news-details

سيولة سياسيّة ومصالح محليّة: عن قيادة القائمة الموحدة| محمد قعدان

أمس شاهدت مُقابلة مازن غنايم نائب الكنيست عن "القائمة العربيّة الموحّدة"، على قناةِ "إحنا تي في"، صراحةً أضحكتني كثيرًا وكانت مؤلمة بعض الشيء. فهو لم يكن يدري عن تصويت قائمتهِ لمركز يخلّد ذكرى مُجرم الحرب، بن جوريون. ولم يكن يدري أن قائمته تصوّت ضدّ فتح قنصليّة أميركيّة في القُدس، أي تقف بجانب اليمين الصهيونيّ، وضد تثبيت مكانة شرقيّ القُدس على أنّها محتلّة. بالفعل الرجل لا يدري شيئًا، في لهجتهِ صراحةً تعلم أنّه لا يراوغ.

مرةً أخبرني صديق أن الرجل هو الجناح الأضعف للقائمة الموحّدة، لذا إحدى الخطوات الجديّة في فهمِ ومعارضة القائمة الموحّدة، ليست في ملاحقة "عبيطة" لتصريحات منصور عبّاس، فهو يُطلق التصريحات، من أجلكم، من أجلِ الضوضاء، من أجل البلبلة وخلق فوضى تتيح لهُ، الهجوم والصعود، إذ أنّه في مقابلته الأخيرة هاجمَ أيمن عودة خاصّة والقائمة المشتركة بكلماتٍ قويّة، وتدلّ على جرأةٍ وثقة في النهج، وهذا ما يريد أن يبنيه عند الجماهير الفلسطينيّة على أنه قائد حقيقيّ صريح وشُجاع وصاحب رؤية مستقبليّة على عكس "الدجّال" أيمن عودة وغيره، كما يصفه.

بل من خلال قراءة التركيبة الاجتماعيّة التي تؤيد نهجهُ والنظر إلى مرحلة تكوّنها، وخصوصًا دور جنوبيّ البلاد في ذلك رهط كمركز، وأيضًا إقحام شماليّ البلاد من خلال شخصيّة مازن غنايم، سخنين كمركز. طبعًا كلّ النقد الموجّه اليوم للقائمة الموحدة، يتأسس على قراءة مبعثرة لمواقف وتصريحات الرجل على أنها خطيرة، علمًا أنه في أوقاتٍ كثر يغيّر فيها ويعدّل ويعيد إطلاقها لتصبح مقبولة على إجماع أحزاب عربيّة أخرى (المعارضة). وهُنا لبّ المشكلة في معارضة القائمة والمنهج، لم نرى إلى اليوم إلّا نصّ رائف زريق، يحلّل نقديًا ظاهرة "المُسلم الإسرائيليّ"، وقد مرّ أكثر من عام بقليل على النصّ، ويتبيّن أن النصّ لم يقدر على الإحاطة بجميع جوانب القائمة الموحّدة، إلّا أنه جدير بالقراءة والبناء عليهِ، خصوصًا مذ انخرطت القائمة في الحكومة.

التركيبة الاجتماعيّة، التي تتحرّك وتؤيد الموحّدة، من هي، هل نستطيع ملاحظة نمط مشترك، عوامل واحدة، وفي حال قمنا بالإجابةِ بـ "نعم" هل يمكن أن تنعكس هذهِ الشريحة، في مشروع سياسيّ مغاير عمّا تطرحهُ الموحّدة؟

ثمّ السؤال الأهمّ، والأكثر بنيويّة، هل فعلًا هذهِ الشريحة هي بحاجة لمنصور عبّاس، كمشروع، وسيولته السياسيّة؟ أم أنّها وجدت نفسها داخل هذا المشروع فجأة وانخرطت فيهِ وحفّزت تطوّره؟

ما يميّز مازن غنايم، وصعوده السابق كرئيس بلديّة سخنين، وفقًا لأقواله التحالف، ضغطَ عليهِ المُحاور، تحالف ماذا؟ عائليّ؟ إجابة الأخير متأرجحة: أولًا العائلة لها دور مهمّ في مجتمعنا، ولكن صعود مرشّح على آخر مستحيل فقط من خلال العائلة، لأن سخنين تحتوي على أكثر من 20 ألف ناخب، وأكبر عائلة تملك، ماذا؟ 3000 ناخب فقط! ثمّ أتبع ذلك بأن التحالف قائم على أبناء البلد والتجمّع.

أتعلمون بماذا يُشبه مازن غنايم، منصور عبّاس ونهج الموحّدة عمومًا؛ "التأرجح المتعمّد" لتحقيق مصالح وأهداف معيّنة مسبقًا. فهو بذلك فعلًا لديهِ مكان محفوظ داخل القائمة، وانضمامه خيار مدروس.

نستطيع أن نذكر بضع سياسيين في الداخل المحتلّ الـ 48، لديهم مواقف وخطوات ومسار واضح، منذُ عشرات السنوات، بالتالي النواة والجماهير حولهم، ثابتون أيضًا بشكلٍ أو بآخر، سواء عائلات أو نوادي حزبيّة فاعلة والخ من طرق تحشيد وتجنيد.

ولكنّنا هذهِ المرّة أمام تركيبة اجتماعيّة معقّدة، تجمع بين فقير معدوم في جنوبيّ البلاد، وبينَ موظّفون في شركات "هايتك" في شماليّ البلاد، لا يجمعها عائلة أو منطقة أو حتى هدف واضح مشترك للجميع، ولكن ما يجمعها هو ثني الكلمات والمواقف والتصريحات عند قياداتٍ محليّة متعدّدة، ارتبطت هذهِ القيادة في مشروعٍ تحسين الظروف الاجتماعيّة والمدينيّة بشكلٍ مبعثر، في البلاد. ولكن من المهمّ هُنا التركيز على "تحسين"، هذهِ ليست أسطورة، ولا يجب التعامل معها كذلك وإن رأينا الكذب في عيونهم، ولكن التعامل معها بجديّة، وقد يكون تحسين هُنا أو هُنا بشكلٍ مبعثر، يؤثّر على قطاعاتٍ معيّنة.

وأعود إلى المقابلة، بدون أيّة سياق قفز مازن غنايم قائلًا، أنّ منصور عبّاس كرئيس القائمة الموحّدة يتحمّل المسؤوليّة الكبرى، وكما يقولون "النجاح لديه ألفُ أب، أما الفشل يتيم" فهو يعدّ نفسه لوقتٍ قد تفشل فيهِ الموحّدة، ويهمس لعبّاس قد تجد نفسك وحيدًا، عند الفشل.

 

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب