news-details

من حسن الحظ أنني لست راعي أغنام سوري| ميخائيل سفارد

 *احتمالية أن اسرائيل تعتقل اشخاص من اجل استخدامهم كورقة مساومة هي احتمالية مرعبة. وهو عمل يناسب عصابات الجريمة*

 

من حسن الحظ أنني لست راعي اغنام سوري يعيش بالقرب من الحدود مع دولة اسرائيل. لأنه لو كنت راعي اغنام سوري في هضبة الجولان لربما لم أكن لأعود الى البيت في نهاية يوم عملي. ربما كنت سأخرج مع الاغنام في الصباح من القرية، وفي الوقت الذي كنت سأجلس فيه على صخرة وأعزف على الشبابة (اذا كان ذلك ما زال من مقتضيات المهنة) فإن مندوبي الدولة العظى في الشرق الاوسط كانوا، حسب اقوال المراسل العسكري لـ "اخبار 13"، اور هيلر، كانوا "سيقطفوني" وكأنني زهرة. القصد لمن لم يفهم، كانوا سيقومون باعتقالي ونقلي الى احد المعتقلات في اسرائيل.

أي أنا لست مجرد زهرة، بل زهرة غير محمية. زوجتي وأولادي لم يكونوا ليفهموا لماذا لم يرجع والدهم الى البيت لتناول وجبة العشاء، وكانوا سيقلقون. أو ربما لا. ربما أنهم اصبحوا معتادين. وربما هذه مخاطرة معروفة من اخطار المهنة في هذه المنطقة. نقاشو الحجارة يخاطرون بالاصابة بأمراض التنفس والرعاة يخاطرون بالاعتقال في اسرائيل. بعد ذلك، ربما عائلتي رأت أنني لم أعد، وقال الكبير للصغير "مرة اخرى، الجيش الاسرائيلي قام بقطف والدنا".

في قضية المواطنة الاسرائيلية التي اجتازت بمبادرتها الحدود السورية وتمت اعادة في نهاية الاسبوع في اطار صفقة شملت راعيين سوريين واصدار العفو عن ناشطة درزية من هضبة الجولان واعطاء مئات آلاف لقاحات "سبوتنيك"، حسب مصادر اجنبية، كل ذلك أخفى ممارسة، نحن مواطنو اسرائيل لا نعرف عنها أي شيء. واذا حكمنا على الامور حسب وسائل الاعلام الاسرائيلية - فهي لا تعنينا أبدا.

هناك احتمالان. الاول هو أن رعاة الاغنام اعتقلوا دون أي علاقة باحتجاز الفتاة الاسرائيلية في سورية. ولكن اذا كان الامر هكذا فلماذا لم يتم اطلاق سراحهما؟ قال المتذاكون. لأن اجتياز الحدود بدون تصريح يعتبر جريمة. حسنا، اذا في هذه الحالة نحن لا نستطيع الاحتجاج امام السوريين على اعتقال الفتاة الاسرائيلية. اضافة الى أنه بالصدفة اجتياز الحدود تم بالخطأ، فانه ليس من المؤكد أن الامر يتعلق بجريمة.

وعلى أي حال، دولة سليمة يجب عليها اعادة اشخاص كهؤلاء الى دولتهم. آخرون قالوا إن الامر لا يتعلق برعاة اغنام ساذجين، بل بأشخاص يقومون بجمع المعلومات الاستخبارية لصالح النظام السوري. واذا كان الامر كذلك فلماذا تحتفل الصحف في اسرائيل بالثمن الهامشي و"المنخفض" الذي دفعته اسرائيل مقابل مواطنتنا؟ جاسوسان سوريةن مقابل فتاة اسرائيلية عادية، أليس هذا ثمن منخفض؟

الاحتمال الثاني هو أن الرعاة اعتقلوا كي يكونوا ورقة مساومة. هذا الاحتمال الذي تحدث عنه هيلر، وهو أن اسرائيل تجمع في جعبتها رعاة اغنام وكأنهم كانوا أحد الاصول في لعبة الواقع الافتراضي، هو أمر فظيع. اعتقال اشخاص لغرض المساومة هو عملية تناسب عصابات الجريمة التي تتعامل مع الاشخاص على أنهم اصول قابلة للبيع. هذه العملية تجرد المخطوفين من انسانيتهم وتحول الخاطفين الى تجار بالبشر.

اذا لم يجتث جهاز الامن، الذي ارتكب جرائم اختطاف كهذه في السابق، في القضية المعروفة بأوراق المساومة في لبنان (التي انتهت بقرار من المحكمة العليا باطلاق سراحهم)، أن يجتث هذه الممارسة من الجذور، فهو سيتورط بعمل جنائي خطير يجب عدم المرور عليه مر الكرام. اصطياد البشر هو عمل غير انساني بشكل واضح، سواء كان اصطياد جنسي أو اصطياد أمني.

كيف نعرف ما هي الحقيقة في هذه القضية؟ الطريقة الوحيدة لمعرفة ذلك هي أن يبدأ المراسلون بتوجيه الاسئلة وتقديم اجابات للجمهور. ملاحظة في هامش التقرير عن "قطف" رعاة غير كافية. فهي تختزل القصة بقصة قصيرة لها طابع كوميدي. نحن بحاجة الى معلومات كاملة عن الطريقة التي وصل فيها رعاة الاغنام السوريين الى أيدي الجيش الاسرائيلي: من قام باتخاذ القرار، من صادق عليه، هل الحديث يدور عن ممارسة شائعة، كم هو عدد المواطنين الاجانب الآخرين الذين قمنا "بقطفهم"، وربما هم يمكثون حتى الآن في المعتقل الاسرائيلي. بالمناسبة، لن يضر لو ابلغونا ما الذي فعلوه بالاغنام التي فقدت راعيها. ولكن هذا للمتقدمين.

هآرتس- 23/2/2021

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب