news-details

محمد رابي لـ "الاتحاد": خرجنا نتظاهر ضد العنف وتقاعس الشرطة، فاعتدت علينا الشرطة بوحشية!

"يجب أن تعيد الشرطة حساباتها، هذا كله عبث، هؤلاء الناس يتلقون ارشادات لتنفيذ عملهم، هذه تعليمات من فوق، الشرطة لا تعرف كيف تتعامل مع المجتمع العربي وينظرون الينا كأعداء وكمجرمين، يعتدون علينا في البدء وفقط بعدها يفحصون الأحداث".

تعرض عدد من الشباب المشاركين في قافلة السيارات الى القدس التي دعت اليها لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، يوم الخميس الفائت، الى اعتداء وحشي من قبل الشرطة الاسرائيلية،  قرب المفترق المؤدي الى شارع رقم 1 - طلوع القدس، تسبب بكدمات واصابتهم بأوجاع بسبب الاعتداء الوحشي من قبل الشرطة.

محمد رابي أحد الشبان الذين استجابوا لنداء قيادات مجتمعنا العربي وخرجوا للتظاهر ضد استفحال العنف والجريمة وخرج بمركبته من بلدته جلجولية الى شارع رقم 6، لينضم للقافلة التي سدت شارع "عابر اسرائيل" الرئيسي إحتجاجًا على سوء تعامل الشرطة مع ملف عصابات الاجرام. يعتبر رابي نفسه غير ناشط سياسيًا ولكنه خرج رغبة بالتأثير واحداث التغيير للاجيال المقبلة وشعورًا منه بالانتماء لشعبنا العربي الفلسطيني، فيؤكد أنه لم يكن يتخيل أنه بأي حال من الاحوال سيصبح ضحية جريمة عنف بوليسية في هذه التظاهرة السلمية التي رفعت الأعلام السوداء على السيارات.

"الاتحاد" حاورت الشاب محمد رابي (40 عامًأ) حول الاعتداء والاعتقال الوحشي، والذي تم توثيقه من خلال احدى كاميرات شركة الأخبار الاسرائيلية كما ظهر في التقرير الّذي أعده الزميل الصحفي فرات نصار. رابي يسرد لنا الأحداث بقوله: "طلب رجال الشرطة منا أن نركن السيارة على جانب الطريق، كان شرطيًا راكبًا على دراجة نارية الذي أوقفنا. الشرطة على طول الطريق حاولت ارهاب المواطنين المشاركين بالقافلة الاحتجاجية، لكننا لم نحتك فيهم. بل امتنعنا وحاولت أن أبتعد قدر الامكان وأن لا أمنحهم سببا لتوقيفي".

عند مفترق اللطرون انتقل عدد من الشباب من جلجولية الى مركبته، واحدهم كان يحمل لفحة خضراء مكتوب عليها "لا اله الا الله محمد رسول الله".

ويؤكد رابي أن الشرطي المذكور لاحقه واستهدفه بشكل استفزازي شخصيًا، فقد طلب منه ركن سيارته في وسط الطريق وطلب رخصة السياقة "فأعطيته اياها وبعد فحص تركني أواصل السير، لكنه على ما يبدو لحق بي حتى "طلعة شورش" وكان هناك جيبات وسيارات وقوات شرطة، طلب مني أن أتوقف من جديد على جانب شارع رقم 1. توقفنا والتموا علينا قوات الشرطة، وطالبوا بأخذ العلم عنوة من زميلي، ورفض اعطاءه اياه، انفعل، ورفض أن يتنازل عن العلم، الشرطة جاءت مشحونة واستفزت المحتجين بشكل وقذر... طلبت من الشاب معي أن يعطيه اياه، وفجأة وجدت نفسي أفترش الأرض بعد أن اعتدوا عليّ وعلى الشاب الآخر في وسط الشارع أيضَا.. اعتدوا علينا، بالركل وبالركاب في كل أنحاء الجسد وكذلك على الظهر والكتف، والأسفلت كان ساخنًا جدًا مما زاد المصيبة. حتى أن أحدهم حاول كسر يدي بليها بشكل عنيف وبقوة.. أنزلوني امام السيارات في الشارع.. في وسط الشارع، بشكل مهين جدًا.. بعد الاعتداء على الشاب الآخر، وضع شرطي القيود وكبلني وقام بالقفز والاعتداء علي.. يدي كانت نار حامية، اخضرت من الألم، بسبب الاسفلت الساخن الذي تسبب لي بحروق، قلت له اني لم أعد أشعر بيدي بسبب القيد.. دفعني نحو الجدار الحديدي الساخن على طرف الطريق وكاد يلقيني على قارعة الطريق، حاول دفعي أرضًا ومنعني حتى من أن أقول اسمي للشاب الآخر الذي بالكاد تعرفنا عليه وتعرض للاعتداء معي واعتقل ايضا. سمعت الكثير من الشتائم المستفزة من هؤلاء الشرطيين".

ويضيف رابي "لم اعارض الاعتقال، وطالبتهم بالكفّ عن العنف، ولكنهم واصلوا الركل والاستفزاز والشتم.. يحاولون استفزازك لمد يدك. لكني لم أعطهم أي سبب لذلك"!

* "ابتسامتك تهددني"

يشير رابي الى أن الشرطة على ما يبدو كانت تبحث عن شخص تستفزه لتلقن بقية المحتجين به درسًا، واستفردت به، واعتقلته واعتقلت الشاب الذي كان معه مهند عزوني، وشابا نصراويا آخر كان يقوم بتصوير الأحداث (لا يعرف اسمه) فاعتقلوه متذرعين بأنه "يعيق عمل الشرطة".

يقول رابي أنه خلال الاعتقال وقعت حادثة غريبة :"حتى عند الابتسامة قال لي الشرطي "لماذا تبتسم، هل تهددني بابتسامتك؟" على ما يبدو أنه لديهم مشاعر بالدونية"..

ويسرد لنا رابي ما حدث داخل محطة الشرطة حيث كان معتقلًا، بقوله إنهم تنقلوا بهم بين زاوية وأخرى داخل محطة الشرطة ومنعوا عنهم أي امكانية للارتياح، بل استخدموا معهم أساليب تحقيق شاباكية. "جعلونا ننتظر في زاوية التدخين نحو ثلاث ساعات، بعدها اقتادوني الى غرفة الاجتماعات وأنا كنت لا ازال مكبلًا، وأجلسوني مع وجهي الى الحائط ومنعونا من الحوار مع بعضنا البعض. وكان شرطي وحدات خاصة (يسام) معنا طوال الوقت. نحو 3 ساعات وأنا أعاني من الأوجاع وبعدها جاء أحدهم عرض أن ينقل القيود من الخلف الى الأمام، ورفض أن يزيلها، أبقوني مكبلا.. كان نوعا من الحرب النفسية".

يؤكد حتى أنهم سمحوا له بأن يصلي شريطة أن يبقى مكبلًا، في اعتداء على أبسط حقوق الانسان.

ويتابع رابي "من المؤلم جدا أن شخصًا خرج يتظاهر ضد العنف وطريقة تعامل الشرطة مع المجتمع العربي، يتعرض لهذه المعاملة. الأمر كان صادمًا بالنسبة، لا أعتقد أنه لو كان يهوديا كان ليصل الى هذه الحال.. يوجد في الدولة مواطنون (أ) و (ب) واثيوبيون وبعدهم العرب... لا يكترثون بنا ولا بشؤوننا"...

بعد نحو 4 ساعات وصل المحامون الى محطة الشرطة، واكتشفوا ان الشباب المعتقلين اتهموا بمعارضة الاعتقال ومحاولة افشال الاعتقال ورفع أعلام حركة حماس، فيعلق رابي على الموضوع بقوله "انت اوقفتني لأجل معاينة رخصة السياقة خاصتي، عملت بالضبط كل ما طلبتموه وقمتَ بالاعتداء علي وتدعي اني عارضت الاعتقال؟ اذا كان "لا اله الا الله حرام" فكل المسلمين محرّمين وحتى علم السعودية محرم"!

*تعليمات من فوق

يرجح رابي أن الاعتداء لم يكن صدفة، بل جاء بتعليمات من قيادة الشرطة لإرهاب المواطنين وثنيهم عن استخدام أبسط أدوات الاحتجاج السلمي. فإعاقة حركة السير في أي مكان آخر في العالم تعتبر أحد أساليب الاحتجاج السلمي، بينما في البلاد يرى رابي أن الشرطة كانت تسعى لاحباط عزيمة المتظاهرين.

ويقول "يجب أن تعيد الشرط حساباتها، هذا كله عبث، هؤلاء الناس يتلقون ارشادات لتنفيذ عملهم، هذه تعليمات من فوق، الشرطة لا تعرف كيف تتعامل مع المجتمع العربي وينظرون الينا كأعداء وكمجرمين، يعتدون علينا في البدء وفقط بعدها يفحصون الأحداث. نحن مواطنون وكل ما نطلبه هو أن نعيش بسلام وامان ليس اكثر من ذلك. خرجنا باحتجاج مرخص وليس لنخوض حربًا. فهذا العنف الذي نشهده يوميًا يجبر الانسان على الخروج والتظاهر"...

ويحث رابي المواطنين العرب على الاستجابة لدعوات القيادات والتظاهر ضد العنف، فهذا احتجاج شرعي وقانوني حسب رأيه، "الكثيرون يقولون إنه لا يساعد ولا يفيد، ولكن كي لا أقول أنه إن لم أبذل قصارى جهدي للتغيير والتحسين، فلن أكون مرتاحًا. هذا مجتمعنا وعلينا التحلي بالمسؤولية. هذا الأمر سيؤثر على الدولة بشكل أو بآخر ولن يبقى محصورًا في المجتمع العربي فحسب، بل سيؤثر على المجتمع عامة في اسرائيل".

كما نشرنا أمس، فقد توجه النائب عن القائمة المشتركة، د. يوسف جبارين، برسالةٍ مُستعجلة الى وزير الأمن الداخلي جلعاد أردان، شرح فيها تفاصيل الاعتداء وطالب بفتح تحقيق ضد أفراد الشرطة الّذين قاموا بالاعتداء البربري على الشابين. وجاء في الرسالة ان افراد الشرطة اعترضوا طريق السيارة التي قادها الشابان وبعد ان طلبوا منهما اظهار الهوية قاموا بالاعتداء عليهما في الشارع الرئيسي بشكل وحشي قبل اقتيادهما الى مركز الشرطة حيث تم  التحقيق معهما.

 

في الصور: آثار الاعتداء، وصورة للمعتقلين بعد اطلاق سراحهما مع محامين وأهالٍ والنائب يوسف جبارين ورئيس بلدية جلجولية درويش رابي

أخبار ذات صلة