news-details

التَّحول والتَّوليد الدّلالي...

 

يُفْترض بالمفردة المكانيّة التي تُغيّر موقعها في السِّياق المكاني العام وتُبدّل استخدامها ووظائفها أن تكون مُتَّسمة بالقدرة على الاستجابة لتلك التحوّلات لتتمكّن من توليد عدد من الدَّلالات المختلفة تبعا للتغيّرات الطّارئة عليها...

نلمس هذا بوضوح في الدَّال المسرحي، حيث يُكْسِبُهُ ذلك خاصيّة التحوّل ليساير التَّعدّد الوظيفي له في المنظومة الدّلاليّة المكانيّة... وعليه، فعندما تُبدّل المكانيّة مواضعها وتتغيّر وظائفها تكشف عن خواصّها الأخرى الخفيّةالتي قد لا تتّضح باستخدام واحد لها... فالجدران الزّجاجيّة مثلّا يُمكن لها بتغيير موقعها أو تغيير مصدر الضَّوء المُوجَّه لها ان تكون مرايا أو نوافذ أو لوحات، أو سرابا أو مدارات فضائية... والحال نفسه مع أيّ من مفردات المكان التي يمكنها أن تتحوّل بأدائها الوظيفي.

طبعا، يكشف تحوّلها في كل مرّة عن خواص مُغايرة، فيمكن أن تتحوّل مثلّا من مُفْردة مكانيّة الى مفردة سمعيّة عندما تُصْدر أصواتا أو تكشف عن خصائص أخرى عندما تستجيب لمؤثّر خارجي يقوم به الضّوء على سبيل المثال، والمعروف أنَّ المكان المسرحي يُعتبر أخصب حقل فنّي لمثل تلك التحوّلات...

وقد سَمَّى المفكّر بنيويو براغ هذه المفردة المكانيّة بخاصية "التحوّل والتَّوليد الدَّلالي" التي كانت تُستعمل ليست "كترف دلالي" بل كضرورة مٌلِحَّة لمُسايرة الإنشاء العلاماتي للعرض المسرحي خاصّةً، لأنَّهُ يتميّز "باستخدامِهِ قائمة لامتناهية العدد من الدَّوال لتوليد عدد لا مُتناهٍ من الوحدات الثًّقافيّة، مِمّا يُكسِب الدَّال المسرحي قُدرةً توليديّةً فعَّالة تجعله يحمل دلالات لا حصر لها في أيّ لحظة من مجرى العَرض...

ولا يخفى بأنَّ هذه القُدرة على التحوّل والتَّوليد الدّلالي هي عنصر هام في تخصيب الحقل الدّلالي للمكان...

ومن الضَّروري في هذا الصّدد أنْ نضيف أنَّ هذا الثَّراء الدَّلالي للعلامة المكانيّة يوفّر أيضًا نوعا من الإختزال والتّكثيف في الإنشاء المكاني، كي تتأكّد حقيقة "كزم الفنّ" إدراكًا جماليًا للواقع...

وهكذا يتمكّن (الفنّ) من الإسهام بصورة فعّالة في تغيير عادات التلقّي خاصّة تلكَ التي تآلف معها المٌتفرّج فيُصبح استقبالُهُ لِما يشاهدهُ من عروض مختلفة استقبالًا تفاعليًا ايجابيّا، وليس استقبالًا سلبيًا يفتقر الى التَّفاعل والاندماج...

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب