news-details

الحساسيّة في الأدب

فَهْم حساسيّة الانسان موهبة... ولا نجانب الحقيقة إذا قلنا: إنّها التّعبير عن مشكلة الرّوح لدى الانسان!!!  وإذا أردنا توضيح القضيّة من خلال الأعمال الأدبيّة البارزة، نعود الى الكبيرين إبداعا رؤيويا، تولستوي ودوستويفسكي...

لنرى الأول يتناول الموضوع من خلال تركيزه على تباينات العالم الخارجي، مفصّلا ذلك عن: إعادة صياغة التّجربة النّفسيّة مع الذّات بوعي وإدراك يمكن تصوّره وتجسيده بصورة ملموسة...

في حين نرى دوستويفسكي، يُركّز على اكتشاف مصير الرّوح الإنسانيّة... لذلك لا يخفى على قارئهِ الرّائي أنّ ما كتبهُ يمكن اعتبارهُ حلّا لمشكلة واسعة من الأفكار، وقد توخّى أن تتحوّل كتاباتُهُ الى شفاعة من أجل الانسان ومصيره، طبعا!!! ليوصلهُ الى الإله، وبمعنى أدقّ الى المخلّص.

لذلك وفي خضمّ انحرافات الحياة، جاءَت شخصيّاته متقلّبة، غيرقادرة على التّحكّم بالمعنى المرجو من الحياة...

وهذا ما جعله في رواياته: المساكين والأخوة كارامازوف والجريمة والعقاب... يختار ويحدّد لكلّ شخصيّة موقفا، من منطلق: أنّ الكلمة هي موقف!!! فقد كان يمتحن شخصيّاته بطريقة مُعَدّة مسبقا، ولأنّ رموزه جاءَت فضائحيّة، نراه يمنح كلّ شخصيّة الظّرف لتنحرف وتسقط في الخطيئة... وعليه... تساوت عنده الأفعال والنّوايا، بمعنى: أنّ الإصرار على الخطأ لا يختلف عن ارتكابهِ...

وفي هذا، حَمّلَ الانسان مسؤولية الخطأ والخطيئة، حيث اعتبرها غير مُنْزلة من السَّماء، بل إفراز من الواقع الملوّث بالدنايا واللانقاء واللاطهارة... وجعل هذه الصورة تبرز في رموز شخصيّاته، التي جعلها تفضح إصرارها على ارتكاب الخطأ، ومن ثمَّ محاولتها التّهرّب من تحمّل المسؤوليّة، ممّا يؤدّي بالنّتيجة الى دخول الشخصيّة في صراع مع الحياة والذّات...

إذًا!!! ليس غريبا أن تأتي شخصيّات كاتبنا شخصيّات انتحاريّة فوضويّة عبثيّة وهو المعنى الذي تكلّم عنه كامو بعد نصف قرن...

وما أشْبَهَ الأمس باليوم، وأرجو أن لا يأتي الغد شبيها بشقيقيهِ، رافلا بالموبقات والخطايا والتّدمير والنّزعة الاستهلاكيّة والطغيان اللامحدود و و و...

وصباح الخير...

لِمَنْ لا يرى في ثورتنا الثّقافيّة حدثا خارجيّا بل يُذوّتها مَفْهوما فكريّا ومخاضا توصلنا ولادتُهُ الى رؤية الشَّرّ ليس سلوكا إجباريّا "مُنْزلا" علينا...

رشدي الماضي



 
أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب