news-details

تركيا، أختنا التوأم

 

 

جدعون ليفي

هآرتس- 13/10/2019

 

 

*هناك تشابه كبير بين ما تفعله تركيا بالأكراد وبين ما تفعله اسرائيل بالفلسطينيين، لكن في اليمين لدينا لا يرون هذا التشابه*

 

 

موجة مؤثرة من الانسانية، الخوف على حقوق الانسان، معارضة اعمال الاحتلال وتضامن مع الشعوب المضطهدة، تغمر مؤخرا اليمين في اسرائيل. كل شخص عنصري أصبح رينا كسين، وكل شخص وطني متطرف أصبح نلسون مانديلا. الاولى هي المدافعة عن حقوق الانسان والمعارضة المعروفة للاحتلال، الأم تريزا الاسرائيلية، أييليت شكيد: "الاكراد هم الشعب الاكبر في العالم الذين ليست لهم دولة"، قالت.

"هذا الشعب القديم الذي له علاقة تاريخية خاصة بالشعب اليهودي، يستحق دولة"، وهي تذرف الدموع. صحيح أنه ليس من الواضح هل يستحق الاكراد دولة بسبب العلاقة الخاصة مع اليهود، أو بسبب أنهم الشعب الاكبر بدون دولة. ولكن هذا لا يغير أي شيء. الشعب المضطهد يستحق دولة. لا أحد يمكنه البقاء غير مبال امام صرخة العدل هذه لشكيد.  ولكن ما الفرق بين الاكراد والفلسطينيين؟ لقد اضحكتم شكيد.

ولكن هذا فقط البداية. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، محارب الحرية المصمم اكثر من شكيد، وضع كل ثقله الاخلاقي المشهور: "اسرائيل تدين بشدة الغزو العسكري لتركيا وتحذر من تطهير عرقي للاكراد... اسرائيل ستفعل كل ما في استطاعتها لتقديم المساعدة الانسانية للشعب الكردي الشجاع". وعلى اقل من ذلك بكثير حصل سياسيون على جائزة نوبل للسلام. اسرائيل تدين الغزو لدولة اجنبية وتقدم مساعدات انسانية لشعب شجاع يحارب من اجل حريته. مستشفى ميداني للجبهة الداخلية اصبح في الطريق. منذ انقاذ يهود الدانمارك في السويد لم يكن هناك تجند كهذا لأي دولة.

لن نظلم هنا موشيه يعلون. شخص آخر انساني معروف الذي طلب تقديم المساعدة للاكراد، ويائير لبيد، مارتن لوثر كينغ المحلي، الذي دعا العالم الحر والذي هو أحد زعمائه البارزين، الى التجند من اجلهم. لبيد حتى دعا الى الاعتراف الآن بإبادة الشعب الارمني. وسجل رقم قياسي جديد في النفاق: الاعتراف بكارثة الآخر كعقوبة وانتقام.

هكذا يبدو اظهار الصلاح في اسوأ الحالات، وهكذا يبدو العمى. فقط عين كسولة لا يمكنها ملاحظة الاخلاق المزدوجة التي تظهر في كل كلمة للواعظين الجدد بالاخلاق الذين لا يرون الحدبة التي على ظهورهم. تركيا تفعل الآن بالضبط ما تفعله اسرائيل منذ سنوات في غزة والضفة ولبنان. مثل تركيا كنا، لقد شابهنا اردوغان – فقط عيون لا يمكنها الرؤية لا تستطيع تمييز ذلك.

الكل متشابه لدرجة مخيفة، بدء من اختيار اسم للعملية "نبع السلام"، وهو عملية اخرى بربرية لنا في غزة أو لبنان وسيكون لنا ايضا نبع للسلام بعد سلامة الجليل، عناقيد الغضب والجرف الصامد. الاكراد نسخوا عنا ايضا "المنطقة الآمنة" كذريعة للاحتلال، وهم مثلنا ايضا يسمون مئات القتلى الذين قتلوهم "ارهابيين"، جميعهم مخربون. كل شهيد كردي، كل قتيل فلسطيني. ليس هناك بالطبع آلاف المواطنين الذين قتلوا، لا في شمال سوريا ولا في جنوب قطاع غزة.

هل ترون الهجمات على الاكراد؟ هل ترون الوحشية؟ هكذا بالضبط يرى العالم هجمات اسرائيل على غزة، جيش ينقض على عاجزين. في بيت حانون هم اكثر عجزا مما هم في كوباني، قصف مقابل قصف، غزو مقابل غزو، حرب ضد الارهاب كما يبدو، وفي الحالتين الحرب الحقيقية هي على الحرية. مئات المتظاهرين غير المسلحين قتلوا في السنوات الاخيرة على الجدار في غزة المحاصرة. اليمين في اسرائيل مصدوم من ذبح الاكراد. مصابون ومعاقون من غزة لا يأتون للعلاج الطبي، واسرائيل تطلب تقديم مساعدة انسانية للأكراد، لا للمصابين والمعاقين الذين هم من صنع يديها.

مع ذلك، هناك فرق واحد: في شمال سوريا يوجد مكان يهربون اليه، في غزة لا يوجد، فقط الى البحر الذي هو أيضا محاصر. في غزة لن تشاهدوا قوافل لاجئين يهربون لانقاذ انفسهم مثلما في سوريا. قوافل اللاجئين الاخيرة في غزة كانت في العام 1948، ربما لهذا يحذر نتنياهو من تطهير عرقي. ورئيسة اليمين شكيد تقول إن الاكراد يستحقون دولة. هل هناك نكتة سوداء ومريرة أكثر من هذه.

 

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب