news-details

إنسانية في مواجهة الوحشية

" إذا غنّت الدجاجة كما يغني الديك فالأمر لا يبشر بالخير"

لينين سنة 1918

لا أقصد بالوحوش الأسود والنمور والفهود، بل الضّباع. ها هي جمهورية الصين الشعبية تقدم المساعدات السخية الى عشرات الدول والشعوب ضد الكورونا، وها هي جمهورية روسيا الاتحادية، تقوم بنفس الدور، طائرات وقطارات الى أوروبا، أوروبا حلف الأطلسي، الى ايطاليا وغيرها.

وها هي كوبا المحاصرة، جزيرة الحرية، تقدم ما أمكنها.

في زيارتي الثانية لكوبا بعد الانهيار واستمرار وتصعيد الحصار الأمريكي الوحشي، جمع المضيفون من عامة الناس في أحد شوارع هافانا – لوازم وجبة عشاء!! زيت وبرغل في أقسى أيام الفقر. ومع ذلك ظل النظام الاشتراكي يقدم المساعدات الطبية الى العديد من الشعوب، إلى أنغولا والجزائر وجمهورية جنوب اليمن الديمقراطية الشعبية يومها... كان ينقصها البترول، كثيرون وعدوا وظلت الوعود حبرًا على ورق، باستثناء إيران والعراق.

أعادني هذا الوضع اليوم إلى تلك الأيام، إلى سنة بعد ثورة أكتوبر، كانت في روسيا السوفياتية مجاعة بكل معنى الكلمة، 8/1 رطل من الخبز المخلوط بالأعشاب ونشارة الخشب للنفس، للعامل، القوى الرجعية المحلية وقادتها دينيكن وكولتشاك بمساعدة وتدخل 14 دولة امبريالية لخنق الثورة الاشتراكية عملًا بقول ونستون تشرشل: يجب القضاء على الدجاجة الشيوعية الحمراء قبل أن تفرخ، واحتلت هذه القوات بالأساس موارد الحبوب، ومع كل ذلك جاء لينين وسفردلوف للعمل وإرسال الطحين و"البقسماط الأسود" يبدو انه يشبه القرشلة اليوم، وسارت قطارات المساعدة إلى ألمانيا، إلى الشعب الألماني بعد الثورة بقيادة – كارل ليبكنخت، وروزا لوكسمبورغ الحمراء، هذا الشعب الألماني المسؤول الى حدٍّ ما عن العدوان على روسيا وفرض صُلح بريست الظالم، كل شعب يتحمل بعض المسؤولية عن جرائم حكامه، كما قال ماركس: إن شعبا يحتل شعبا آخر لا يمكن ان يكون حُرًا.

وهذا ينطبق اليوم على الولايات المتحدة واسرائيل وغيرها، لكن الألمان بقيادة شِدْمان رفضوا قبول هذه المساعدة "البلشفية"، لأن الرئيس الامريكي ويلسون وعد حكام البرجوازيين بالمساعدة شرط: اقتلوا الشيوعيين اقتلوا ليبكنخت وروزا، اقتلوا سبارتاكوس، وظل يطلق الوعود المعسولة حتى جاء رجل اسمه رونغة، زلمة فوفل الذي صار من قادة الحزب النازي، وقتل كارل وروزا بأخمص البندقية وطارت مزق من الدماغ، يومها قال لينين لشِدْمان والمرتد كاوتسكي: إذا غنّت.... بينما وقف المناشفة والثوريون اليمينيون واليساريون ضد النظام الاشتراكي وعقدوا الاجتماعات للعمال الذين يفتك بهم الجوع والبرد ومرض التيفوس: انظروا إلى البلاشفة يقدمون الغذاء للألمان على حسابكم أنتم العمال.

فلاح روسي مشى يومًا كاملا ليقدم – كعب كماجة – لمكان تجميع الطحين والبقسماط.

هذا ما نراه اليوم، نظم وحشية وفي طليعتها الولايات المتحدة واسرائيل، تستغل المرض الوباء للربح السياسي الذاتي وتدلق ما لا يحصى من أكاذيب، الحصار على إيران المنكوبة يستمر ويتصاعد من قبل الولايات المتحدة، والتدخل في سوريا البطلة مستمر، أمريكا واسرائيل وتركيا وداعش. والعدوان السعودي على اليمن مستمر ومدعوم، وكذلك على ليبيا والعراق، وفلسطين وصفقة القرن، حصار على غزة في هذا الوقت بالذات، وخرق سيادة لبنان، ومصادرة العميل الاسرائيلي عامر الفاخوري بهذه اللصوصية، وتهديد لبنان اقتصاديا في وضعه الصعب وأيضا عسكريا، والتحريض على المقاومة اللبنانية الباسلة التي كالت للغطرسة العدوانية ضربات موجعة، والرئيس الأمريكي يراهن على محمد بن سلمان وليّ عهد السعودية لتقديم مساعدة مالية ضخمة للحد من الأزمة.

من المفروض ومن الطبيعي جدا أن يجري تغيّر ما في الخارطة السياسية في العالم، وفي أوروبا واتحادها على وجه الخصوص.

هنالك محور إنساني يعمل من أجل السلام، يتقوى أكثر فيه الصين وروسيا وإيران وكوبا وكوريا وفنزويلا وسوريا وكل أذرع المقاومة في لبنان واليمن والعراق ... 

وهناك المحور الوحشي الذي يضعف باستمرار وعلى رأسه الرئيس الأمريكي الحالي، لكن القضية ليست بالنوايا والأمنيات، بل بالعمل الجاد، المثابر والمسؤول ولكل منا دوره وبلا استثناء، فالعالم مليء بالأخيار، يجب التفتيش عنهم والتعاون ضد الضباع المجرمين بحق الانسانية وحق شعوبهم.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب