news-details

الديانات والأساطير

وجدت الديانات بعد أن نزل الانسان على الأرض واستوطن، أي بنى البيت الأول وزرع حبات القمح الأولى وخَبز الرغيف الأول. فِقره الفكري في بداياته أوجد خوفا ًعصابيًا غريزيًا من الخلق الجميل البديع حوله، نعم خافه وحاول فهمه واستيعابه ولهذا فَكر بخلق قوة ليست بشرية قادرة تُساعد للصمود أمام جمال الخلق العظيم آتية من السموات البعيدة. اخترح الآلهة على صور مختلفة وفكر مُتعددة وسَجد لها وخَدمها وضَحى من أجلها حتى تَحرسه في عالم كبير وجميل ومخيف بذات الوقت حوله لم يفهمه فكره الَمحدود الذي بدأ يتسامى مع بناء أول لبنة حضارية.

الحقيقة الموضوعية تقر أن الديانات فعل انساني تراكمي وإرث مَنقول عن فعل أو فكر مارسه الأقدمون. المَوجودات الأثرية في مصر الفرعونية وحضارة ما بين النهرين وحضارة جنوب شرق آسيا التي قامت حول الانهار العظيمة مثل النيل ودجلة والفرات ونهر الكانج في الهند والنهر الاصفر في الصين، يثبت هذا الواقع القديم أي الآثار المَوجودة حتى اليوم التي تُصور الطقوس الدينية الى حد التطابق معما تمارسه الديانات التوحيدية حتى يومنا هذا مع بعض الاختلافات التي أحدثتها هذه الحضارة أو تلك. أهم الآثار التي منها تشربت الحضارة ومعها الفكر اللاهوتي الذي كان جزءا هاما من فلسفة الوجود.. المعابد الدينية واهمها الكرنك في مصر العليا والاهرامات وشرائع حمورابي في بابل في العراق اليوم وكذلك، من العراق ملحمة جلجامش التي وجدت مكتوبه على لوائح من صلصال محروقة ومحفوظة اليوم في المتحف الوطني العراقي في بغداد الذي كان الهدف الاول للقصف الامريكي "الحضاري" في حرب عام 2003.

ملحمة جلجامش تزخر بالصور الدينية الفكرية عن فعل الخلق والموت والخلود والطوفان التي انوجدت ايضا في الديانات التوحيدية ومنذ أن قامت، وهي الأفكار والمعتقدات والركن الاساسي التي تُبنى عليه اسطورة الخلق وغايته.

من المهم في هذه العجالة ذكر الديانات الاغريقية القديمة التي اخذت عن الديانات القديمة وزاوجت الآلهة مع البشر، ساهمت في التطور الفكري اللاهوتي الذي اثر في قيام الديانات التوحيدية. كما يجب علينا ذكر الديانات الآسيوية القديمة مثل الزرادشتية والبوذية التي سبقت النبي موس عليه السلام بـ 1500 سنة على الاقل، عن هذه الديانات ايضا أخذت طقوس دينية ما زال يمارس اتباعها وهي هناك أصبحت بالمئات اليوم الى حد التشابه المُطلق مع ما تمارسه هذه الديانات حتى يومنا هذا.

تمازجت الحضارات مع تقدم التاريخ وتنقلت واختلطت الشعوب وهاجرت وتشتت وانقرضت بعضها وما زالت الأسطورة الكبرى أي أسطورة الخلق تحكم بفكر الانسان وتقف صامدة في وجه كل البراهين العلمية ومعجزات الاكتشافات العلمية المتطورة جدا في جميع مضامين الحياة الانسانية على الارض. الاسطورة الدينية تجبرت وتَحولت وجَلبت صَغائرًا وكبائرًا تدور في فلكها. جلبت راحة بال ربما، ولكنها جلبت معها عنصرية ونازية وظلامية عرقية وجنسية وحروب مُدمرة حصدت مئات ملايين البشر على مر التاريخ.

.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب