news-details

الانتخابات البرلمانية اليونانية - عودة اليمين

بعد الهزيمة التي مني بها حزب سيريزا بقيادة رئيس الوزراء "الكيكسس تسيبراس" في انتخابات البرلمان الاوروبي في ايار الماضي 2019 سارع تسيبراس الى الدعوة لانتخابات برلمانية في السابع من تموز الجاري. 

ورغم وضوح الرسالة التي ارسلها الشعب وخاصة مصوتي اليسار وانفضاضهم من حول سيريزا في تلك الانتخابات، إلا ان تسيبراس رأى الحل في انتخابات برلمانية  مبكرة. ربما - وهذا تقدير شخصي - اراد ان  ينهي حكمه وينتقل الى المعارضة في لحظة ما زال الحزب فيها قويا، لأن المراقب للوضع الداخلي كان لا بد ان يلاحظ  اتساع أجواء عدم الرضى من أداء حكومته إن لم يكن الرفض وذلك بسبب عجزه عن حل المشاكل الاقتصادية للبلاد التي وعد الشعب اليوناني بها يوم تسلم السلطة في العام 2015, وان تأخير الانتخابات سيؤدي الى استمرار التراجع.

ويمكن القول هنا ان السرعة التي صعد بها حزب سيريزا - المحسوب على اليسار- الى السلطة تساوي ربما السرعة التي هوى فيها.

ولان حزب سيرزا كما ذكرنا محسوب على اليسار فان الآمال التي علقها عليه جمهور اليسار في اليونان خاصة وفي اوروبا عامة، لدرجة ان بعض اليسار في العالم الثالث رأى فيه بارقة أمل في نهوض اليسار عالميا، كانت آمالا كبيرة وبالتالي كانت خيبة الأمل ايضا كبيرة بقدر تلك الآمال، ويمكن القول ان هذه التجربة قد سببت الكثير من الإحباط  لدى جمهور اليسار بسبب السياسة المعادية لمصالح اوسع الفئات الشعبية في اليونان.

غير ان المتابع لمسيرة الحكم هذه كان لا بد ان يتوقع هذه النتيجة ويستنتج امرين هامين:

الأول: انه كان لهذا الصعود ثمن سياسي باهظ دفعه الحزب وخاصة زعيمه  على صعيد المواقف السياسية  والسياسات ألاقتصادية، لينال رضى اعضاء نادي السياسة في الاتحاد الأوروبي، خاصة وان هوامش التمرد على السياسات الاوروبية التي ترسمها كبار قوى الاقتصاد ضيقة بشكل عام، وهي أضيق بالنسبة للدول الفقيرة او المأزومة التي تنتظر"مساعدة" اوروبا للخروج من الازمة ألاقتصادية الحادة. هذا ادى الى اتساع الهوة بين الشعارات الانتخابية وممارسة الحكم.

الثاني: انه كانت هناك مهمة لا يمكن ان يقوم بها حزب يميني تقليدي على الساحة اليونانية وهي تمرير حزم التقشف وتخفيض الاجور والإجراءات ألاقتصادية اللاشعبية التي كان من الممكن ان تشعل غضبا جماهيريا عارما في الشار ع اليوناني، وبالتالي فان تنفيذها من قبل حكومة "يسارية" سيلجم  ردود الفعل ويقلل من حدتها، خاصة وان الحزب الشيوعي اليوناني وهو الوحيد  الذي عارض هذه السياسة لا يستطيع وحده افشالها. كذلك، ان حزب سيريزا  كان يحظى بدعم اكثر من 35% من الاصوات  الى جانب رضى الحزب اليميني المعارض عن هذه السياسة وهذا ما كان فعلا.

وبعد, يمكن القول ان اليونان قد عادت الى حكم الثنائية الحزبية التي سيطرت على الحياة السياسية منذ العودة الى الديمقراطية اواسط السبيعينيات، ولكن بفارق ان سيريزا يمكن ان يلعب نفس الدور الذي لعبه حزب "الباسوك" بقيادة اندرياس باباندريو مع حزب الديمقراطية الجديدة اليميني الذي يقوده اليوم نجل زعيمه السابق كوستاس متسوتاكس.

ومن الجدير بالملاحظة ان الحزب الشيوعي اليوناني قد حافظ على قوته الانتخابية المتواضعة 5,35%، ولم يستطع حزب "الفجر الذهبي" اليميني المتطرف وكذلك اليونانيون المستقلون (الحزب الذي كان  حليف سيريزا في الحكومة)  تجاوز نسبة الحسم وخرجا من البرلمان. كذلك فقد دخل الى البرلمان حزب جديد شكله وزير المالية في حكومة سيريزا الاولى (فاروفاكس) والذي قاد الجولة الاولى من المفاوضات مع الاتحاد الاوروبي ليفرض الاوروبيون على تسبراس ابعاده فيقدم استقالته تعبيرا عن عدم رضاه عن إدارة تسيبراس للمفاوضات. اما الحركة الاشتراكية لعموم اليونان - الباسوك - فقد غير شعاره واسمه  ليصبح "الحركة من اجل التغيير" وحصل على 8% من الاصوات. كما دخل البرلمان ايضا حزب جديد اسمه "الحل اليوناني" تجاوز نسبة الحسم بقليل وهو حزب قومي.

الملفت في هذه الانتخابات ايضا ان نسبة المشاركة فيها كانت الاقل تاريخيا  حيث لم تتجاوز 57%، رغم ان المشاركة في الانتخابات حسب القانون اليوناني الزامية. لكن لم يسجل ان تمت معاقبة المتخلفين عن التصويت  طيلة هذه السنوات.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب