news-details

ابتزاز أمريكي يتبعه ضربات إسرائيلية للعراق

لم يكن الإرهاب، او الربيع “العبري”، الذي عَمَّ العراق وسوريا والمنطقة، برأيي، الاّ مؤامرة أمريكية اسرائيلية رجعية لتدمير قُدرات المجتمعات والدول العربية، وخاصة تلك التي تُحيط بإسرائيل، وتمتلك المقومات. ولهذا حمل وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رسالة تهديد خلال زيارته قبل اشهر للعراق أعلنها في وجه رئيس الوزراء عادل عبد المهدي. بحسب ما ذكرت محطات فضائية، انه بالإضافة إلى قائمة الفصائل المسلحة التي حملها معه بومبيو إلى العراق والتي طالب بغداد بتجميدها وسحب السلاح منها، فقد أكد لعبد المهدي أنه إن لم تجمد تلك الفصائل ويسحب السلاح منها فإنه لا يستطيع إيقاف أي غارات إسرائيلية تجاه العراق. رسالة وزير خارجية أمريكا كان عنوانها: "واشنطن لن تمنع إسرائيل من قصف مواقع الفصائل المسلحة التابعة لإيران على أرض العراق وهذا يشمل قصف مراكز الدعم والتوجيه ومخازن السلاح". وهو ما قابله عبد المهدي بحسب تقارير إعلامية بــ "الانزعاج" من مثل هكذا تلميحات وتهديدات، ما دعاه إلى إبلاغ وزير خارجية أمريكا بأن قصف إسرائيل لمواقع عراقية سيتسبب في تداعيات خطيرة على المنطقة بأكملها، وهو ما قابله بومبيو برد مقتضب، "إذن جمدوا تلك الفصائل واسحبوا منها السلاح قبل فوات الأوان".

هذه ليست المرّة الأولى ولن تكون الاخيرة التي يتم فيها اعتداء إسرائيلي على العراق او قيامها بقصف مواقع عراقية، تارة بطائرات مُسًيرة، وتارة أخرى بطائرات حربية متطورة مثل F 35، هذه المرّة الثالثة في  غضون اشهر، وبعلم حليفة العراق وصديقتها أمريكا، حيث تربطها وإياها اتفاقية استراتيجية ودفاع مُشترك لإسرائيل ــ كل العرب شعوباً و دولاً ــ هم أعداء، وبنسب متفاوتة، ويسبق العرب، في مرتبة العداء، اليوم، إيران وحركات المقاومة.

كشف صحفي وخبير اسرائيلي في الشؤون العربية، يُدعى تسفي يحزكيلي تفاصيل دخول العراق ضمن بنك الأهداف العسكرية لضمان أمن بلاده القومي، وأكد أن إسرائيل هي من نفذ الهجوم على معسكر ميليشيات عسكرية تابعة لإيران في آمرلي بمحافظة صلاح الدين في 19 تموز 2019، وهي وصفها كـ "قفزة كبيرة" في سلم المواجهة التي تخوضها إسرائيل في المنطقة. وقال إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو المح لهم بمسؤولية إسرائيل عن ذلك الهجوم الذي نفذ بطائرة F35  على قاعدة عسكرية يتواجد فيها مسؤولون عسكريون من إيران وضباط من حزب الله، مشيرا إلى أن هذه العملية هي بداية مواجهة جديدة بين إسرائيل وإيران. واضاف ان إيران لديها ذراع لوجيستي متطور في العراق، وأن أكبر أخطاء الولايات المتحدة بعد احتلال العراق في عام 2003 السماح لإيران بالتمدد والتواجد في العراق بقوة، الأمر الذي حوله إلى قاعدة صواريخ لوجستية وجبهة قتالية تهدد إسرائيل، وهو ما لن تسمح إسرائيل باستمراره. الخبير في الشؤون العربية توقع نشوب معركة كبرى ستشارك فيها إسرائيل ضد إيران على جبهات العراق وسوريا ولبنان لحماية أمنها القومي..

كذلك، ألمح تقرير حديث العهد في الإذاعة العسكرية لجيش الإسرائيلي "جلي تساهل"، إلى أن إسرائيل قد تكون الطرف الذي شن الهجوم الجوي على معسكر للحشد الشعبي في محافظة صلاح الدين. وقال مراسل الشؤون العربية في الإذاعة الإسرائيلية، جاكي حوجي، إن تقريرا عن الهجوم تم بثه في قناة “العربية”، يتحدث عن غارات وقعت على معسكر في محافظة صلاح الدين، وأوقع قتلى، وأنه من الواضح من أسلوب الهجوم أن الجهة التي يمكن لها أن تكون قد نفذت هذا الهجوم هي إسرائيل. ولفتت الإذاعة الإسرائيلية إلى أن الهجوم المذكور يحمل خصائص الغارات التي شنتها إسرائيل عشرات المرات ضد أهداف إيرانية ومخازن سلاح لـ”حزب الله” في سورية.
مدير وحدة أبحاث العراق في جامعة حيفا، البروفيسور أماتسيا برعام، لم يستبعد هذا الأمر، موضحا أن “الهجوم أصاب مواقع لـ”الحرس الثوري” والمليشيات قرب مدينة تكريت العراقية وسط منطقة سنية”. وأضاف برعام أن “الحكومة العراقية الحالية غير معنية بأن تكون وكيلا لشن ضربات صاروخية ضد إسرائيل في حال اندلاع الأوضاع في الخليج”، مشيرا إلى أن “المليشيات الخاضعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني تتمتع بحرية التصرف ولا تخضع لحكومة بغداد”، على حد زعمه.

 

مؤامرة لسلب العراق قدرته الدفاعية كمقدمة لضرب ايران؟

مصدر امني كبير في اسرائيل يدعي أن هذه "المليشيات" ايضا ستصل الى حدود لبنان وسوريا للمشاركة في القتال ضد اسرائيل. وحسب صحيفة "الشرق الاوسط" السعودية الصادرة في لندن، اسرائيل او الولايات المتحدة تقفان وراء قصف معسكر الصقر في بغداد، الذي تستخدمه قوات الحشد الشعبي. وذكرت صحيفة “الشرق الاوسط” الصادرة في لندن نسبت لإسرائيل عدد من الهجمات في العراق في الشهر الماضي. وحسب الصحيفة هذه الهجمات استهدفت، ضمن امور اخرى، المس بنظام الصواريخ الذي نقلته ايران الى العراق. في اجهزة الامن في اسرائيل شخصوا أن ايران تنقل الى العراق معظم جهود التطوير لهذا النظام. هذا بعد أن طورت قدرات صواريخها من جهة المدى والدقة.

حسب تقديرات اجهزة الاستخبارات الاسرائيلية فان ايران تنقل الآن الى العراق صواريخ بمدى 200 – 700 كم، قادرة على ضرب كل موقع في اسرائيل. هذه الصواريخ ذات قدرة دقة عالية اكثر من التي توجد الآن لدى حزب الله. ايران تخطط لاستخدام هذه الصواريخ ضد اسرائيل من شمال العراق، وايضا لنقلها عند الحاجة الى سوريا ولبنان. ايران تستثمر معظم جهودها لتعزيز نظام صواريخها لأنها تعتقد أن سلاح الجو والمدرعات لن ينجحان في مواجهة القوات الغربية. في هذه المرحلة تحافظ اسرائيل على الصمت في كل ما يتعلق بما يحدث في العراق باستثناء فيلم قصير نشره حزب الليكود، يظهر فيه خطاب قديم لرئيس الحكومة بنيامين نتنياهو في الامم المتحدة والذي قال فيه ”سنعمل ضدكم في العراق وسنعمل ضدكم في أي مكان من اجل الدفاع عن شعبنا”. الفيلم القصير نشر مرة اخرى بعد ثلاثة ايام على الهجوم الذي وقع قبل اسبوعين على قاعدة في محافظة صلاح الدين في العراق والذي قتل فيه مقاتلون ايرانيون. هكذا يمكن أن نفهم ذلك كرمز بأن اسرائيل هي التي تقف كما يبدو وراء الهجوم الاخير. فيما لا زال الغموض يلف طبيعة "الانفجار" الذي ضرب مستودعًا للأسلحة جنوبي العاصمة العراقية بغداد، ومن يقف وراءه؛ أبرزت وسائل الإسرائيليّة الانفجار، وألمح محلّل الشؤون العسكريّة في القناة 13، ألون بن دافيد، أن يكون ناجمًا عن غارات إسرائيلية. في السياق ذاته، نقلت صحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم، الأربعاء، عن مصادر عراقية ترجيحها أن يكون ناجمًا عن "غارات بطائرات أميركية أو إسرائيلية".

إلا أنّ القيادي في التيار الصدري، ونائب رئيس الوزراء السابق، بهاء الأعرجي، استبعد ذلك، قائلا إنه "من خلال طبيعة النيران لحريق مخازن العتاد في معسكر الصقر، يظهر أن طبيعة الأسلحة التي أحرقت غير عادية، ولا تستعملها القوات العراقية، ولا حتى ’الحشد الشعبي’"، واستنتج الأعرج "لذا نعتقد أنها عبارة عن أمانة لدينا من دولة جارة، وقد استهدفت هذه الأمانة من دولة استعمارية ظالمة بناءً على وشاية عراقية خائنة".

وأشارت وكالة الأنباء العراقية الثلاثاء 8\20 الى ان انفجارا ضرب مخزن أسلحة قرب قاعدة بلد، وهي المرة الرابعة. تحدثت مصادر أن طائرة مسيرة استهدفت، على الأرجح، "مخازن لكتائب للإمام علي القتالية التابعة للحشد الشعبي"  .وقال مسؤول في هذه الميليشيات إن "المنطقة محصنة والتحقيقات جارية"، رافضا إعطاء أي تفاصيل عن سبب الانفجار.                                                                                                   وفي نفس اليوم المح بنيامين نتنياهو الى أن اسرائيل كانت وراء غارات جوية استهدفت مواقع للفصائل الموالية لإيران في العراق متعهدا بمواصلة العمل عسكريا كلما وأينما اقتضت الضرورة.

 

تناقض بين اهداف اسرائيل واميركا؟

مع ذلك، حرية عمل اسرائيل في العراق تختلف عن حرية عملها في سوريا. صحيح أن اسرائيل تملك قدرات لمهاجمة العراق، لكن من شأنها أن تتصادم بمشكلة من قبل الولايات المتحدة. الرئيس الامريكي دونالد ترامب معني بإعادة الهدوء الى العراق في اسرع وقت. وكل هجوم في العراق يهز الاستقرار ويبعد المستثمرين الاجانب والدول المستعدة لتعزيز اقتصاد العراق. لهذا السبب العراق هي الدولة الوحيدة التي يغمض ترامب عينيه عنها في الوقت الذي تحافظ فيه على الاتجار مع ايران رغم العقوبات. مؤخرا زادت طائرات التجسس الامريكية نشاطها في منطقة الحدود بين العراق وسوريا. وربما هذه هي الطريقة الامريكية من اجل التوضيح لإسرائيل بأنهم سيزيدون الرقابة على ما يحدث في المنطقة وعلى مرور وسائل قتالية متطورة لحزب الله والمليشيات في العراق وسوريا. اضافة الى ذلك، ربما أن الولايات المتحدة بدأت في العمل ضد التمركز الايراني في العراق خشية من أن تتضرر هي نفسها في المستقبل. ولكن واضح انه طالما هناك شخصيّات كدونالد ترامب وبنيامين نتنياهو، فخيار الحرب يظل قائما.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب