news-details

إعلام التعتيم| امير مخول

التعتيم الاعلامي هو اعلام متكامل الاركان، واداة حرب متكاملة الاركان، ويخضع لسيطرة مطلقة للناطق العسكري وللرقابة المُحكمة، ويهدف الى امرين جوهريين، الاول موجه الى داخل المجتمع الاسرائيلي وغايته توفير المعلومات المعني بها كابينيت الحرب والجيش وحصريا ترميم الحالة المعنوية وخلق رواية معتمدة واحدة ولا مصادر لأحد لبلورة رواية مغايرة ولا يجرؤ أحد على بلورتها او دحض الرواية الرسمية، كما ويشكل نوعا من الدرع الاعلامية تجاه الجبهة الداخلية الاسرائيلية بهدف "حمايتها" من اية رواية دخيلة ومنافية ليصبح كل الاعلام الاسرائيلي خاضعا لحالة الطواريء واعلام حرب.

ضمان روايةٍ تقدَّم للرأي العام الدولي قائمة على إلزامية انصياعه لها، وتبرّر مدى استمرار الحرب بما فيها استهداف المدنيين جماعيا ومعهم المرافق الحياتية الانسانية ومن ضمنها المستشفيات ومدارس وكالة الغوث (الاونروا) التي تحولت الى نُزُل تأوي بما استطاعت عشرات الاف النازحين والمنازل التي تحولت الى ملاجيء لعشرات النازحين كل منها، وكذلك المخابز وتدمير كامل للبنية الحياتية لمليونين ونصف المليون فلسطيني.

يتجاهل الاعلام الرسمي ويلات الحرب ويتعاطى مع الدمار الشامل على انه اقرب الى صورة انتصار منه الى الدمار الشامل بحق المدنيين، وقد امكن ذلك بعد ان تمت المطابقة اسرائيلياً بين حماس وداعش والنازية وبين المدنيين والمرافق المدنية بحماس، ليصبح كل شيء مبرر.

فيما يخص التعتيتم على حيثيات الحرب على غزة بما فيه الخسائر البشرية فإن النهج الرسمي من الناطق العسكري هو اسرائيلياً، خلق حالة لا يمكن اعتماد غيرها حتى لدى من يشكّك بصدقيتها او لا يثق بها، وحصريا فيما يتعلق بالفجوة الهائلة بين رواية الاعلام العربي او الناطق باسم القسام بشأن عدد الاصابات بالجيش الاسرائيلي وبين ما يصدر عن الناطق العسكري في محصلة الارقام الصادرة عنه يوميا.

تجاه الفلسطينيين يشكل التعتيم الاعلامي الرسمي على مجريات الحرب، اداة للسعي الى تشويش القراءة الفلسطينية لغايات الحرب وتطوراتها التكتيكية. الا انه لا يتوقف عند هذا الحد بل ان دوره الجوهري هو هندسة سلوك الفلسطينيين وهندسة نفسية الاستسلام متماشيا مع العمليات العسكرية على الارض ودفعهم نحو النزوح وفقدان السيطرة على اي شيء. وهو ما اتضح من سياسة دفع السكان في غزة جنوبا كخيار وحيد قد يضمن لهم البقاء على قيد الحياة.

دوليا فإن أحد مبررات رفض النطاق العسكري الاسرائيلي لـ"هدنة انسانية" لثلاثة ايام مقابل اطلاق سراح عدد من رهائن في غزة، هو ان مثل هذه الهدنة ستتيح للاعلام العالمي الدخول الى غزة ليشكل تحديا لرواية اسرائيل، وينقل المشهد الى الراي العام والذي بات حالة ضاغطة على الحكومات.

مهما كان التعتيم الاعلامي قويا ومحكما فإنه بطبيعته مؤقت، خاصة امام التشظي السياسي الذي بدأ يسيطر على الاجواء، وأمام التحدي الاكبر وهو أن حملة عائلات الاسرى والرهائن الاسرائيليين في غزة باتت تتصدر جدول الاعمال الاسرائيلي وتشكك في أنّ الاجتياح البري يساعد في الوصول الى الرهائن بل قد يضعهم في مساحة الخطر المباشر.

 

في الصورة: سيارة اسعاف تعرضت للقصف على بوابة مستشفى الشفاء في غزة يوم 3 تشرين الثاني (شينخوا)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب