news-details

لتنصرف هذه الحكومة، قبل أن تحرق الأخضر واليابس | مليح الكوكاني

انتصف الربيع وتداخل الصيف في أحشائه معلنًا عن نفسه أبا الفصول، على أنه الأطول والأكثر رسوخًا ونشاطًا واستقرارًا في الطبيعة وإدارة دفة الحياة والمجتمع، بكل تجلياتها وتعقيداتها وتطوراتها المتتالية. فها هي حرارة الأجواء تزداد وتتشابك مع سخونة الأوضاع المعيشية والشاملة التي باتت تهدد بالمزيد من تفجر الأوضاع أكثر مما هي متفجرة أصلًا، وبعد غزو تسونامي العنف والغلاء وارتفاع الأسعار (كالحليب ومشتقاته) مثلًا، كل هذا  ينذر بالمزيد من الكوارث المعيشية على المحرومين من الشرائح والفئات الضعيفة من ذوي الدخل المحدود في المجتمع الإسرائيلي. وعلى خلفية ذلك يزداد ويتربص بنا الجنون وفنون القتل والعنف والجريمة، ليطال كافة أطراف مجتمعنا العربي وليحصد خيرة ما عندنا من الشباب والنساء والرجال وهم في جيل الورد، على امتداد قرانا ومدننا المنتشرة طولًا وعرضًا في وطننا الذي أصبح يستيقظ كل صباح على جريمة قتل بلون الدم الأحمر، دون توقف ولو للحظة، فأيّ ربيع هذا، وأيّ صيف ينتظرنا؟ 

حكومة التخطيط في فن القتل المبرمج، أصبحت وهي من أكثر الحكومات دموية واستهتارًا بحياة مواطنيها، تخطط للمزيد من تردي وتفاقم الأوضاع نحو التصعيد في القتل والحرب (المحدودة)، وتعميق (هيبة) الاحتلال والاستيطان والفاشية، ودفع المجتمع العربي إلى حافة الهلاك والتمزق والاستسلام الطوعي. وعودة إلى تداخل الفصلين الربيع والصيف، وما يحملانه من مآسٍ وويلات على شعبنا عامة وجماهيرنا خاصة، إلا أن سمات هذين الفصلين تبعث الأمل والفرح والسرور وتنعش الروح بالدفء والحرارة في شرايين الحياة المتجددة، بالرغم من تدفق شلال الدم المنهمر من جسد مجتمعنا العربي، الذي ندعو له بالشفاء والتعافي، على أمل دفن أخطبوط القتل اليومي، والولوج إلى نثر بذور الخير والمحبة، بين كافة مكوناته وتواجده في العمل على مواجهة التحديات المقبلة التي تفرضها، سياسات حكومة الأشرار العنصرية التي تستهدفنا جميعًا كأقلية قومية في وطننا المسلوب.

ما يزعج هذه الحكومة وأقطابها من العنصريين والفاشيين مع اشتداد الأزمة الداخلية، وتداخل الصيف في الربيع والعكس، هو مدى مساهمتنا كأقلية في العمل على تقصير ما يمكن تقصيره في بقاء هذه الحكومة المجرمة والمنبوذة، ودورنا في التصدي  لمركباتها ورموزها خصوصًا (بن غفير الصهيونية الدينية) وبين نتنياهو الليكود، هذه العلاقة التي أصبحت مكروهة وتسبب الكثير من الإحراج للخارطة السياسية ولمفهوم "الديمقراطية" في إسرائيل، وما بقاء الحكومة إلا قاب قوسين وعلى كف عفريت، آملين أن لا تعطي القائمة "الموحدة" حبل النجاة لنتنياهو بالانضمام لها. وما يدور وراء الكواليس عن مفاوضات في الظلام، قد يثمر في الدخول إلى الائتلاف الحالي. نحن لا نستبعد في الصيف الحالي أن تتشكل غيوم عابرة تنزل المزيد من المصائب والمحن. نحن نصبو أن تذهب هذه الحكومة إلى مزبلة مزبلة التاريخ في هذا الصيف، وأن يذهب نتنياهو إلى السجن الذي ينتظره على أحر من الجمر.

ومع بدء موسم الأفراح، في طول البلاد وعرضها، يدخل السرور والبهجة والفرح. وهذا بالضرورة سيتغلب على الألم والمآسي في دوامة سفك الدم الجارية، وهذا ما يؤكد على أن مجتمعنا العربي، وهذا السيل العارم من الأفراح والأعراس والمناسبات الاجتماعية، هذه الأمور تبشر بالأمل في حياة متجددة، بالرغم من القالب المأساوي الذي تحاول أن تضعنا به حكومة القتل والاحتلال والإرهاب.  

 نحن نأمل أن تشرق شمس الأمل التي تبشر بمستقبل أفضل بتحقيق إنجازات علمية لمدارسنا ومعاهدنا وخريجينا ورموزنا العلمية، التي تحصد الجوائز العلمية والإبداعية والبحثية. إن طلابنا يخوضون معركة شاقة لشق الطريق المستقبلي والإصرار على النجاح في الموسم الحالي للامتحانات النهائية (البجروت)، تمهيدًا للانتقال إلى المحطة النهائية، وذلك لزيادة الأفواج العلمية، وانتزاع شعار العلم والمعرفة بتحطيم أوهام المؤسسة في جعلنا حطابين وسقاة ماء. إنه التحدي والإصرار على الدخول إلى الجامعات والمعاهد العليا من أوسع أبوابها، في ربيعنا وصيفنا وخريفنا وشتائنا وفي كل زمان. وفي حالتنا هذه، يتطلب الأمر أن نشد على أيدي طلابنا في نيل العلم، وتحقيق المهم ليتسنى لنا الحصول على الأهم، للسير قدمًا بجماهيرنا نحو نور المستقبل والتحليق في فضاء العلم والإنجاز، بما يخدم مجتمعنا والإنسانية عامة.  ولا يسعنا في هذه العجالة، إلا أن نقدم أسمى آيات الشكر والفخر والاعتزاز بمربينا ومعلمينا في كافة المراحل التعليمية الذين لا يبخلون بالتضحيات لتأدية الرسالة السامية والسير قدمًا بالأجيال الشابة والجديدة، نحو غد مشرق رافعين على صدورهم أوسمة تناطح السحاب، وحاملين راية العلم والعمل والنضال من أجل حياة أفضل، ونحن على ميعاد معكم في ميادين النجاح. 

 

أبو سنان

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب