news-details

انهيار في حالة انتظار: 5 استراتيجيات للخروج

القرارات التي تم اتخاذها في مرحلة مبكرة ساعدت على أن تسطح بدرجة ما منحنى الاصابة بالكورونا، لكن الرد المتأخر للمجتمع الاصولي يمكن أن يغير الصورة. وفي هيئة الامن القومي يفحصون خمس استراتيجيات للخروج من الازمة

 

الكورونا كما تبدو وتسمع الامور من اسرائيل ما زال هو الصوت الضبابي لرعد قادم، الذي ما زال ضرره محدود نسبيا. الازمة العالمية وجهت الانظار نحو الداخل، كل دولة لنفسها. الحل سيأتي في نهاية المطاف من التعاون الدولي – تطوير لقاح ضد الفيروس، ربما تطوير ادوية وشفافية في التقارير وسياسة منسقة. ولكن حتى الآن كل دولة تخوض حربها بشكل منفرد بدون انتظار مساعدة تأتي قريبا من الخارج.

بهذه المفاهيم فان الضرر الصحي للفيروس هنا لم يخرج عن السيطرة. نقطة الانهيار المحتملة والمدهشة لجهاز الصحة تم تأجيلها. قرارات مجدية تم اتخاذها في مرحلة مبكرة – حجر المصابين وقواعد البعد الاجتماعي، والاهم بشكل خاص الطلب من المسنين البقاء في البيوت – عملت على تسطيح منحنى العدوى ومنحتنا بضعة اسابيع ثمينة للانتظام. عدد الوفيات يزداد باستمرار، لكن اسرائيل لم تواجه حتى الآن ظروف يوجد فيها اغراق من جانب مصابين معرضين للاصابة بشكل خاص، مسنين، ذوي امراض مزمنة، تخلق عبء ثقيل جدا على المستشفيات والطواقم الطبية بصورة لا تمكن من تقديم علاج ناجع.

الكورونا في اسرائيل كما يبدو مختلف قليلا عن اخوته في اوروبا. توجد لاسرائيل افضليات معينة في مواجهة الفيروس مثل بوابة دخول رئيسية واحدة (مطار بن غوريون الذي هو في الحقيقة غير مراقب تماما) وسكان اكثر شبابا من اوروبا. ولكن عدد المصابين الذين تم تشخيصهم لا يعكس النسبة الحقيقية في اجمالي السكان، التي يمكن، حسب تقديرات مختلفة، أن تصل الى الضعفين أو أكثر. وهذا يرتبط بعدد الفحوصات اليومية الذي ما زال قليلا أو النسبة الهامة التي لا تزال غير معروفة بدقة للمصابين الذين لا تظهر عليهم الاعراض.

المعطى الحاسم هو نسبة من يخضعون للتنفس الاصطناعي من بين المرضى المشخصين، التي تبلغ في هذه الاثناء 1.3 في المئة – وهي نسبة منخفضة مقارنة مع العالم. ولكن هذا التحدي يمكن أن يظهر لاحقا، حيث أنه في اسرائيل ليس فقط تنقصنا اجهزة التنفس التي تبذل الآن جهود كبيرة في العالم لزيادة عددها، بل مطلوب ايضا ما يكفي من الطواقم التي تعرف كيفية تشغيلها.

رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يتفاخر بانجازاته. نسبة الوفيات في اسرائيل صحيح أنها منخفضة، أقل من 0.5 في المئة بين المرضى مقابل 6 – 11 في المئة في الدول الاوروبية التي اصيبت بصورة شديدة، بدء من بريطانيا وحتى اسبانيا وايطاليا. التخوف من الانزلاق الى النموذج الايطالي في اسرائيل في بداية شهر نيسان لم يتحقق حتى الآن. التركيز بناء على ذلك تم في اطفاء حرائق معينة، حيث المدن والاحياء الاصولية تقف على رأسها. 

وفي هذا الاسبوع، بتأخير قاتل، ظهر استيقاظ من قبل الحاخامات والسياسيين المتدينين. منذ يوم الاربعاء تم اخلاء شوارع بني براك والجيش دخل بالتدريج للقيام بوظيفة السلطات المحلية بهدف تقديم المساعدة. وقد كان هناك شيء رمزي في أن هذه الامور حدثت بشكل مواز لنشر التقرير المحزن عن وزير الصحة يعقوب ليتسمان وزوجته حافا اللذين اصيبا بالكورونا. وضرب الفيروس للبلدات الاصولية سيستمر في القاء ظلال ثقيلة على نضال اسرائيل ضد الكورونا.

أمس اسمع مدير عام صندوق المرضى مكابي، ران ساعر، تقدير يثير القشعريرة: عدد المصابين في بني براك يمكن أن يصل الى 75 ألف شخص. أي نحو 38 في المئة من سكان المدينة. واذا كان هذا التقدير قريب من الواقع حتى، فان كل الجهود التي بذلها الجمهور الاسرائيلي في الاسابيع الاخيرة سيذهب هباء بسبب الوضع في بني براك.

عشية عيد الفصح في الاسبوع القادم ستزداد المشكلة حدة بسبب التصادم المباشر بين الحذر المطلوب الآن وبين العادات الدينية المتجذرة منذ آلاف السنين. بعد نحو شهر المشكلة ستكرر نفسها في اوساط المسلمين في شهر رمضان. وفي مشاورات لدى نتنياهو فان الافتراض السائد هو أن ذروة العدوى في اسرائيل يتوقع أن تكون في شهر أيار. 

          

ماراثون الكورونا

إن مجابهة الكورونا ليست ركض سريع، بل هي ماراثون. الخوف كما صاغه آساف اوريون، من معهد بحوث الامن القومي، هو أنه من زيادة تركيز القيادة في اسرائيل على منع الوفاة بسبب الفيروس لا توازن بدرجة كافية قراراتها مع الاضرار الاقتصادية التي حدثت. "نحن نشبه طيار يركز على مقياس الارتفاع، لكن من شأنه أن يسير الى الامام ويصطدم بسفح جبل ويحطم طائرته"، قال اوريون للصحيفة. "لا يمكن النظر فقط الى عدد الوفيات. يجب أن نأخذ في الحسبان ايضا التداعيات الاقتصادية بعيدة المدى". 

حتى عيد الفصح لن يتم اعطاء أي تسهيلات في سياسة الاغلاق. ربما يتم تشديدها عشية ليلة الفصح لمنع اللقاءات في اطار العائلة الواسعة، خلافا لتوجيهات الحكومة للجمهور. ولكن بعد ذلك، ستأتي لحظة القرار: ماذا سنفعل مع الاقتصاد؟ اقتصاديون كثيرون مقتنعون بأن التشديدات الاخيرة ومنها خفض حجم العمل المسموح من 30 في المئة الى 15 في المئة في الشركات يتسبب بأضرار كبيرة اخرى بدون أن يخفض بالضرورة منحنى العدوى.

يتبلور تقريبا شبه اجماع: مطلوب فتح تدريجي لاقتصاد العمل، مع مواصلة حماية المجموعات السكانية المعرضة للاصابة (عمليا، أمر بمواصلة البقاء في البيوت) واجراء فحوصات لا تتوقف بهدف تشخيص بؤر الانتشار. البروفيسور امنون شعشوع، مؤسس شركة "موبيلاي" الذي قدم اقتراح في هذا الشأن لنتنياهو، يسمي الحل المطلوب "اغلاق عمودي" – تحرير المجموعة السكانية الاكثر شبابا للعمل بشروط مقيدة بهدف اخراج الاقتصاد من الركود.

اتخاذ قرارات خلال ازمات الامن القومي (الكورونا هو ازمة كهذه حتى لو لم يتم اطلاق أي رصاصة) هو موضوع ثمين وهو غير مخصص لذوي القلوب الضعيفة. ربما لاحقا سنكون حاجة الى اخذ مخاطرات محسوبة واكبر حتى في المجال الصحي. لو أن هذه كانت حرب تضرر فيها الاقتصاد الاسرائيلي بصورة شديدة جدا، والاقتصاد كله مهدد، لكان من المعقول أن الحكومة ستأخذ مخاطرات أكبر بكثير بهدف رفع التهديد.

في وثيقة صيغت هذا الاسبوع لصالح مجلس الامن القومي تم فحص خمسة بدائل لاستراتيجية خروج، حدد فيها موعد هدف لتغيير السياسة – 19 نيسان، اليوم الاول الذي سيأتي بعد العيد. البدائل ترسم نماذج متنافسة: تحرير تدريجي للقيود ("مثلما دخلنا هكذا نخرج")، تحرير حسب ورديات عمل (حيث المجموعة السكانية العاملة تنقسم الى قسمين)، تحرير على التوالي (اربعة ايام عمل وبعدها عشرة ايام اغلاق)، تحرير حسب العمر (تقسيم السكان الى ثلاث مجموعات) وادارة "اغلاق يتنفس"، الذي فيه يفرض اغلاق مجدد على مناطق تم فيها تشخيص انتشار العدوى. الوثيقة التي صيغت في مكتب شؤون الاستخبارات اوصت بالتحديد بمزيج من النماذج المختلفة. وكما تظهر الامور فان قرار نهائي ما زال بعيدا.

في النقاشات التي جرت في هذا الاسبوع في مكتب شؤون الاستخبارات استمر ضغط وزارة الصحة بدعم من مجلس الامن القومي ودعم ضمني لنتنياهو لصالح استمرار الاغلاق وحتى تعزيزه. في المقابل، بنك اسرائيل يدفع باتجاه تخفيف كبير، من خلال تبني كاسح لطرق متابعة تبدو وكأنها صيغت من قبل جورج اورويل، بذريعة أنه تمت تجربتها بنجاح في شرق آسيا.

المركب الناقص في السياسة، وبعد اكثر من شهر على تشخيص المصاب الاول في اسرائيل، ما زال يتعلق بالفحوصات. في مشاورات جرت في هذا الاسبوع تم الحديث عن زيادة عدد الفحوصات الى عشرة آلاف يوميا حتى أمس والى 30 ألف في الاسبوع القادم. ومن غير الواضح اذا كانت الدولة ستطبق الجدول الزمني المحدد. في المقابل، توجد اختراقات مفاهيمية مختلفة يمكن أن تمكن من ارتفاع كبير الى عدد اكبر، ربما خلال الشهر الحالي. 

القصد هو أن تكون الافضلية في الفحص لثلاث مجموعات سكانية: من ظهر أنهم تعرضوا للفيروس مع التشديد على المجموعات السكانية الاكثر تعرض للاصابة ومن يقدمون الخدمات الذين تخالطوا مع اعداد كبيرة في اوساط السكان ومن يعملون في الوظائف الحيوية في جهاز الصحة والاقتصاد.

ولكن كل ذلك ما زال خطط على الورق. في هذه الاثناء يبدو أن تحليل الفحوصات ما زال بطيئا ويوجد نقص كبير في المعلومات التي يمكن أن تساعد على بلورة سياسة صحيحة. اضافة الى زيادة فحوصات الـ بي.سي.آر لتشخيص المصابين فان الدولة لا تزال غير جاهزة لاجراء فحوصات تتعلق بالامصال من اجل العثور على مضادات في الدم، التي هدفها اكتشاف المصابين الذين لم يتم فحصهم بعد ولم تظهر عليهم اعراض وطوروا درجة من الحصانة ضد الفيروس. هذا مركب حيوي في القرارات بشأن الخروج من الاغلاق، لكنه لم يتم ترتيبه بعد ولم يتم بعد استخدام نظام فحوصات واسع لهذا الغرض.

          

مركزية وغيرها

نتنياهو دخل أمس للمرة الثانية في هذا الاسبوع الى الحجر، هذه المرة لستة ايام بسبب اصابة ليتسمان. ومثله ايضا فرض الحجر على عدد من كبار جهاز الصحة وجهاز الامن. هذا خلل كان يمكن منعه لو أنه تم تقليص الجلوس الجسدي في مكان واحد واستبدل بالتشاور عن بعد. 

مشاركون في النقاشات يواصلون التحدث عن منحنيين متناقضين: مركزية ولامركزية. القرارات تتخذ من قبل رئيس الحكومة ومدير عام وزارة الصحة ورئيس مجلس الامن القومي، حيث لا يوجد لاغلبية الوزراء أي تأثير حقيقي عليها. ومن حولهم الضجة التنظيمية كبيرة. ليس هناك حتى الآن أي شيء يذكر بعمل منظم ومخطط في اطار مواجهة الازمة. جدول الاعمال اليومي للحكومة بعيد جدا عن الافق الذي فيه الجيش، مثلا، يواجه حرب.

التركيز على عدد الوفيات الذي اشار اليه اوريون يثير الشك بأنه بهدف الحفاظ على الانجاز النسبي، سيتضرر الاقتصاد اكثر. في الخلفية تقف شخصية نتنياهو نفسه. جزء غير قليل من الجمهور لا يثق باعتباراته ودوافعه. أول أمس قبل ظهور آخر دراماتيكي واعلان عن قيود حركة جديدة، نشر نبأ لا يصدق من قبل المسؤول عن كحول لفان: الطرفان ناقشا اقامة مقر رسمي ايضا للقائم بأعمال رئيس الحكومة. في دولة فيها عدد العاطلين عن العمل تجاوز المليون شخص، هذا دليل على الانغلاق بحد ذاته.

في هذه الاشياء مر اسبوعين تقريبا منذ دعوة نتنياهو لبني غانتس الى الدخول الى حكومة الوحدة باسم محاربة الكورونا. الخلافات في الرأي بين الطرفين على طريقة توزيع الحقائب تدل على أن شعور الاستعجال لم يكن تماما أصيل. يبدو أن هناك صلة وثيقة بين القرارات التي تسقط على الجمهور في اطار محاربة الفيروس وبين اعتبارات نتنياهو في خلق اجواء تناسب حاجاته في المفاوضات.

نقاشات لجنة الكورونا في الكنيست برئاسة عضو الكنيست عوفر شيلح (يوجد مستقبل) تكشف صورة تكمل التسريبات من الحكومة. من الجلسات يظهر ضعف وزارة الصحة وعجز الوزير المسؤول والأداء المعيب لوزارات حكومية اخرى. سلطة الطوارئ الوطنية تقريبا لا توجد في الصورة. الازمة تكشف أنها بصعوبة استعدت لسيناريو صحي لا يرتبط بالحرب واطلاق الصواريخ على الجبهة الداخلية. ولأن الحرب في الجبهة الداخلية كانت تتسبب باكتظاظ كبير في المستشفيات فان السؤال هو هل اسرائيل مرة اخرى لم تكن لتفشل بسبب نفس الحلقة الضعيفة.

السياسة تمس كل شيء، والاهم من كل ذلك، الفساد. عندما سيتعافى ليتسمان، على أمل أن يفعل نتنياهو الخطوة المطلوبة ويستبدله بوزير آخر في الحكومة القادمة، سيكون هناك مجال لفحص نشاطاته في وزارة الصحة التي شملت مساعدة كبيرة لحاخامات ورجال حراسة متماهين معه. حتى هذا الاسبوع عندما طلب من وزارة الأمن اعداد المستشفيات لاستيعاب مصابين كان من المستعجل اخراجهم من بني براك، ثار الشك حول توصية معينة لمقربين. في الوزارة طلبوا توجيه مفصل من مجلس الامن القومي من اجل أن يكونوا مغطين. 

 

من الذي يقرر؟

في هذه الدراما، الازمة المعقدة اذا لم تكن الاصعب التي واجهتها اسرائيل طوال حياتها، فان الجيش ما زال ينظر الى الامر قليلا من الخارج. وزير الأمن نفتالي بينيت غارق كله في الازمة، وينجح في اثارة غضب نتنياهو وكبار رجال وزارة الصحة بطرح افكار اصلية واختراق مستمر لمجالات ليست له. وبينيت ما زال يكشف مرة تلو الاخرى الجهاز كم هو ثقيل ومرهق. 

هذا ما كان أول أمس بعد تقرير عماليا دواك في القناة 12 عن الاهمال في مطار بن غوريون الذي مكن آلاف العائدين من الخارج من الوصول الى البلاد دون الزامهم بالحجر. هذا الخلل سرعان ما انزلق الى تبادل اتهامات فظة بين نتنياهو وبينيت.

الجيش دخل بالتدريج الى الصورة بواسطة الجبهة الداخلية وقسم التكنولوجيا واللوجستيكا والاستخبارات العسكرية. ولكنه بعيد عن موقع القيادة. مع الاخذ في الاعتبار حقيقة أن هذا هو الاسم الوحيد في الدولة القادر على تفعيل نظام لوجستي ضخم، الى جانب قوة بشرية بأحجام كبيرة (الذي بكونه شاب، هو ايضا اقل تعرضا لاضرار الفيروس)، دور الجيش ما زال محدود نسبيا. من المعقول أن دوره سيوسع كلما تعقدت الامور.

في الخلفية تتطور توترات متبادلة، صراعات على الصلاحيات، وحسد من ينسب اليه الفضل. ليس فقط بين نتنياهو وبينيت، بل بين الاقسام الامنية المختلفة. وسائل الاعلام مليئة بالمقالات المثيرة عن غرفة العمليات المشتركة لجهاز الامن، التي تعمل في تل هشومير. ولكن فعليا لم يتم وضع تدرج صلاحيات ملزم. الجيش يخضع مباشرة لوزير الأمن، والموساد يخضع لرئيس الحكومة. من الذي يقرر؟ هذا غير واضح. وربما يكون هذا هو ما يفضله نتنياهو بالضبط.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب