news-details

شعلة تحذير | عميرة هاس

لا تتعاملوا مع المشاغبين وكأنهم متدينين قوميين أو مجانين أو رعاع لا علاقة له بنا، نحن الاسرائيليون المهذبون الذين نؤيد سلطة القانون

"عندما تسمع نداءات مثل "سيتم إحراق قريتكم"، هل هذا يمثلك؟"، سأل مراسل "كان"، سليمان مسودة، فتاة شاركت في اعمال شغب لاهفاه في مركز مدينة القدس يوم الخميس. في حين كان ملصق "كهانا حي" موجود على صدرها اجابت: "ربما ليس بهذا الشكل. أنا لا اقول إنه سيتم احراقها أو غادروا القرية، نحن سنعيش فيها". اليكم جواب يلخص تاريخنا: لا يجب علينا أن نحرق، يكفي أن نطرد الفلسطينيين، وبعد ذلك أن نستوطن بيوتهم.

اعضاء لاهفاه ليسوا وحدهم في المعركة. منذ بداية شهر رمضان وشرطة اسرائيل تخلق الاستفزاز عندما اغلقت الساحة التي توجد في باب العامود أمام المسلمين الفلسطينيين، بالذريعة البائسة التي تتمثل بتسهيل مرور المصلين. هذا لم يحدث قبل الكورونا عندما كان عدد المصلين أكبر بكثير. فما الذي حدث الآن؟ سواء جاء الاستفزاز نتيجة الغباء أو أنه كان متعمد من اجل تدمير اجواء الوجود معا في شهر رمضان. 

يجب رؤية ذلك في السياق الاوسع، كما كتبت يهوديت اوفنهايمر وافيف تترسكي من "عير عاميم" في موقع "محادثة محلية": "من يتابعون ما يجري في القدس في السنتين الاخيرتين يمكنهم تمييز وجود خط مباشر بين التنكيل الذي لا يتوقف للشرطة في العيسوية وبين ما يحدث مؤخرا في منطقة باب العامود. القاسم المشترك بين الامرين هو ترسيم منطقة فيها تجري حياة فلسطينية نشطة، دخول اليها بقوات شرطية كبيرة وسعي لا يتوقف للاحتكاك على طول فترة لا تظهر نهايتها.

"... لماذا بالذات في هذا المكان اعلنت شرطة اسرائيل حظر التجول"، سألت اوفنهايمر وتترسكي، ويجيبان: الرسالة التي تظهر من هذا هي هل تريدون عيد، تفضلوا، احتفلوا بالعيد في البيت وخلف الجدران والباب. 

اضواء العيد تحلق تضيء فوق باب العامود مثل كل سنة، لكن ميدان المدينة فارغ، جريح وينزف والبلدية التي علقت الاضواء تكم الافواه: الشرطة تبتدع "بينات" عن احتكاك لا ينقطع مع السكان الفلسطينيين. في نهاية المطاف، اذا لم يكن بالقوة فبالقوة الزائدة، يتم قبول الصور الصعبة التي بدورها تبرر استخدام القوة وابعاد آخر للفلسطينيين عن فضائهم العام".

مثلما توجد علاقة بين تنكيل الشرطة في العيسوية والتنكيل في باب العامود، توجد علاقة بين الاستعراضات الشريرة التي تظهر السيادة لليمين في مركز القدس وفي البلدة القديمة وبين هجمات المستوطنين في ارجاء الضفة الغربية (تم الابلاغ عن مهاجمة اخرى اثناء كتابة هذه السطور في يوم السبت: اسرائيليون خرجوا من حفات معون وقاموا بمهاجمة مزارعين من قرية التواني الذين كانوا يفلحون اراضيهم. وحسب معلومات اولية، اصيب فلسطينيان ونشطاء من حركة "تعايش" كانوا يرافقونهم).

لاهفاه والشباب المتحمسون الذين يستجيبون لصراخها، هم أحد الاذرع المخصخصة للدولة وبلدية القدس والشرطة في تنفيذ سياستها من اجل اخفاء الفلسطينيين من الفضاء العام، بالضبط مثلما زعران التلال هم ذراع مخصخصة لتنفيذ سياسة الحكومة في زج الفلسطينيين في الجيوب المكتظة والسيطرة على معظم الفضاء في الضفة الغربية. جمعيات يمينية تلتهم العقارات مع تطلعات دينية (مسيحانية مثل رغافيم وأمانة والعاد وعطيرت كوهنيم وعدكان، هي اذرع اخرى غير حكومية، لها موارد مالية مثيرة للانطباع، وتقدم الدعم لمؤسسات الحكومة والسياسة الصهيونية الثابتة. الأم هي حركة غوش ايمونيم ونسختها "مجلس يشع".

العنف الخاص، المسيحاني والمنفلت العقال، الذي خلال عشرات السنين يواجه بعين مغلقة وعين تغمز من جانب سلطات انفاذ القانون، هي عامل حيوي في عدوانية الدولة الاكثر يهودية في العالم، التي بصورة ديمقراطية كليا (أي بأصوات معظم اليهود) تعمل على محو ماضي، حاضر ومستقبل الشعب الفلسطيني في هذه الارض. 

وشهية هؤلاء المساغبين، كتائب اليمين القومي المتطرف في القدس وفي جنوب جبل الخليل زادت مع كل قرار لقاض يسمح بسيطرة جمعية يمينية على حي فلسطيني مثل الشيخ جراح وسلوان. أي مهاجمة لفلاح في ارضه على أيدي اسرائيليين يخرجون من حفات معون أو يتسهار، ولا يتم التحقيق فيها، كل تصريح يعطى للادارة المدنية بالاعلان عن اراض فلسطينية كأراضي دولة وتخصيصها لمستوطنة أو بؤرة استيطانية مجاورة.

الاخفاء من الفضاء العام والزج في جيوب يمكن أن يظهر كمقدمة لطرد جماعي آخر للفلسطينيين من الفضاء. هذه جريمة ضد الانسانية، التي في السابق دعا اليها يهود متدينون مثل مئير كهانا، ويهود علمانيون مثل رحبعام زئيفي. والآن يعود ورثتهم اليهود المتدينون القوميون، بتسلئيل سموتريتش وايتمار بن غفير، الى طرحها بأغلفة مختلفة. 

لا تتعاملوا مع المشاغبين على أنهم حريديم قوميين أو حريديم هستيريين. رعاع لا علاقة له بنا. نحن الاسرائيليون المهذبون الذين يؤيدون سلطة القانون. المشاغبون يتعززون ويزدادون لأن الاسرائيليين الذين يعتبرون انفسهم "وسط" عقلاني (احزابه هي "العمل" و"ازرق ابيض" و"يوجد مستقبل")، عاشوا ويعيشون بسلام مع اعمال الرعب هذه للحكومات وتوابعها الخاصة التي يتم تعزيزها. 

ربما فقط اذا قام اصدقاء اسرائيل، في اوروبا والولايات المتحدة، بتحذير اسرائيل بسبب سياستها ومارسوا ضدها عقوبات، فسيستيقظ "الوسط" الاسرائيلي وسيتوقف عن الصمت، وعدم المبالاة والوقوف جانبا أو يؤيد.

عميرة هاس

هآرتس- 25/4/2021

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب