news-details

لا يوجد أي حق أخلاقي للتصويت للأحزاب الصهيونية

جاءت العملية العسكرية التي شنها حزب الله اللبناني، مساء الأحد، الأول من أيلول الجاري، مناسبة هامة ليثبت من جديد جوهر الأحزاب الصهيونية، وهو اثبات نحن لسنا بحاجة له، ولكنه يساعدنا كي نثبت لمن يتعلق بأوهام الأحزاب الصهيونية، أنه في ساعة الحسم، وفي حروب إسرائيل العدوانية، لا فرق بينها، خاصة ميرتس، قبل وبعد تحالفها مع جنرالي الحرب إيهود باراك ويائير غولان.

فلم يبق حزب صهيوني واحد، إلا وأعرب عن تأييده ودعمه لعدوانية جيش الاحتلال على لبنان وسورية، فالبداية لا يمكن أن تكون عملية حزب الله، التي جاءت ردا على عدوان جيش الاحتلال على عناصر الحزب في سورية، وإنما البداية دائما هي جرائم جيش الاحتلال وحكومته والحركة الصهيونية برمتها، فهم أساس الشر، كل الشرور في المنطقة.

ونذكر بالذات تحالف الجنرالات، المسمى "كحول لافان"، إذ لم يبق فيه واحد إلا ورحّب، وهذه ردود فعل متوقعة من مجرمي حرب. ولكن سبقهم بالترحيب من يسمى إسرائيليا، "سيد الأمن"، إيهود باراك، الذي رحّب وحيا جيشه. وكانت انتقادات هؤلاء في اليوم التالي، لبنيامين نتنياهو، لأنه كشف ما زعمه جيش الاحتلال، بأنه مارس عملية تضليل لحزب الله، وأنه لم تقع إصابات في صفوفه. 

وتبقى هذه قضية خاضعة للفحص، إذ أن تجارب السنين، علّمت أن جيش الاحتلال يخفي بقدر الإمكانيات، حجم اضراره. وفي هذه النقطة بالذات، نقول إن العملية أكدت للمؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، أنه لا يمكنها أن تبقى اللاعب الوحيد في المنطقة.

في انتخابات نيسان، سجلت نسبة التصويت للأحزاب الصهيونية حوالي 30%. وارتفاع هذه النسبة، مقابل 18% في انتخابات 2015، جاء بسبب تراجع نسبة التصويت بين العرب، من 63% في 2015، إلى 53%، أو أقل بقليل في انتخابات نيسان. ما يعني أن تراجع نسبة التصويت، جاء على حساب القائمتين اللتين شكلتا من جديد في هذه الانتخابات القائمة المشتركة. ما يعني أن كل صوت جديد في الانتخابات المقبلة، نتوقع أن نراه يصب في صالح القائمة المشتركة.
ولكن هذه مناسبة لدعوة مَن أقدم في انتخابات نيسان الماضي، على التصويت للأحزاب الصهيونية، منهم بدافع الاعتراض على التشكيلين الانتخابيين، أو تحت ذريعة ما تسمى "شو عملولنا النواب العرب"، أن يعيدوا حساباتهم، فالأحزاب الصهيونية لن تخرج من جلدها ومن قالبها الصهيوني، الذي لا مشروع استراتيجي له، سوى حرمان الشعب الفلسطيني من حقه في وطنه، مهما تنوعت الخطابات المعسولة لهذا الحزب أو ذاك.

فعلى سبيل المثال، في الأسابيع الأخيرة للكنيست الـ 20، قدم نائبنا الجبهوي، الرفيق يوسف جبارين، مشروع قانون يدعو لتطبيق المساواة المدنية والقومية الكاملة لكافة المواطنين، واعترضت على هذا القانون كتلة "ميرتس" التي تتغنى بيساريتها المزعومة، رغم أن الصهيونية واليسارية، هما قطبان متنافران. وحينما استفسر جبارين عن سبب اعتراضهم، جاء الرد من رئيسة حزبهم تمار زاندبرغ، أن مشروع القانون يتناقض مع يهودية الدولة.

أضف الى هذا، أن حزب "ميرتس"، منذ أيام حركة "راتس" المؤسسة لحزب ميرتس، في سنوات السبعين، لم تعترض على أي من حروب إسرائيل، إلا بعد أن تبدأ إسرائيل في تكبد خسائر مادية وبالأرواح. وهذه دعوة لمساءلة هذا الحزب عن موقفه الحقيقي من غارات جيشهم على سورية وقطاع غزة.

الشراكة العربية اليهودية

هناك من يرى في التصويت للأحزاب الصهيونية، أنه من منطلق التأييد للشراكة العربية اليهودية. وفي هذه الانتخابات، أوغلت بعض الجمعيات والحركات الصهيونية، في التبجح عن مسألة الشراكة العربية اليهودية، كتلك التي راحت تتمرمرغ على عتبات جنرال الحرب، زعيم كحول لافان، بيني غانتس، ليقبل بتعيين وزير "عربي" في حكومته الوهمية، أو تلك الأطر والجمعيات، التي كشفت عن عمق صهيونيتها، بأنها رحبّت بكل حزب ثرثر عن "الشراكة العربية اليهودية" بغض النظر عن حقيقة وعمق هذا الشعار.

إننا في الحزب الشيوعي والجبهة، نرى أن الشراكة الكفاحية الحقيقية، تقوم على أسس واضحة، برفض جوهر العنصرية الصهيونية، والتصدي للاحتلال والاستيطان، عن قناعة تامة، دون صياغات تورية كهذه أو تلك.

مثل هذه الشراكة، يعبّر عنها رفيقنا النائب عوفر كسيف، المحاضر حتى وقت قريب بموضوع الفلسفة السياسية، وهو المناضل الميداني في كل مكان، ضد الاحتلال وجرائم جيشه وحكومته، وتعرّض مرارا لاعتداءات، بما في ذلك بعد أن بات عضو كنيست، قبل نحو ثلاثة أسابيع في القدس المحتلة.

إن الشراكة العربية اليهودية، إذا لم تقم على أسس واضحة وحقيقية، فإنها تكون فقط لجرف أصوات، مقابل مال الدنس، الذي يتم دسه في جيوب مقاولين مرتزقة.

هذا وقت المشتركة

هذا وقت التصويت للقائمة المشتركة، وكانت انتخابات نيسان، قد بعثت الكثير من الرسائل، ولكن ما يعنينا، ونحن في الأيام الأخيرة قبل يوم الانتخابات، هو أن الشارع العربي، والتقدمي في الشارع اليهودي، يريد القائمة المشتركة، يريد الصوت الجهوري الواضح ضد الاحتلال وسياسة التمييز العنصري، دون مهادنات، ودون أي شكل من اشكال التملق للصهيونية ومؤسساتها الحاكمة.

هذا هو الوقت لرفع نسبة التصويت بين العرب، في الوقت الذي يسعى نتنياهو وعصابته لخفضها بكل الوسائل الدنيئة، النابعة أساسا من العقلية العنصرية الشرسة.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب