news-details

المهمة الأولى، تأكيد الوزن النوعي للصوت العربي

إن بناء القائمة المشتركة وانطلاقها من جديد، ما هو إلا البداية لمشوار تغيير جدي يحتاج الى "عدّائي مارثون" أصحاب نفس طويل. إنها البداية لمخاطبة ذهنية ونفسية أبناء الأقلية الفلسطينية، أصحاب هذه البلاد، الذين ما إن يبدؤوا بالتفاؤل والتقدم الى الأمام حتى تأتي مجنزرات المؤسسة لتهدم بيوتنا، أو يأتي إطلاق النار من بين ظهرانينا لنتذكر أننا خارج سياق المواطنة، وان المؤسسة ما زالت ترى بِنَا طابورا خامسا او حصان طروادة يجب إنهاكه بقضاياه الداخلية، فنتصدر العناوين فقط بهدم البيوت، جرائم القتل والفقر.

إنها البداية لمخاطبة الذات الجماعية وقراءة المشهد السياسي على مستوى الخارطة السياسية وتحديد موقعنا فيها. هل نقبل البقاء في هامشها؟ آم نحول قوتنا الى قوة نوعية تشكل سياجاً ودرعاً للحفاظ على مصالح شعبنا وتطورنا. اننا امام تحدّ هام وهو تجذير الحقيقة الآخذة بالتشكل في الواقع السياسي وموازين القوى على الخارطة السياسية الاسرائيلية، والقائلة إن الوزن النوعي للصوت العربي آخذ بالازدياد لدرجة أن أي تغيير مرجو لتحرير المجتمع الاسرائيلي من "الأسر" المفروض عليه في الجزء اليميني من الخارطة، لن يتم الا بتدخل الصوت العربي.

إنها البداية للتوجه الى أبناء شعبنا وإعادة الأمل ولكن الأهم إعادة الهمم، والإرادة لنأخذ كامل المسؤولية عن مصيرنا. إنها البداية للتوجه لأبناء شعبنا لان نقف على أرجلنا ولا نستسلم لليأس وللمرض الذي ينخر في جهاز المناعة المجتمعي من خلال الانهيار القيمي وانتشار الجريمة، والذي يحدث كله تحت عيون المؤسسة وأحيانا - وانا لا ابالغ – بتشجيع منها. انها البداية لان ننتفض لإنقاذ مستقبل أولادنا، انها البداية لنتصرف كمجموع وبوحدة وطنية. إنها البداية لنعرف انه واجب علينا من خلال الانتخابات القادمة ان ننقضّ داخل "الملعب" السياسي الإسرائيلي لنقول لهم: لن نترك لكم الملعب "سداح مداح"، نحن الاقلية القومية الفلسطينية صاحبة هذه البلاد سنخرج بمئات الألوف الى صناديق الاقتراع لأننا نعلم ان صوتنا هو الذي سيقرر، وإذ لم يقرر هذه المرة فبالتأكيد في المرة القادمة سيقرر. سندخل الملعب بكل قوة لأننا لن نقبل ان نبقى على دكة الاحتياط، لن نقبل أن نبقى الضحية التي تسجل ضدها الأهداف، وتستسلم.

المهمة ليست فقط إسقاط نتنياهو وزمرته من سموتريش وغيره، إنها البداية التي لا بد منها نحو الانطلاق في مسار الماراثون الذي سنصل في آخره الى تعزيز الوزن النوعي للقوة الانتخابية للأقلية القومية، التي بإمكانها ان "تسوّق" نفسها بوصفها القوة الديموقراطية الثابتة في المشهد السياسي الإسرائيلي. القائمة المشتركة وما تمثله من قيم ونضال عربي يهودي هي المعسكر الديموقراطي الحقيقي.

أليست هي القوة التي كانت دائما وستبقى ضد أي حرب أو سياسيات الاضطهاد؟

أليست هي القوة الوحيدة التي كانت وستبقى ضد الاحتلال وترى فيه أساس البلاء السياسي، الاقتصادي والاجتماعي؟

أليست هي القوة الوحيدة التي كانت وستبقى مع نضال كل الأقليات؟

أليست هي التي كانت وستظل تدافع عن الحريات على اختلاف أنواعها؟

أليست هي التي ترفع صوتا واضحا ورغم كل مآخذها على جهاز القضاء، الذي ينزلق احيانا وينطوي تحت غطاء الهيمنة الصهيونية في بعض القضايا، من اجل الحفاظ على حرية القضاء؟

 إن القائمة المشتركة هي المعسكر الديموقراطي الحقيقي برؤيتها وأجندتها، وهي صاحبة المصلحة الأولى بالحفاظ على اكبر هامش ممكن من الديموقراطية والوقوف سدا منيعا أما محاولات هذا اليمين المتطرف لضرب وجودنا وتطورنا في مدننا وقرانا وإصراره على إشاعة أجواء عنصرية وضرب شرعية وجودنا في وطننا الذي لا وطن لنا سواه.

إنها البداية للانطلاق بقائمة مشتركة تستطيع أن تنتزع من (120) مقعداً في الكنيست، مقاعد تكون حلالا زلالا للحفاظ على أوسع هامش من الديمقراطية و لصالح قضايا شعبنا الفلسطيني وإنهاء الاحتلال، و خدمة لمصالح أبناء وبنات الاقلية الفلسطينية، من خلال التأكيد على معادلة التوازن بين القومي والمدني والنضال الدؤوب لانتزاع كافة حقوقنا لضمان تطور مدننا وقرانا في وطننا الذي لا وطن لنا سواه.

المرحلة تاريخية، والمهمة وطنية. أمر الساعة هو أن يتحمل كل مواطن منا المسؤولية على مستقبله ومستقبل أولاده ليكون شريكا ليس فقط بالتصويت بل في الحراك الانتخابي، لا أقول لاستعادة الثقة بالقائمة المشتركة بل أقول لإعادة الثقة بأنفسنا. سنثبت هذه المرة أننا بدأنا نعي مدى أهمية وضع كل وزننا الكمي والنوعي. سنبدأ بإدراك مدى قوتنا الانتخابية.

سنكون  في كل الحارات والبيوت لاستغلال الحراك الانتخابي لإعادة الثقة بأنفسنا. إنها فرصة قدّر لنا القدر ان نخوضها مرة اخرى، وعلينا اغتنامها. لنتخيل أننا استطعنا ضمان مشاركة 75 بالمئة من ابناء شعبنا في الانتخابات القادمة، فسوف ننتزع أكثر من 14 مقعدا، والاهم سنحول دون دخول أعضاء من تحالف اليمين الاستيطاني المتطرف.

أليس هذا كافيا لان نتحرك حراكا جماهيريا واثقا بنفسه قويا حتى نتقدم ونحقق نقاطاً في السجال الدائر بيننا وبين المؤسسة.

كلنا من اجل فرض واقع جديد.. فيه الأقلية تنتصر وتسجل أهدافا.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب