news-details

منتدى الكارثة والانتخابات الاميركية زينة مثالية لضم الغور

 

*في الخريطة السياسية الحالية توجد اغلبية صلبة تؤيد ضم الغور. ويمكن التقدير بأن اسرائيل تسير نحو الضم. وإذا قام نتنياهو بفرض القانون الاسرائيلي في غور الاردن أو فقط حرك هذه العملية فهو سيسجل لنفسه الانجاز الاكبر في ولايته*

 

عندما أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن نيته ضم غور الاردن في الاسبوع الذي سبق انتخابات ايلول، تم اعتبار تصريحه هذا خدعة اللحظة الاخيرة لحرف النقاش العام عن لوائح الاتهام المتوقعة ضده، وقطعة حلوى لاغراء مصوتين من اليمين المتدين، كي يتركوا قائمة "يمينا" ولينتقلوا لليكود. نتنياهو عرض في الحقيقة خريطة للمنطقة التي سيتم ضمها، لكن الخطة لم تثر تقريبا أي نقاش عام، أو أي رد دولي، وابتلعت في ضجة الانتخابات.

حملة ذهبت وحملة جاءت، ونتنياهو بقي يتمسك كعادته بالرسالة: دعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب يمنح اسرائيل فرصة نادرة لضم الغور، لذلك يجب الابقاء على رئيس الحكومة المقرب من البيت الابيض ومن الحزب الجمهوري، في السلطة. الاستطلاعات لم تتأثر في هذه الاثناء، وما زالت كتلة اليمين برئاسة نتنياهو تنقصها الاغلبية المطلوبة لانقاذ رئيس الحكومة من المحاكمة. مع ذلك، نجح نتنياهو في أن يغرس الفكرة في وعي الجمهور.

في هذا الأسبوع، منح منتدى الكارثة الدولي الذي يعقد في القدس، الفرصة لتصعد من جديد فكرة الضم الى العناوين من خلال المعرفة بأن الزعماء الكثيرين الذين جاءوا لاحياء ذكرى الملايين الستة، لن يخربوا الحدث بانتقادهم لشهوة اسرائيل للاراضي.

نتنياهو حظي بدعم متحمس للفكرة من قبل من يبدو كخصمه السياسي، رئيس كحول لفان بني غانتس، الذي ذهب مع رؤساء قائمته لالتقاط الصور في غور الاردن ووعد بدعم عملية الضم بـ "موافقة دولية".

محرر صحيفة "مكور ريشون"، حاغاي سيغل، اقتبس يوم الجمعة غانتس، الذي قال إنه يريد موافقة من الاردن ومن اوروبا على الضم، وليس فقط من أميركا. وغانتس يعرف أن الملك عبد الله والاتحاد الاوروبي لن يعترفوا بفرض القانون الاسرائيلي في غور الاردن، لكنه لا يستطيع التخفي خلفهما الى الأبد. هذا الدرع رقيق ومثقوب ويذكر بالنكتة القديمة عن المبدأ والثمن.

يمكن التقدير بأن اسرائيل تسير نحو ضم الغور، الذي هو منطقة فارغة وقفر بمعظمها، وهناك اسرائيليون قليلون يزورونها بشكل عام، لكنها تعتبر منطقة استراتيجية مهمة. التوقيت واضح، سنة الانتخابات للرئاسة في الولايات المتحدة التي يتنافس فيها ترامب على ولاية أخرى، وأذنه تصغي لطلبات القدس. نتنياهو لم يخترع أي جديد.

اسرائيل استغلت دائما اوضاع كهذه من اجل أن تحظى بأمور سياسية في المقابل من واشنطن. الرئيس هاري ترومان اعترف بالدولة اليهودية بعد بضع دقائق من الاعلان عنها في 1948، خلافا لموقف وزير الخارجية والقيادة العليا في الادارة الأميركية. لأنه تنافس في الانتخابات الأميركية من موقف ضعف، واحتاج الى تأييد الناخبين والمتبرعين اليهود.

في الخارطة السياسية الحالية في اسرائيل توجد اغلبية صلبة تؤيد ضم الغور، وهي تشمل كتلة اليمين والمستوطن افيغدور ليبرمان، والآن كحول لفان ايضا. من الصعب أن نتذكر بأنه فقط قبل بضع سنوات، عارض نتنياهو أي عملية ضم في الضفة الغربية، وتمسك بالحفاظ على الوضع الراهن بذريعة أن خطوات أحادية الجانب ستضر اسرائيل.

المستوطنون لم يتنازلوا وجندوا اغلبية الليكود، وانتظروا الوقت المناسب الذي سيضعف فيه نتنياهو ويحتاج اليهم. الآن، غانتس ايضا انتقل من اليسار-وسط الى اليمين الذي يريد الضم. واذا تم تشكيل حكومة وحدة بعد الانتخابات فإن ضم الغور سيكون على رأس جدول اعمال هذه الحكومة، وستتم اجازته حتى لو كان الجناح اليساري في كحول لفان سيحظى بحرية التصويت.

اليسار منقسم ايضا. في نهاية المطاف ضم الغور بادر اليه شخص في حزب العمل، يغئال ألون، بخطته المشهور لتقسيم الضفة الغربية، التي عرضها في ايام الاحتلال الاولى. والمستوطنات في الغور قامت ببنائها حكومة العمل قبل الانقلاب الذي حدث في 1977. والتحفظ الذي نشره يوم الثلاثاء رئيس حزب العمل، عمير بيرتس، على تأييد غانتس للضم كان معتدلا وذكر بـ "الترتيبات الامنية الحيوية" بالنسبة لاسرائيل.

حزب ميرتس والقائمة المشتركة عارضا بصوت اعلى كما هو متوقع، ولكن هذه المعارضة تساعد غانتس فقط على الظهور كشخص وطني وغير يساري. وتعهد عضو الكنيست احمد الطيبي لغانتس بأنه اذا أيد الضم فسيبقى في المعارضة، لم يردع رئيس كحول لفان.

ضم الغور يتساوق مع الموقف الذي يعرضه نتنياهو منذ عشرات السنين الذي بحسبه الضفة الغربية ومرتفعات الجولان هما "الجدار الدفاعي" لاسرائيل، ويحظر التنازل عنهما. وحتى قبل الاعلان عن الضم تحدث عن سيطرة امنية على غور الاردن في أي اتفاق مستقبلي مع الفلسطينيين. واذا قام بتطبيق القانون الاسرائيلي في الغور، أو حرّك فقط عملية سياسية سيستكملها ورثته، فإنه سيسجل لنفسه الانجاز الاكبر في ولايته، بعد أكثر من عقد من المراوحة في المكان والجمود السياسي.

اسرائيل ستبرر الاحتلال باعتبارات أمنية وبعدد السكان الفلسطينيين القليل في المنطقة التي سيتم ضمها. وحسب معطيات حركة "السلام الآن" فان خريطة نتنياهو ستضم لاسرائيل 1236 كم مربع، التي تشكل 22.3 في المئة من مساحة الضفة الغربية، والتي يعيش فيها نحو 13 ألف مستوطن ونحو 4500 فلسطيني.

وسيتم القول للحكومات الاجنبية التي ستقوم بالاحتجاج على دفن العملية السلمية وحل الدولتين، بأن فرض القانون الاسرائيلي لا يمنع اجراء المفاوضات في المستقبل حول السلام، مثلما أن ضم شرقي القدس في العام 1967 ومرتفعات الجولان في 1981، لم يمنع اجراء المحادثات حول اعادة تقسيمها من جديد مع الفلسطينيين ومع السوريين.

إن صراخ السلطة الفلسطينية لا يثير في هذه الاثناء أي اهتمام في المجتمع الدولي، ومحكمة الجنايات الدولية في لاهاي تجد صعوبة في قراءة وثائق طويلة حول خرق القانون الدولي، حسب ما نشر أمس في "هآرتس".

واذا أعطى ترامب ومدراء حملته الضوء الاخضر لنتنياهو فسيكون من الصعب رؤية شخص ما يمنع اسرائيل من اجازة فرض القانون بالقراءات الثلاث في الكنيست، والقضاء والادارة الاسرائيلية في منطقة الغور التي سيتم عرضها في الخريطة التي سترفق بقانون الضم.

الدولة الوحيدة التي ستتحفظ هي الاردن، التي تحظى بدعم جهاز الامن الاسرائيلي. وهنا سيحتاج من يريدون الضم الى اللياقة والابداع، من اجل منع انهيار اتفاق السلام وهوامش الأمن الواسعة التي يمنحها الاردن لاسرائيل.

 

رئيس تحرير هآرتس- 23/1/2020

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب