news-details

تحليل اخباري: فوضى في احصائيات البطالة تجعل مئات الآف محرومي الدخل | برهوم جرايسي

الشريحة الأكثر بؤسا هم العرب، فهم آخر من يتم استيعابهم في سوق العمل، وأول من يتم فصلهم، خاصة شريحتي الشباب والمتقدمين في العمر *مظاهرة النقب في العاشرة صباحا يوم أمس الاثنين، بمشاركة الآلاف، إنجازا كفاحيا، ولكنها مصدر قلق لحجم البطالة *في أوقات طبيعية، ما كانت ستجري المظاهرة صباح يوم عمل *النقب منكوب البطالة

 

 

يستدل من سلسلة التقارير الرسمية، ومن التحليلات الاقتصادية، أن لا أحد يستطيع حصر أعداد محرومي العمل، والمعطّلين قسرا عن العمل، بفعل أزمة الكورونا، وهذا ما يؤدي إلى ظهور فجوات كبيرة في التقديرات، ولكن الاستنتاج منذ الآن بات واضحا: مئات الآلاف يجلسون في بيوتهم محرومين من العمل والدخل، أو يتقاضون الفتات.

وعلى ضوء الفوضى في التقارير، فقد توقفت سلطة التشغيل عن تعديل نسبة البطالة، وفق التسجيلات لديها، وعادت إلى تسجيل نسبة 4,2%، وهي النسبة الابعد عن الواقع، إذ حسب التقديرات، فإن البطالة حاليا، وبعد قرابة شهر من فتح الأسواق ومرافق العمل تدريجيا في حدود 20%، مقابل قرابة 27% في أوج اغلاق الاقتصاد قبل شهرين.

ما يعني أنه حاليا يوجد حوالي 900 ألف شخص معطّل عن العمل، ومئات الآلاف منهم، إما أنها محرومة كليا من المخصصات، أو أنها تتقاضى فتات تافه، ليس ذي صلة اطلاقا بكلفة المعيشة.

والشرائح الأكثر بؤسا في هذا المجال هي الأجيال الشابة، التي منها من ليس لديه مهنة، أو أنهم لم يستكملوا تأهيلهم المهني أو العلمي، أو لتوهم أنهوا التعليم ويبحثون عن أماكن عمل. وهذه الشريحة، منها من تعمل في قطاع الخدماتية، كمرحلة مؤقتة، مثل قطاع المطاعم ومرافق الطعام، وقاعات المناسبات والفنادق، ومناطق الترفيه، التي كلها لم تعد إلى وتيرة العمل الكاملة، فحسب آخر التقارير، فإن المطاعم تتحدث عن مداخيل تقل بنسبة 60% عما كان قبل اندلاع الأزمة الصحية والإغلاق.

كذلك هناك الشريحة المتقدمة في السن، من عمر 55 عاما وصاعدا، الذين هم على رأس لوائح الذين يتم الاستغناء عنهم في أماكن العمل، في إطار التقليصات في عدد الوظائف.

وعلى الرغم من كل هذا، فإن الحكومة تتلكأ في إيجاد الحلول لمحرومي العمل والمخصصات. إذ أن مخصصات البطالة الاستثنائية لمن لا يستحقون مخصصات بطالة كاملة، وهم الغالبية الساحقة من المعطّلين عن العمل، هي مخصصات فتات، وأن نسبة رفض منح المخصصات بلغت 22%.

إلا أنه حتى المخصصات الاستثنائية هذه هي مؤقتة، وآخر موعد لها في شهر آب المقبل، ما يعني أن متلقي الفتات سيخسرونها لاحقا، إذا لم يتم استيعابهم في أماكن عملهم.

إذا عدنا للشرائح الأكثر تضررا، الشباب والمتقدمين في العمر، فإن هذا يؤكد أن الشريحة الأكثر تضررا هم العرب، خاصة وأن التجمعات العربية محرومة من المناطق الصناعية، ومناطق العمل، ونسبة الوظائف "اللا مهنية" بينهم هي الأعلى من بين سائر المواطنين. وحينما يكون استيعاب المهنيين منهم يتطلب سفرا إلى أماكن بعيدة عن أماكن سكناهم، فإنهم يكونوا أول من يتم فصلهم من العمل، من أجل اختصار كلفة عملهم التي تضاف لها السفريات.

كذلك معروف أن صعوبة العثور على مكان عمل، في الأوقات العادية، تبدأ عند العرب في جيل أقل مما هو لدى اليهود، خاصة أولئك العاملين في الأعمال الصعبة، مثل البناء، وأعمال الصيانة، وغيرها من الأعمال المرتبطة بالبناء، والبنى التحتية.

يتوقع بنك إسرائيل أن تنخفض البطالة مع نهاية العام الجاري إلى نسبة 8%، وهذا التقدير صدر في أوائل شهر أيار الماضي، ولكن حاليا، مع تجدد تفشي الوباء، ليس واضحا مستقبل قطاع العمل. فالتقارير تتحدث عن أن الحركة التجارية لم تعد إلى وتيرتها التي كانت قبل اندلاع الأزمة، والمجمعات التجارية الكبرى تتحدث عن حركة ضعيفة، انعكاسا لقلق الناس.

كذلك فإن قطاعات كثيرة ستبقى متوقفة عن العمل، مثل مكاتب الخدمات السياحية، ومثلها السياحة الداخلية، وحتى مناطق الترفيه ليس متوقعا لها أن تعمل في وتيرة طبيعية. ومثلها قطاع المناسبات والأفراح، التي هذه أشهر موسمها، فالقيود ستُضعف عملها، وقدرتها على الاستمرار.

لقد اعتدنا على تقارير حكومات إسرائيل، التي تفحص أولا وأخيرا أوضاع سوق العمل بين اليهود، مع اهمال واضح، ومنهجي لانخراط العرب في سوق العمل. فحينما كانت تتحدث إسرائيل عن أقل نسبة بطالة بين الدول المتطورة في نهاية العام الماضي 3,8%، فإن نسبة البطالة بين العرب كانت 11% وأكثر.

أمس الاثنين، جرت في مدينة بئر السبع مظاهرة ضخمة بمشاركة آلاف العرب، تصديا لمخططات الاقتلاع والتدمير. هذه المظاهرة القوية، جرت في يوم الاثنين الساعة العاشرة صباحا، وهذه المشاركة الإيجابية من ناحية كفاحية، تقلقنا من ناحية البطالة، فلو كان سوق العمل طبيعيا، لما قرر المنظمون اجراء مظاهرة بهذه الضخامة في يوم عمل وساعة مبكرة كهذه. فالنقب هو المنطقة المنكوبة الأكبر أيضا من ناحية البطالة.

*الصورة: مظاهرة النقب في العاشرة صباحا يوم أمس الاثنين، بمشاركة الآلاف، إنجازا كفاحيا، ولكنها مصدر قلق لحجم البطالة

أخبار ذات صلة