news-details

قطر بارعة بتعاونها مع "الأخيار" و"الاشرار"

*كدولة صغيرة، غنية وجارة لدول كبرى متعادية (ايران والسعودية)، فان قطر تحاول أن تضمن مصالحها عن طريق اللعب في نفس الوقت في جانبي الملعب – مع "الاخيار" (بما في ذلك الولايات المتحدة واسرائيل) ومع "الاشرار"*

 

خلال جهود التحولات التاريخية لاسرائيل من اجل تطبيع علاقاتها مع العالم العربي، يطرح من حين الى آخر اسم قطر كهدف اسرائيلي للمغازلة. ولكن عندما يدور الحديث عن هذه الدولة يجدر بنا التوقف والتفكير، حيث أنه تحت العسل القطري يوجد عش للدبابير.

كدولة صغيرة، غنية وجارة لدول كبرى متعادية (ايران والسعودية)، فإن قطر تحاول أن تضمن مصالحها عن طريق اللعب في نفس الوقت في جانبي الملعب: مع "الاخيار" (بما في ذلك الولايات المتحدة واسرائيل) ومع "الاشرار".

الدولة تستضيف قاعدة لسلاح الجو الامريكي، هي الاكبر في الشرق الاوسط (العديد) وتشتري سلاح امريكي، وتساعد الولايات المتحدة في حربها ضد التنظيمات الجهادية في المنطقة، وفي نفس الوقت تستضيف قاعدة عسكرية تركية وتغازل ايران وتمنح رعايتها لقناة "الجزيرة" التي تبث سموم ضد امريكا وضد اسرائيل. عن طريق التعاون مع "الاخيار" فإن قطر تقوم بصورة بارعة بتبييض تعاونها مع الاشرار.

قطر هي دولة مهمة بالنسبة لاسرائيل، بالاساس بسبب كونها العامل الاقليمي الوحيد الذي يستثمر في السنوات الاخيرة اموال طائلة من اجل استقرار الوضع في قطاع غزة. لهذا هي ساهمت في منع اندلاع مواجهة عسكرية كبيرة منذ عملية الجرف الصامد في العام 2014. ويجب علينا عدم تجاهل أنه لا يوجد في المدى المنظور بديل متاح للأموال القطرية.

هنا تكمن المشكلة، المال القطري لا يمكن أن يقدم أي حل دائم لقطاع غزة، وللتطبيع مع قطر توجد اثمان محتملة هامة في سياق أوسع بكثير. أولا، يجب الاخذ في الحسبان دعمها لجهات معادية لاسرائيل. باختصار، منذ سنوات تشكل العنصر الداعم الخارجي الاساسي لحركة حماس؛ وهناك شهادات مقنعة للتعاون الهادئ لها مع منظمة حزب الله.

قطر هي التي موّلت مجموعة المحامين الدوليين باهظة الثمن التي استأجرتها السلطة الفلسطينية من اجل مقاضاة اسرائيل في محكمة الجنايات الدولية في لاهاي بسبب "جرائم الحرب" (بما في ذلك في غزة، وهي ساحة التعاون بين قطر واسرائيل)؛ وقطر ايضا تمنح استضافة دافئة لعزمي بشارة، عضو الكنيست السابق الذي اتهم من قبل اسرائيل بالتجسس لصالح حزب الله، والآن هو مستشار للقيادة القطرية.

على الصعيد الاقليمي، قطر انضمت في السنوات الاخيرة لرجب طيب اردوغان وطموحاته الكبيرة لتأسيس محور رعاية نشط للاسلام السياسي، وممثله الرئيسي حركة الاخوان المسلمين وحماس، وفي تحدي الدور القيادي لمصر والسعودية في المنطقة. كما أن قطر تشكل قاعدة دعم للتيارات المتطرفة في الاسلام السني التي تحارب التوجهات الهامة من اجل التخفيف من غلوائه.

ليس صدفة أن هذه الدولة كانت قشة في عيون لاعبين مركزيين مثل مصر والسعودية والامارات، التي تفرض عليها مقاطعة منذ 2017 بسبب دعمها للارهاب الإسلامي، وتشجيع السعي لتقويض حكمها واقامة علاقات مثيرة للقلق مع ايران. إن تطبيع العلاقات بين اسرائيل وقطر، طالما أن هؤلاء اللاعبين في حالة نزاع نشط مع قطر، من شأنه المس بالعلاقات الاسرائيلية معهم والمس بفرص تحسين علاقاتها مع دول اخرى في المنطقة أهم من قطر وعلى رأسها السعودية.

يبدو أن قطر تربط تطبيع العلاقات بالتقدم في حل المسألة الفلسطينية، ومن الارجح ايضا بالحصول على مقابل امريكي. على كل الاحوال، رغم القيمة التي توجد في التقارب مع لاعب مؤيد للاسلام ذو امكانيات، يجب على اسرائيل أن لا تسمح بالتبييض ولو حتى ظاهريا، للسجل القطري السلبي عن طريق هذه الخطوة.

يجب على اسرائيل أن تضع امام قطر شروط واضحة اساسها وقف نشاطاتها المعادية، وبالتشاور مع الادارة الجديدة في واشنطن يجب ربط الامتيازات الامريكية لقطر (التي على أي حال يجب أن لا تشمل طائرات اف35) بتحقيق هذه الشروط، وإلا يفضل ابقاء العلاقات في اطارها المحدود مثلما هي اليوم، بدون العسل وبدون لسع التطبيع.

هآرتس- 23/11/2020

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب