارع البندق. 

وتنقل "سكاي نيوز" عن منظمات حقوقية إن أحوال العمال السوريين في تركيا بالغة السوء، إذ يتقاضون رواتب أقل كثيرًا من الحد الأدنى للأجور في تركيا، ولا يُسمح لهم بتشكيل تجمعات نقابية أو مهنية، ولا يتمتعون بعقود شرعية ونظامية تسمح لهم بمقاضاة الجهات المعتدية على حقوقهم.

وعاد ملف العمال السوريين في تركيا إلى الواجهة، بعدما هدد قادة في حزب الشعب الجمهوري المعارض بطرد اللاجئين السوريين حال وصولهم إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2023.

وما كان من ممثلي حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي يتزعمه الرئيس رجب طيب أردوغان، إلا أن وصفوا هذه التصريحات بـ "الفاشية"، مؤكدين حاجات تركيا الاقتصادية لهذا المستوى من العمالة الرخيصة الفاقدة للحقوق، وهو ما اعتبر دليلا على سياسة استغلال العمالة السورية أبشع استغلال.

وقال النائب عن حزب العدالة والتنمية في ولاية عنتاب الجنوبية محمد أوزهسكي: "من أين سنحصل على مثل هذا الفرصة الذهبية؟ إنهم مستعدون للعمل لمدة 16 ساعة في اليوم".

وأضاف أوزهسكي الذي يمثل محافظة تستقطب كثيرا من العمالة السورية: "ليس لهم حقوق، حتى لو تأخر كل شيء عنهم، بما في ذلك حوادث المهنة التي قد تعترضهم. إنهم يخدمون اقتصاد بلادنا".

 

تحالف ضد العمال السوريين

 

ومن جهة أخرى، قالت الناشطة الحقوقية التركية آيسل توغجان لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن هناك ما يشبه "التحالف" بين مختلف الجهات التركية لهضم حقوق العمال السوريين.

وأوضحت: "المنظمات الحقوقية المرتبطة بالحزب الحاكم أو المعارضة تتفق على إسكات أي شيء يتعلق حتى بالحقوق الإنسانية للعاملين السوريين، لذلك تصمت تماما عن كل ما ينتهك هؤلاء العمال".

وقالت الناشطة إن العمال السوريين يعانون بسبب "البنية القانونية في البلاد شديدة القومية، بمعنى أنها معادية للاجئين والعمال الأجانب، كذلك يستفيد رجال الأعمال والمتعهدون وحتى صغار المزارعين من هذا الظرف الملبي لمصالحهم الضيقة".

وتتابع: "المسألة سياسية بالدرجة الأولى، فمن المفترض أن تؤمّن حكومة العدالة والتنمية حقوق معقولة لهؤلاء العمال الذين تبتز الدول الغربية بشأن رعايتهم لها، لكنها فعليا تستغلهم لصالح الطبقات الصناعية والزراعية الموالية لها".

 

يتقاضون 25% من أجر العمال الأتراك

 

وتروي "سكاي نيوز" حكاية النجار السوري فرحان عباس الذي يرقد في مستشفى في ولاية ماردين جنوب شرقي تركيا، منذ اكثر من أسبوع، بعدما أصيب بكسور شديدة أثر سقوطه من الطابق الثالث في مبنى كان يعمل به.

ولا يتوقع الأطباء في المستشفى أن يتمكن فرحان من العودة إلى مهنته من جديد، خصوصا أنه يحتاج لأكثر من 10 عمليات جراحية خلال الشهور المقبلة.

ومما يزيد الطين بلة في قصة فرحان، أن المستشفيات الحكومية التركية لا تتكفل بهذه العلميات، ولا يملك العامل السوري حتى عُشر التكلفة التي تقدر بنحو نصف مليون ليرة تركية (60 ألف دولار).

ويقول النازح السوري لموقع "سكاي نيوز عربية" إنه يعمل نجارًا محترفًا في تركيا منذ 10 سنوات، تنقل خلالها مع عائلته على أكثر من 7 مناطق تركية. ويضيف أنه صادف الظروف نفسها في جميع المناطق، فأصحاب العقارات الأتراك يرفضون التعامل مع النجارين السوريين باعتبارهم محترفين، بل فقط كعمال بالأجرة اليومية.

وبحسب فرحان، يتقاضى النجار التركي أتعابه حسب الأمتار أو المساحة التي ينجزها، بحيث يكون متوسط مداخيلهم قرابة 7 آلاف ليرة تركية في الشهر (قرابة ألف دولار)، بينما لا يحصل النجارون السوريون إلا على مقابل يومي يتراوح بين 50 و70 ليرة.

وهذا يعني أن السوري يتقاضى ربع ما يتقاضاه التركي إذا عملا شهرا كاملا، ومن دون أي ضمانات بالالتزام بالدفع.

ويقول فرحان إن 3 متعهدين على الأقل "هضموا" أتعابه مدعين أن مشاريعهم فشلت، و"حينما أصبت أثناء العمل قيل أيام، لم يعوضني المتعهد إلا بألف ليرة فقط".

قصة فرحان تتشابه مع أحوال قرابة مليون عامل سوري في تركيا، يشتغلون في شتى القطاعات التي تحتاج جهدا بدنيا، خاصة في البناء والزراعة.

 

مزارع البندق

 

وكان تقرير عالمي سابق، قد سلّط الضوء على معاناة اللاجئين السوريين في مزارع البندق التركية، حيث يعملون في ظروف عمل قاسية من دون حماية قانونية حقيقية، ويتعرضون للنصب من قبل الوسطاء.

وقال التقرير إن حوالي 200 ألف سوري يعملون في قطاع الزراعة، لأنه لا يشترط على العاملين فيه امتلاك تصاريح عمل، وهو ما يلجأ إليه اللاجئون السوريون في تركيا لأن غالبيتهم لا يحصلون على هذه التصاريح اللازمة.

ويركز التقرير على وجه الخصوص على مزارع البندق في تركيا، التي تنتج حوالي 70% من إجمالي الإنتاج العالمي من البندق.

وتشتري غالبية البندق التركي شركات عالمية شهيرة مثل شركة "فيريرو" الإيطالية التي تنتج شكولاتة نوتيلا، وشركتي "نستلة" و"غوديفا" وغيرها.

لكن قوانين العمل التركية لا توفر الحماية القانونية لمنع عمالة الأطفال المنتشرة في هذه المزارع، ولا تضمن توفير الحد الأدنى من الأجور للعمالة الموسمية التي تتوافد على هذه المزارع، ومن بينها اللاجئون السوريون، الذين يتعرضون للنصب من قبل وكلاء التشغيل.

ويقول ذات التقرير، إن وسطاء التشغيل يضاعفون معاناة اللاجئين السوريين فهم غير خاضعين لرقابة حكومية حقيقة، ولا يعطون العمال الأجور المتفق عليها، وبعضهم يسرق أموالهم، ولا يوقعون معهم عقود عمل، لذلك لا يستطيع العمال مقاضاتهم. وأن بعض هؤلاء الوسطاء يدفعون المزارعين إلى الاقتراض منهم بهدف التحكم فيهم وضمان ولائهم.

وأشار التقرير أيضا إلى ساعات العمل الطويلة افي مزارع البندق لتي تصل إلى 12 ساعة يوميًا، من السابعة صباحا حتى السابعة مساء، والاضطرار إلى العمل سبعة أيام في الأسبوع. ويضطر العمال إلى جمع المحصول ووضعه في حقائب تزن الواحدة منها حوالي 50 كيلوغرام يضطرون لحملها في الجبال ونقلها إلى الشاحنات.

أخبار ذات صلة