news-details

ثقوا بالعرب، سينقسمون من تلقاء انفسهم

// عودة بشارات

اربع سنوات كاملة صمدت الوحدة بين العرب والقوى الديمقراطية اليهودية – من كانون الثاني 2015، موعد تأسيس القائمة المشتركة، وحتى كانون الثاني 2019، موعد انسحاب الحركة العربية للتغيير، برئاسة النائب حمد الطيبي، منها. فهل هناك انجاز اكبر من ذلك؟

بعد بضعة عقود سيكتشف أحد المؤرخين النجباء أنه في الفترة التي ضربت فيها الانقسامات القاسية العالم العربي، نجحت مجموعة متميّزة من بينهم، مكوّنة من مليوني عربي في الاتحاد خلافا لكل التوقعات، وقاموا بتشكيل قائمة مشتركة. يمكن التنبؤ أن هذا المؤرخ العظيم، لكن المسكين، لن يفهم مهما بحث أسباب تفكك هذه الوحدة. فهو لن يصدّق أنه بسبب استطلاع واحد هدفه تحديد هوية الزعيم وعدد المقاعد لكل حزب، تفككت الوحدة. ها أنا الآن اسمع، ما قاله اميل حبيبي في زمن مضى- قهقهة التاريخ.

​ولذلك أعلن هنا بأسف ممزوج بتنفس الصعداء أن الكلمات الواردة في سفر الجامعة تشرح حالتنا: "مَا كَانَ فَهُوَ مَا يَكُونُ، وَالَّذِي صُنِعَ فَهُوَ الَّذِي يُصْنَعُ، فَلَيْسَ تَحْتَ الشَّمْسِ جَدِيدٌ". ولكن لماذا الآن أتنفس الصعداء؟ لأننا في هذه الاثناء قد تحررنا من قلق الحفاظ على الوحدة، فحينما تكون هناك وحدة، فالقلق على عدم تفككها هو مصدر لوجع رأس لا ينتهي. ولكن عندما لا تكون وحدة فان قواعد اللعب تتغير. الجميع أحرار في فعل ما يخطر ببالهم. وبالعربية العامية يقولون: "انقعر الدف وتفرق الخلان".

​لا اعرف الآن لما خطر ببالي ما كان يقوله لي والدي، رحمه الله، عندما كنت أحمل هموم العالم على كاهلي، بما في ذلك مصير الثورة في نيكاراغوا: "لا تكن رأسًا فالرأس كثير الأوجاع". الآن الطيبي يريد أن يكون رأسًا بسبب شعبيته. ولكن شعبيته لم تُصنع لأنه كان رأسًا، بل لأنه كان نجمًا إعلاميًا ، ففي كل مواجهة اعلامية كان يهزم ممثلي اليمين.

​بسبب هذه الصفة فان الطيبي يحظى بالشعبية. ومثل كل نجم فهو مبني أن يكون في قلب الاجماع، وأن يحظى بمحبة المجتمع العربي. ولكن اذا أصبح رأسًا، فستُلقى عليه أعباء كثيرة لا تجلب الشعبية، بل على العكس من ذلك: فكيف سيجمع قوى متناقضة تحت سقف واحد؟ كيف سيحسم في الأمور المختلف عليها؟ كيف سيمتص غضب الساخطين؟ للأسف دور النجم لا يشبه إطلاقًا دور الرأس.

​خلال السنوات الاربع التي هي 48 شهرًا وأكثر من 1400 يوم، جلب كل يوم فيها اشكالية وأحيانا اثنتين لعضو الكنيست ايمن عودة- رئيس القائمة، من قبل بعض اصدقائه المقربين الذين لم يتوقفوا عن العمل على زعزعة مكانته، ومن بعض شركائه في القائمة الذين جلبوا له وجع الرأس من خلال تصريح هنا وفعل هناك، وكأن الوحدة هي ليست أكثر من تغليف براق صُنع ليحوي كل التناقضات. وكان عليه، وهو الأصغر سنا من بين رفاقه، تحمل كل هذا العبء على كتفيه. وكأن هذا لا يكفي، فقد أُلقي عليه، خلافا للآخرين، تقديم تقرير لوسائل الاعلام العبرية الفاغرة فمها، يدافع فيها عن كل تصريح من قبل هذا النائب أو ذاك في القائمة المشتركة.

​رغم ذلك، فقد حملت القائمة المشتركة، لدى اقامتها ومن خلال أدائها، بشرى للجمهور الديمقراطي في اسرائيل، وبالذات من قبل عودة. لقد كانت تلك بشرى المصلحة المشتركة للشعبين، بأن ما هو جيد للعرب جيد لليهود ايضا. اليوم البشرى هي بشرى النجومية، فما هي أجندة النائب أحمد الطيبي سوى تحديد من هو الأكثر شعبية وبأية طريقة سيتم توزيع المقاعد؟

يتبين أن الموضة لدى اليهود التي تتجسد ببيني غانتس ويئير لبيد، رائجة لدى العرب أيضًا: نجوم بدون أجندة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب