news-details

بين المفرد والجمع | سهيل عطاالله

لا هيبة لحروفٍ مُبعثرة حتى تتماسك في مفردات، ولا وقع لمفردات متباعدة إلا بعد انصهارها في تعابير أو جُمل متناغمة ولا حياة لهكذا عبارات إلا عند ولادتها على سرير نُصوصٍ يُخلدها التاريخ وكتابُ الروائع.

 

قصة الحروف والكلمات والعبارات تنسحب على حياتنا كعائلات وتجمعات.

 

في تبعثر أفراد العائلة تفقد العائلة بريقها ورونقها.. في تشرذم الشعوب في فصائل وأحزاب وطوائف ومذاهب تفقد الأمم ألقَها وهيبتها وعندها تتهاوى الهويات والانتماءات وتصبح لقمًا سائغة بين أنياب وفي أفواه الخصوم الحاقدين.

 

تأبى الرماح اذا اجتمعن تكسرًا

 

                                    واذا افترقن تكسّرت آحادا

 

أعود في هذا السياق الى قصة معروفة يصونها تراث العرب.. قصة عن المهلب بن أبي صفرة الذي يوم اشرافه على الوفاة استدعى أبناءَه السبعة وأمرهم بإحضار رماحهم مجتمعة طالبا أن، يكسروها، فلم يستطيعوا ذلك.

 

ثم قال لهم: فرِّقوها فكسروها دون عناء.. فقال: إنكم يا أبنائي مثل هذه الرماح. ما دُمتم مجتمعين لا ينال منكم الأعداء عرضًا. هذه القصة أمست حكمة شهيرة موَثقة في تراثنا العربي.

 

حكاية المهلب هذه تُذكرنا بحكاية الأسد الذي انفرد بالثيران الثلاثة يوم قبلوا بالمساومات المنفردة مع العدو طلبا للنجاة فكانت النتيجة هلاكَ جميعها فرادى واحدًا تلو الآخر.. نُشير هنا الى ما قاله ثالث الثيران قبل افتراسه: "أكلت يوم أُكل الثور الأبيض.." أي يوم شاركتُ في فصفصة لحم أخي.

 

نفقد هيبتنا في قبولنا سياسة (فرق تسد).. احذروا هكذا سياسة أيها العرب.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب