news-details

صباح الخير: من عبد الوهّاب إلى تامر نفّار

غبطنا في سنوات الصّبا كلَّ من يملك جهاز راديو في بيته ويحظى متى يشاء بالاستماع إلى وديع الصّافي ونصري شمس الدّين والصّبّوحة، وسهرنا اللّياليَ في سنوات الشّباب متحلّقين حول المذياع نسمع "النّهر الخالد" من حنجرة محمّد عبد الوهّاب و"نجوم الليل" من فريد الأطرش و "سوّاح" و"قارئة الفنجان" من عبد الحليم حافظ، وأسرتنا كوكب الشّرق أم كلثوم وهي تصدح "أنت عمري" ولا أنسى سيّد مكّاويّ وصباح فخري ونجاة الصّغيرة ووردة الجزائريّة والعديد من نجوم الغناء في مصر ولبنان وسوريا والعراق والمغرب العربيّ.

وعشقنا – قلبًا وروحًا وأذنًا – الصّوت الذي وهبنا إيّاه الأرزُ وصنّين وعشتروت وأدونيس، صوت الملاك فيروز القادم من جنّة الله.

وطربنا وانتشينا من عشرات الأغاني الوطنيّة في الفترة النّاصريّة والزّمن القوميّ الجميل.

وعدا الزّمان.

وبرزت عشرات الأصوات الجميلة، نسائيّة ورجاليّة، تشنّف الآذان وتُروي سمع العطشان وأخشى إن ذكرتُ كاظم السّاهر أن يسألني قارئ أو قارئة عن جورج وربيع وعاصي ووائل و.. وإن ذكرتُ نجوى كرم أن تقولوا لي: "قل لمن يدّعي في الغناء معرفة ذكرت أسماء وغابت عنك أسماء" فمعذرة من الشّبّان والصّبايا ومن الأصوات الجميلة التي يحبّونها وأعجز عن ذكرها، فمن أنا حتّى أعرف وأذكر عصافير الغابة وأطيارها كلّها. وأصارحكم بأنّني فكرتُ أن أستعين بوردتي الوطن وشجيرتي الزّيتون الجليليّ أمل مرقس ودلال أبو آمنة ولكنّي تراجعتُ مخافة أن تكتشفا جهلي، وعندئذ قد يقول الوسواس الخنّاس: هذا الختيار يصرّ على أن يتصابى ولا يريد أن يعترف "أنّها راحت عليه" وأنّ يوم السّبت فات...

شوهالحكي؟!

فاجأني حفيدي محمّد العليّ، وفّقه الله، قبل أشهر عندما سألني عن المغنّي تامر نفّار فأجبته كالمعتذر بأنّني قرأتُ عنه في الصّحافة حينما لاحقته "المثّقفة المتنوّرة" ميري ريغف وزيرة الثّقافة في حكومة إسرائيل واحترمتُ موقفه وشجاعته ولكنّني ما استمعت أبدًا إلى أغنية من أغانيه.

تناول محمّد جوّاله الحديث وسمعنا معًا عددًا من أغاني تامر نفّار فوجدته فنّانًا وطنيًّا ملتزمًا، وسمعتُ أغاني جريئة وشجاعة تعالج مواضيع إنسانيّة واجتماعيّة ووطنيّة، أغاني صادقة وهادفة يشاهد المستمع في مقاطعها وكلماتها أهلنا في اللد والرّملة ويافا والنّقب والجليل. ويعيش آلامهم وآمالهم.

وأعلمني حفيدي أنّ مئات الآلاف من الشّبّان والصّبايا من بلادنا والعالم العربيّ يستمعون في اليوتيوب أغاني تامر نفّار وأعترف أنّها أعجبتني وإن لم تطربني.

لعلّه العمر.

طبعًا العمر.

(محمّد علي طه)

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب