news-details

الهدف: ارض اسرائيل الكاملة، الوسيلة: تفكيك الديمقراطية| شاؤول اريئيلي

*مجلس "ييشع" للمستوطنين يواصل قيادة حلم مسيحاني حتى بثمن فقدان الديمقراطية الاسرائيلية، التي هي بالنسبة له قد أنهت دورها*

 

في هذه الايام يحتفل مجلس "ييشع" بالذكرى الاربعين على تأسيسه على خلفية الخوف من تطبيق اتفاق الحكم الذاتي الذي تم التوقيع عليه بين اسرائيل ومصر في كامب ديفيد في 1978، وكاستمرار لحركة "غوش ايمونيم". جوهره والخطر الكامن فيه على النظام الديمقراطي في اسرائيل تم التعبير عنه في ميثاق المجلس الاساسي.

المجلس برئاسة يسرائيل هارئيل، انكر صلاحية المؤسسات المنتخبة للديمقراطية الاسرائيلية بالبت في قضية اعادة مناطق مقابل اتفاقات سلام. وقد ورد في الميثاق: "المجلس يرفض اقامة ادارة سيادية غير اسرائيلية في اجزاء من ارض اسرائيل... ويرى في كل اقتراح هدفه تسليم اجزاء من ارض اسرائيل لجهة سيادية اجنبية، عمل غير قانوني".

هذه المقاربة هي استمرار طبيعي لنظرية أبو غوش ايمونيم، الحاخام تسفي يهودا كوك. الذي قال "هذه البلاد هي لنا... وهي بكل حدودها التوراتية تعود للحكم الاسرائيلي". وبناء على ذلك اضاف للجرائم الثلاثة التي يجب أن لا يتم ارتكابها بأي حال من الاحوال، ايضا اعادة المناطق. في مقابلة مع "معاريف" في 1974 قال: "عن هذه البلاد، بكل حدودها... نحن مجبرون على أن ندافع حتى الموت وأن لا نقوم بتسليمها".

اجل، القيادة الاسرائيلية اعتبرت اعضاء غوش ايمونيم وموقفهم خطرا على الديمقراطية في اسرائيل. في العام 1979 كتب اسحق رابين عنهم في "مذكرات الخدمة": "مجموعة متوحشة مثل هذه تأخذ على عاتقها تفويض باسم الله... وكل ذلك بغطاء مقرف يتمثل بحب ارض اسرائيل، وتنطلق الى الشوارع بشكل فظ وتفرض الرعب والارهاب".

وعن غوش ايمونيم كتب: "رأيت في غوش ايمونيم ظاهرة خطيرة جدا، سرطان في جسد الديمقراطية الاسرائيلية". ومناحيم بيغن كتب في كانون الاول 1977: "لقد قلت ذات مرة في نقاش مع اعضاء غوش ايمونيم... يوجد لديكم نقطة ضعف واحدة وهي أنكم طورتم في اوساطكم عقدة مسيحانية".

ايضا البيت السياسي للصهيونية الدينية، المفدال، تم احتلاله من قبل اعضاء غوش ايمونيم. هم دفعوا المؤسسين المعتدلين الى الخارج ووضعوا ارض اسرائيل فوق شعب اسرائيل، ومنحوا توراة اسرائيل تفسير ميتافيزيقي، الذي بحسبه بدأت دقات الخلاص، لكنها مشروطة باحتلال البلاد وطرد الفلسطينيين منها.

وقد حولوا القومية الصهيونية الى قومية متطرفة مسيحانية، حتى أنهم ذهبوا أبعد من ذلك الى درجة تبني النظرية العنصرية لمئير كهانا. وعن ذلك قال رئيس المفدال يوسف بورغ في مقابلة مع "دافار" في ايلول 1994: "هم يضعون في المقام الاول كمال البلاد، ونسوا كمال الدولة، ونسوا كمال التوراة ونسوا كمال المعسكر. اذا كان يمكن عن طريق فكرة كمال البلاد الوصول بصورة فكرية الى كهانا فهذه تهمة كبيرة".

إن خطأ القادة المذكورين أعلاه، علمانيين ومتدينين، هو أنهم اعتقدوا بأنه يمكن الفصل بين الاستيطان الامني في غور الاردن وفي غلاف القدس "خطة الون" وبين الاستيطان المسيحاني في اراضي الضفة الغربية والسيطرة على الاستيطان المسيحاني طوال الوقت. هكذا، قال رابين في ولايته الاولى: "الى قلب الضفة الغربية، المأهولة بشكل مكتظ من قبل العرب، يجب علينا أن لا ندفع مستوطنين يهود... لا حاجة الى ذلك (توطين اليهود) ولا يوجد في ذلك تبرير من ناحية أمنية".

في حكومة ليفي اشكول، التي بدأت مشروع الاستيطان، عرفوا أنه يوجد نوعين ومنطقتين مرفوضتين للاستيطان. في برقية ارسلت من وزارة الخارجية الى السفير رابين في الولايات المتحدة في آذار 1968 كتب: "الخط الثابت لنا سيكون، وما زال، التملص من المناقشة مع جهات اجنبية حول الوضع في المناطق. واعتراف صريح من جانبنا بسريان ميثاق جنيف سيبرز مشاكل صعبة من ناحية الميثاق تجاه... الاستيطان وغيره".

جهاز الامن تعاون مع محاولة خداع العالم، الامر الذي اتضح فيما بعد كخداع للنفس. في برقية سرية ارسلها في 27 آذار 1967 شلومو غازيت، رئيس لجنة التنسيق السياسي والامني في المناطق، الى رئيس الاركان رابين بخصوص التمسك بغوش عصيون، كتب: "كغطاء لغاية المعركة السياسية، ستظهر البؤرة الاستيطانية للشبيبة الدينية على غوش عصيون كبؤرة استيطانية للناحل، الشبيبة الطلائعية المحاربة العسكرية.

توجيهات بالنسبة لذلك ستعطى للمستوطنين في المكان. لا توجد نية لاتخاذ خطوات فعلية من قبل الجيش الاسرائيلي، لتطبيق هذه "التغطية". هذه الخطوة صادق عليها ليفي اشكول، حتى أنه قال: "هذه الخراف ستتحول الى تيوس". ولم يعرف الى أي درجة كان صادقا. رؤساء مجلس "ييشع" لم يميزوا بين "فضاءات الامن"، التي حددتها الحكومة، وبين الضفة بمجملها.

ولم يولوا أي اهمية للمواثيق الدولية الملزمة أو لأي تعهدات اخرى، التي تناقض هدفهم بعيد المدى لـ "وراثة كل ارض اسرائيل"، الحاخام شلومو غورين، من رؤساء المعسكر قال: "ليس بقوة أي قانون وطني (قانون الكنيست) أو قانون دولي، أن يغير مكانتنا وحقوقنا... وحكم هذه المناطق حسب حكم التوراة هو ارض اسرائيل تحت حكم يهودي، ويوجد عليها جميعا سيادة، أملاك وملكية يهودية".

عندما قررت حكومة رابين في 1992 وقف بناء مستوطنات جديدة انتقل مجلس "ييشع" الى اقامة بؤر استيطانية غير قانونية بمساعدة لواء الاستيطان وميزانيات من وزارات حكومية مارقة. حتى عندما تعهد اعضاء المجلس باخلاء عدد من البؤر الاستيطانية باتفاق مع حكومة اهود باراك في 1999، لم يطبقوا ذلك في أي يوم من الايام.

الآن هم يسمونها بلغة مغسولة "استيطان شاب"، عن ذلك كتب في تقرير قاضي المحكمة العليا ادموند ليفي في العام 2012: "لقد ظهرت امام ناظرينا ظاهرة في موضوع الاستيطان الاسرائيلي في يهودا والسامرة لا تتناسب مع دولة تؤيد سلطة القانون... يجب على من يؤيدون الاستيطان وعلى المستوى السياسي أن يكون واضحا لهم بأنه يجب عليهم العمل في اطار القانون فقط. وعلى مؤسسات الدولة يقع واجب العمل في المستقبل بتصميم على تطبيق القانون".

مسيحانية اعضاء مجلس "ييشع" وانكار صلاحيات المؤسسات المنتخبة للديمقراطية الاسرائيلية لا تقف في الضفة. اضافة الى المحاولات المستمرة لخرق قانون الانفصال واعادة السيطرة على اراضي حومش وشانور في شمال السامرة، التي اخليت في 2005، من المهم النظر الى موقع "المجلس" في الانترنت كي نشاهد الاجابة على سؤال لماذا بقي الحرف "ع" في اسم المجلس؟ التفسير هو أن حرف "ع" الذي مثل الاستيطان اليهودي في قطاع غزة بقي وسيبقى، وليس بالصدفة... هذه العين التي تتطلع الى المستقبل، نحن بعون الله سنعود ونرى قيام غوش قطيف من الانقاض".

ايضا اليوم، عشية الانتخابات للكنيست، الاجابة المناسبة على مجلس "ييشع" وعلى من يؤيدونه في اوساط مرشحي اليمين لرئاسة الحكومة، بقيت وصية رابين: "ضد الرؤية الاساسية، التي تعارض الاساس الديمقراطي لاسرائيل، كان من الضروري شن حرب ايديولوجية، تكشف المعنى الحقيقي لمواقف هذه الكتلة وطرق عملها". وإلا سينتهي مصير دولة اسرائيل، كما توقع ييشعياهو لايفوفيتش، "الرؤية المسيحانية للحاخام كوك ستؤدي الى الانتقال من الانسانية عبر القومية الى الحيونة، وتحول شعب الله المختار الى شعب البلاد".

هآرتس- 19/2/2021

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب