news-details

اميل توما، المناضل القائد المفكر المؤرخ والانسان

ولد اميل في حيفا في 16/3/1919 لعائلة حيفاوية عريقة ودرس في مدرسة صهيون في القدس وجامعة كمبردج في بريطانيا ونال شهادة الدكتوراة من جامعة موسكو.

اميل توما ابن حيفا البار كرس حياته في خدمة شعبه والدفاع عن حقوقه وقضاياه العادلة. دافع عن العامل والفلاح ونبذ الاستغلال الطبقي وتمرد عليه وآمن بالاشتراكية.

انضم الى الحزب الشيوعي الفلسطيني عام 1939 وكان من مؤسسي اتحاد نقابات وجمعيات العمال العرب. كان اميل من مؤسسي جريدة الاتحاد عام 1944 وعصبة التحرر الوطني الذي كان سكرتيرها العام.

بعد عام 1948 أصبح عضوا في الحزب الشيوعي العربي اليهودي في إسرائيل. منذ عام 1948 حتى وفاته كان مناضلا ثوريا شارك مع الرفاق في صنع التاريخ الفلسطيني وسجله أيضا.

كان اميل يتردد على بيتنا في شارع الخوري دائما وبالاشتراك مع الوالد، حنا نقارة، وآخرين أمثال صليبا خميس من مؤسسي الجبهة الشعبية عام 1958 وأذكر أول الاجتماعات واللقاءات كان تجري في بيتنا للتباحث مع يني يني وطاهر الفاهوم وجبور جبور وغيرهم. وأذكر أيضا الاجتماعات بين افراد من القادة أمثال الأخوة توفيق طوبي واميل توما واميل حبيبي وصليبا خميس وزاهي كركبي والكثير الكثير من الرفاق والأصدقاء.

كان اميل توما صديق الوالد ويزورنا دائما. كانت ابتسامته ولطفه وتواضعه تملأ البيت. ولكن وجود الرفيق اميل كان يضفي الجدية والاصغاء وكانت الامسية بالنسبة لنا وللشباب المجتمعين بالبيت من أعضاء الشبيبة بمثابة محاضرة، نصغي الى حديثه وتحليلاته العقلانية والمتزنة ولا نملّ. وخصوصا عندما كانت تتأزم الاوضاع السياسية إما بالبلاد او في الوطن العربي فبسرعة تنظم حلقات توضيح وتفسير وتحليل للأوضاع فيمتلئ البيت للاستماع للرفيق إميل، وأذكر فترة الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958 والجدل الذي انتشر في الكلية الارثوذكسية بين الطلاب القوميين والشيوعيين، وعندها ثارت العواطف واشتد النقاش فكان الرفيق اميل يحضر ويقوم بتوضيح المواقف وارشاد الجيل الجديد بعدم الانفعال والتعقل. لقد تعلمنا منه الكثير واحترمناه.

الامسيات العائلية كانت قليلة لانشغالهم المستمر ولكنني كنت احبها وانتظرها مع الاخ اميل وحايا وعائلة طوبي، فسهرة عيد رأس السنة التي كانت تعقد اما في بيت الأخ توفيق طوبي أو في بيتنا كانت دافئة، وعندها كنت ابتهج لرؤية هذه النخبة من القادة يغنون ويفرحون ويضحكون، ولو لساعات قليلة، وكان اميل يشترك في غناء الموشحات ومنذ تلك السهرات تعرفت على حب سماع الموشحات رغم حداثة سني.

اعتدت أن أراهم يناضلون ويسهرون الليالي ويضحون لشعبهم وقضيته وكأنهم ليسوا بشرا ولا يحق لهم بهجة العيش، فكنت افرح لفرحهم. أذكر أنني كنت ألعب مع صديقاتي في بستان الشيوعية، الذي كان بالقرب من مكتب الاتحاد، فكنت عندما أعرف أن إميل موجود في الداخل أطلب من صديقاتي عدم الازعاج حتى لا يغضب الرفيق أميل لأنني كنت أحبه وأحترمه.

أزور قبر الوالد بين الحين والآخر، واضع أيضا زهرة على ضريح الرفيق اميل، الذي يرقد بقرب من قبر الوالد، وأخاطبهما لأنني أشعر بانهما لا يزالا معنا كالشعلة تضيء لنا الطريق.

إميل توما وأمثاله، مثل الشجرة الدائمة الخضرة، وهم كما قال الدكتور خالد تركي: حماة الديار.

ان تراث اميل توما الزاخر باق معنا يثرينا ويدفعنا الى الامام.

لقد أحب إميل شعبه وأخلص له وآمن بأخوة الشعوب والعدل والمساواة.

(حيفا)

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب