news-details

المنظمات شبه العسكرية التي أقيمت في فلسطين قبل النكبة؛ النجادة  (2)

في صيف عام 1946اطلقت سلطات الانتداب سراح الزعيم الفلسطيني جمال الحسيني زعيم الحزب العربي من السجن،  فقام بعد عدة أيام من اطلاق سراحه بزيارة مقر النجادة في مدينة يافا، والقى خطابًا في الجماهير التي استقبلته في المقر، وفي خطابه استعد للقيام بالتعاون بين حزبه ومنظمة النجادة، وأعلن أن حزبه على استعداد لتقديم الدعم اللازم لهذه المنظمة الوليدة.

كان في فلسطين آنذاك ستة أحزاب وهي: الحزب العربي بقيادة جمال الحسيني، حزب الدفاع بقيادة راغب النشاشيبي، حزب الإصلاح بقيادة حسين فخري الخالدي، حزب الاستقلال ويرأسه عوني عبد الهادي، حزب الكتلة الوطنية بقيادة عبد اللطيف صلاح، حزب مؤتمر الشباب بقيادة يعقوب الغصين، كان هناك احتمال لقيام حزب سابع، لكن اغتيال رائد الحركة العمالية في فلسطين سامي طه حال دون ذلك.

كانت جميع هذه الأحزاب ممثلة بالهيئة العربية العليا برئاسة الحاج امين الحسيني، لكنها كانت تعاني من ادران عدم الوفاق في عملها المشترك بسبب الصراعات بين قادتها. من بين الخطوات التي قام بها المحامي محمد نمر الهواري بعد أن تم اختياره رئيسًا لمنظمة النجادة، رفضه القاطع لتعاون المنظمة التي يقف على رأسها مع أي حزب من الأحزاب، كي تبقى قراراتها مستقلة، بعيدة عن الصراع المشتعل فيما بينها.

هذا الموقف جعل الهواري يرد بحزم على خطاب جمال الحسيني رئيس الحزب العربي، رافضًا عرضه قيام تعاون بين حزبه ومنظمة النجادة، وأعلن الهواري أمام الجميع أن منظمة النجادة لن تأتمر أو تقبل أن تتلقى الأوامر من الحاج أمين الحسني الذي كان يقيم في احدى القصور في مصر.

في ظل هذا الجو الحماسي أصدر النادي الرياضي الإسلامي بيانًا عام 1944 أعن فيه عن تأليف فرقة رياضية على غرار منظمة النجادة اللبنانية، وكان هذا النادي من اكبر واقدم اندية فلسطين، فضلًا عن أنه كان مركزًا للاتحاد الرياضي الفلسطيني، الذي كان يضم غالبية اندية فلسطين، كل ذلك شجع على تأسيس منظمة للنجادة تكون قطرية تشمل كل ارجاء فلسطين.

انتقلت فكرة انشاء هذه المنظمة بعد أن اقام مجلس الإدارة في نادي يافا الإسلامي لجنة خاصة لمتابعة مشروع إقامة النجادة، في يافا أولًا ثم في باقي المدن الفلسطينية، من أعضاء هذه اللجنة، نذكر رشاد الدباغ، رشاد عرفة وعبد السلام الدجاني.

انتسب في البداية لفرقة النجادة 24 شخصًا جميعهم من أعضاء نادي يافا الرياضي مثل خيري أبو الجبين، فوزي الشنطي، عبد الفتاح الدجاني، علي الشرباتي، محمد سمارة، نمر الطيبي، يعقوب أبو غزالة، محمد علي الهباب وآخرون.

تذكر الباحثة الفلسطينية بيان نويهض الحوت، أن منظمة النجادة في فلسطين، انطلقت في أواخر العام 1945 وكانت انطلاقتها قوية وحماسية يهدف للتدريب العسكري وكان لوقع اسمها النجادة محببا في النفوس، وقد اختيرت على غرار النجادة اللبنانية.

لم يكن من السهل على اية منظمة عربية ان تعلن عن أهدافها العسكرية، وهذا ما دعا منظمة النجادة الى إخفاء هدفها، واعتبرت نفسها منظمة رياضية، ضمن الدستور الأساسي الذي أعلنت عنه، وقد جاء في مقدمة الدستور: بما أن شباب العرب محرومون من ممارسة الرياضة البدنية وبعيدون عن بعضهم البعض، مما جعلهم يفقدون عنصرًا مهمًا من عناصر النهوض والقوة، ولما كانت العروبة في محنتها الآن في حاجة قصوى الى عقول سليمة، وهذه لا تتوفر الا في الاجسام السليمة، وفي حاجة قصوى ايضًا للاتحاد، وهو العنصر الحيوي لسعادة الامة، لا يمكن تحقيقه الا بالتعاون وتبادل الاخوة لتأمين ذلك تأسست في فلسطين منظمة باسم  النجادة تحت رئاسة رئيسها الأعلى بموجب قانون أساسي، وقد ورد في المادة الثالثة أن الغاية من تأسيسها توحيد صفوف العرب والعمل على النهوض بهم خلقيًا وعلميًا ورياضيًا.

من بين الدلائل العسكرية في نظامها، الألقاب للفرد وفقًا لنشاطه ومقدرته، فهي حسب الترتيب الآتي: فرد، مساعد عريف، نائب ثان، نائب أول، ضباط، آمر فوج، عميد ثاني، عميد أول، قائد ثاني، وقائد أول.

أما بناء المؤسسات الرياضية، فيندرج من الحظيرة التي تضم ثمانية أفراد الى الكتيبة التي تتألف من أربعة حظائر الى الفوج الذي يتألف من كتيبتين الى الفرقة التي تتألف من أربعة كتائب، الى الفيلق الذي يتألف ن أربعة فرق.

يشرف على مراكز النجادة التي تقرر توزيعها في العديد من المدن الفلسطينية كالناصرة، حيفا، نابلس، يافا، القدس، غزة، قيادة مركزية تضم المجلس الأعلى ومجلس القيادة والمجلس الاستشاري وعلى رأس هذه التشكيلات ينتخب القائد العام للنجادة مرة كل سنتين.

نجحت النجادة بالحصول على اذن رسمي بشرعية قيامتها يوم 21 كانون الأول عام 1945، ان أهمية الحصول على هذا التصريح جعلها لم تبال اظهار أهدافها العسكرية، فاتخذت زيًا موحدًا شبيهًا بالزي العسكري، كما اتخذت عدة شارات للرأس والصدر والحزام، واتخذت لكل فرقة علمًا خاصًا يحمل اسم أحد رجالات العرب وعليه سمة النجادة.

لقد أعلن منذ اليوم الأول لتأسيس النجادة ولاءها للمفتي أمين الحسيني وولاء النجادة للعروبة شعارًا، وقد كتبت على شارتها (بلاد العرب للعرب) ومن هتافاتها في المناسبات (يعيش الرئيس، تحيا فلسطين عربية).

يتبع

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب