news-details

بيروت| نبيل عويضة

بيروت

تلهثُ على أرصفة الحياة،                                            

تبكي

تحلم كما يحلم الشجر،

أن ينام على أغصانه

ضوء القمر،

أن لا يطول ليله،

أن يلقى

فجره وجه الشَّمس من جديد.

بيروت

اختلطَت معالمُها

تطايرَتْ بيوتها

أكل الدّمار احياءها

وامتلأت بأصوات الرحيل

سماؤها.

 

عروس تدفن حبيبها

تحت أرزةٍ خضراء تحترق.

بقع الدم تشبَّثَت بأرض

أصبحَت مقبرةً

بلا أسماء.

في بيروت

قواربُ الصَّيد المحطّمة

تبحث عن أصحابها،

أسماك ترفض الرّحيل

من الشِّباك،

وردةٌ تحمل لونها

تبحث عن حديقة،

دمعٌ يلهث خلف عيون

لاجئ يبحث عن خيمةٍ

مزّقها الموت،

مشرّدٌ يحمل حقيبةً

ينتظر الرحيل.

مخيمٌ يسكنه السكون،

ناي اختنقَ صوتُها

مع احتراق الشّجر.

وضجيجٌ يهزّ كل شيء.

 

اختنقَتِ السّماء

واختفت النّجوم،

رحل القمرُ خجلا لسقوط الحمام،

وكست غيوم سوداء وجه الأرض.                              

كل شيء ساكن لا يتحرّك.

مياه البحر صفحة من الوحل،

تغرق في ظلام عمقها

طيورُ البجع الزائرة.

 

بيروت

قطعة من سماء

تبكي جراحها،                                     

رحل الأحبة عن ثراها،

رحلوا ولم ترحل.

بيروت تلملم جراحها                    

تحت ضوء القمر.

صرخات الريح صمتت

تركت للصّمت الصراخ.

لم يكن للنّهر وقت للبكاء

توقف قليلا،

خانه الحزن.

لم يكن للأرز وقت للرثاء

فانحنى خشوعًا يبكي الجراح.

والليل خشي الحضور

فالموت ليلٌ طويل،

أصم، أبكم

مليء بالأحزان.

كأنَّ الاحياء لا تمشي الا

الى الموت.

خُلعت عنهم ملامحهم

صاروا غرباء لا يعرفون أنفسهم.    

أسماء تبحث عن أصحابها

على طرقات الرحيل.

هزمَت رياحُ الموت

البيوت

الأسواق

الميناء

وكل أبنية الفولاذ.

هزمت كل الأفراح والأغاني

والأناشيد

والرقص في الحارات،

هزمت حبال الغسيل على الشّرفات

هزمَت كلّ الضحكات.

هزمَت مقاعد الدّراسة

ولعب الأطفال.

هزمت كلّ شيء

إلا

حمام البيوت                            

وتغاريد الطيور

وبيروت.

 

(حيفا)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب