news-details

مقابلة خاصة بـ "الاتحاد" مع الرفيق باتريك كوبيلي، رئيس الحزب الشيوعي الألماني| ريم حزان

منع ترشيحنا الذي فشل، جاء ضمن "إعادة بناء الدولة على أسس رجعية"

 

قررت المحكمة الدستورية في ألمانيا يوم الثلاثاء الماضي، 29 تموز، دحض ادعاءات لجنة الانتخابات للبرلمان الألماني بشكل قاطع ورفض جميع الادعاءات، وإلغاء قرار لجنة الانتخابات الصادر في الثامن من تموز، والذي قضى بمنع الحزب الشيوعي الألماني “DKP” من الترشح للانتخابات البرلمانية في أيلول، حيث زعمت اللجنة أن القائمة الشيوعية التابعة للحزب تأخرت في تقديم التقارير المالية، كذريعة لحظر الشيوعيين ومنعهم من حق الترشح، بالرغم من أن الحزب قدّم أوراق الترشّح في موعدها قبل أكثر من عام، كما استلم تصريحًا من مفوّض الانتخابات الفدرالي يفيد بأن الحزب مخوّل، وفق جميع الشروط القانونية، للتنافس في الانتخابات، وهذا ما يؤكد أن هذه "البدعة" الأخيرة بشأن التقارير المالية ما هي إلا غطاء للدوافع السياسية التي تهدف إلى حظر الحزب، أو على الأقل السعي لذلك.

المثير في الأمر كان أن قيادة الحزب الشيوعي الألماني علمت بالقرار فقط من خلال التقارير الصحفية، ويبدو أن مفوض الانتخابات الفيدرالي لم يعتبر حتى أنه من الضروري إبلاغ الحزب، الذي يضم ممثلين منتخبين بشكل ديمقراطي في العديد من المدن والبلدات، ويُرشح العشرات في 11 ولاية فدرالية في الانتخابات للبوندستاغ (البرلمان الألماني) التي ستعقد في تاريخ 26 أيلول القريب.

أجرينا في الاتحاد، بالتعاون مع لجنة العلاقات الخارجية في الحزب الشيوعي، مقابلة قصيرة مع الرفيق باتريك كوبيلي، رئيس الحزب الشيوعي الألماني، حول القرار الإيجابي الأخير، ومجريات الأسابيع القليلة الماضية.

 

 

الاتحاد: إن التقييدات على الشيوعي الألماني ليس بجديدة، قانون الوقاية الدستوري الفيدرالي مثلاً يتيح للحكومة رصد أي جهة أو شخص أو حزب تعتبره "تهديدًا أو خطرًا"، ومؤخرًا طال هذا القانون الصحفيين كذلك. كيف يؤثر هذا على حياتكم اليومية كشيوعيين وحزب؟

 

كوبيلي: لقد جرى تصنيف الشيوعي الألماني كـ"معادٍ للدستور"/"غير-دستوري" في التقارير السنوية لما يسمّى بوكالات وقاية الدستور. هذه الكلمة هي خدعة. إن الدستور ينص على أنه لا يمكن حظر حزب إن كان ضد الدستور، لكن عندها على المحكمة الدستورية أن تقرر في ذلك. إن المصطلح "معاد/ضد الدستور" غير قائمة في الدستور، لذا فليس عليها أن تكون قابلة للإثبات. في تقارير ما يسمى "وكالة حماية الدستور" فالرفاق القياديون مذكورون هناك بالاسم – وهذا ما نرى فيه تمييز علني مُسبق ضدنا. نعلم أيضًا أنه يتم تعقّب حزبنا من قبل المخابرات الألمانية. لقد شهدنا في التبريرات القضائية لمنع تظاهراتنا جمل من الواضح أنه قد تم اعتراضها في مكاتب الحزب.

الآن، أي تأثير يترك هذا؟ لا يمكنك التحدّث عن كل شيء في أي مكان، والعديد من الرفاق، بالأخص الرفاق الشباب، عليهم إخفاء حقيقة كونهم شيوعيين، لأن هذا يعرّضهم لمصاعب في مكان عملهم وقد يخسرون عملهم لذلك.       

 

 

 

الاتحاد: نظرًا إلى أن هذا القانون، "قانون الوقاية"، يستخدم ضد مؤسسات يسارية في ألمانيا، مَن أيضًا قد منع أو يمنع جراء هذا القانون؟

 

كوبيلي: ليس من خلال هذا القانون تحديدًا، لكن بأساليب مشابهة. مثال على ذلك، كانت هناك محاولة لنزع المكانة القانونية للمنظمة المعادية للفاشية الأكبر – جمعية الملاحقين من النظام النازي -رابطة المعادين للفاشية (VVN/BdA) كمؤسسة غير ربحية. ذلك كان سيضعهم تحت نفس التهديد الذي نواجهه، أنه ستكون هناك أقل تبرعات – أي بكلمات أخرى: خنق مادي.

الصحيفة اليومية الماركسية "جونج فيلت" (Junge Welt)، معرّفة مثلنا كمعادية للدستور، كما اعتبرها ما يدعى بالتقرير لوقاية الدستور. هذا مثلاً الادعاء وراء منعها من الإعلان في الإعلام أو منعها مثلاً من استئجار عقار أي كان. إن الهجمة ضدنا واحدة من عدة هجمات جارية اليوم في ألمانيا. لدينا اليوم قوانين شرطوية أقسى، وحاليًا تسعى الحكومة بشدة لمنع الحق في التظاهر.

أمرٌ إضافي، في حديثنا عن اليسار في ألمانيا، لقد صوّت الممثلون عن حزب اليسار في لجنة الانتخابات الفيدرالية مع القرار ضد الشيوعي الألماني، وهذا يثير الآن نقاشات حادة داخلهم؛ يعبّر الكثيرون عن تضامنهم معنا، ويعتذرون على هذه الخطوة، لكن قيادتهم لم تنبس ببنت شفة حتى اللحظة.

إن ضربة واحدة قد لا تبدو أمرًا جلل، لكن مجمل الضربات ينتج ما ندعوه "إعادة بناء الدولة على أسس رجعية". إن الإمبريالية الألمانية، والتي تشتد ضراوتها، تريد هدوءًا داخل الدولة.

 

الاتحاد: كيف يقيّم الحزب، 3 أسابيع بعد الإعلان عن القرار ودحضه قبل أيام، هذه التجربة؟

 

كوبيلي: عندما قدّمنا استئنافًا للمحكمة الدستورية ضد قرار اللجنة، لم نكن متأكدين بأن القرار ليس قابلاً للتبرير بما يخص النص القانوني. لذا، فرأينا أن هناك فرصة أن يتم قلب القرار. لكن علمنا أن ذلك لا يكفي، وأنه علينا ملء الشوارع وإيضاح الصورة لجميع الديمقراطيين أن هذا الأمر لا يخص الحزب الشيوعي الألماني وحسب.

 

للانتخابات القريبة، لدينا قوائم من 3 إلى 20 مرشح في 11 ولاية فيدرالية، إضافة إلى مرشحين في عشرات المقاطعات الفيدرالية. هناك عدة اعتبارات وإسقاطات علينا التعامل معها في خوض الحزب هذه الانتخابات كونه في بعض الولايات عليك أن تكون حزبًا لتترشح، وفي بعضها ليس ذلك شرطًا. في الانتخابات المحلية، يمكنك التنافس دون أن تكون حزبًا. فهذا القرار كاد أن يمنع عنا فرصة التنافس في الانتخابات القريبة، في سعي النظام لإخراجنا خارج القانون. إن التضامن الوطني والأممي الذي لقيناه رائع حقًا، وإن غالبية أعضاء الحزب شعروا بالتزام أكبر والتصاق أشد بالحزب وطريقه "اليوم أكثر من أي وقت مضى".

 

عليّ أن أشير هنا إلى أننا تلقينا العشرات من رسائل التضامن والدعم من كل العالم، من الحزب الاشتراكي الموحد في فنزويلا، اتحاد الشباب العالمي، مجلس السلم العالمي، ومن الحزب الشيوعي الإسرائيلي أيضًا، كما قدّم رفاقٌ نواب في البرلمان الأوروبي استجوابًا للبرلمان بشأن الشيوعي الألماني وأرسلت العديد من الرسائل للمحكمة الدستورية. أعتقد أن النظام في ألمانيا كان يأمل بأن يمرروا محاولة حظرنا بطريقة غير مباشرة – دون إحداث جلبة. إن التضامن داخل ألمانيا وخارجها منع ذلك. لقد كان ذلك شعور رائع، وأعطانا قوة كبيرة للمواجهة وأعتقد أن العديد من الرفاق هنا يشعرون مثلي، فقد غمرني هذا التضامن بدموع الفرح وشعرت بأننا، الشيوعيون، قوة عالمية نساند بعضنا ونقف سوية عند الحاجة.

 نحن بحاجة في ألمانيا إلى مقاومة عريضة ضد سياسة الحرب والهجمات على الحقوق الديمقراطية والاجتماعية للطبقة العاملة، ونحن أيضًا بحاجة لأن يكون الحزب الشيوعي الألماني أقوى. إن هذا النصر للحزب الشيوعي الألماني هو خطوة صغيرة في النضال ضد تفكيك الحقوق الديمقراطية وضد التقييدات الرجعية من قبل الدولة – والتي يجب علينا معًا مواصلة النضال ضدها.

أخبار ذات صلة

إضافة تعقيب