news-details

وثائق: هدف الحكم العسكري لمنع عودة المهجرين في وطنهم

*الوثائق الجديدة التي سمح بالكشف عنها، تكشف أن أحد أهم أهداف الحكم العسكري عدم عودة المهجرين في وطنهم *الوثائق تكشف عن مخطط تحريج القرى الفلسطينية المدمرة، لمنع عودة المهجرين اليها*    

كشفت وثائق رسمية إسرائيلية جديدة، تم الكشف عنها اليوم الاثنين، أن المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، تمسكت بالحكم العسكري، كي يكون ضمن أهدافه، عدم عودة المهجرين في وطنهم، الى قراهم، وهم يشكلون حاليا، وفق التقديرات، حوالي 25% من جماهيرنا العربية الفلسطينية الراسخة في وطنها. كما أثبتت الوثائق، ما قالته جماهيرنا على مدى عسرات السنين، أن الحُكم الإسرائيلية قام يتحريج غالبية أراضي القرى الفلسطينية المدمّرة، التي لم يتم استيطانها، كي لا يعود أصحابها اليها.

وتقول صحيفة "هآرتس" التي استعرضت بعض ما جاء في هذه الوثائق، في عددها الصادر اليوم، أنه تبين من الوثائق، الوسائل التي استخدمتها المؤسسة الإسرائيلية الحاكمة، لمنع عودة المهجرين الى قراهم المدمرة. وأن "الوثائق التي صيغت قبيل الغاء الحكم العسكري في 1966 تكشف الاعتبارات التي كانت تقف من وراء فرضه والاعتبارات التي رافقت رفع القيود الشديدة التي فرضت في حينه على عرب المثلث وشمال النقب. الوثائق تنشر في اعقاب نضال قام به معهد الابحاث "عكفوت" ضد ارشيف الدولة" كما ورد في تقرير الصحيفة. 

تحويل قرانا لأحراش 

وجاء في "هآرتس"، أنه في النقاش الذي جرى في تشرين الثاني 1965 في مكتب مستشار رئيس الحكومة للشؤون العربية، شموئيل طوليدانو، تمت مناقشة موضوع القرى المهجرة في العام 1948. وحسب الوثيقة كانت القرى مناطق مغلقة امام الدخول اليها بالأساس، بسبب الرغبة في منع اعادة توطينها من جديد. وهذه القرى تضمنت جبتية، الدامون، ميعار، كتاير وغيرها.

ويتضح من الوثيقة أنه من اجل منع عودة المهجرين، أمرت اسرائيل بتحريج هذه القرى. وتولت المهمة، المنظمة الصهيونية "كيرن كييمت" التي زرعت على أراض القرى اشجار وحتى أنها وصفت بـ "الاحراش ما زالت صغيرة وغير متكاثفة".

وجاء في الوثيقة حسب هآرتس، أن "الاراضي التي كانت تعود للقرى المذكورة اعطيت الى القيم العام على املاك الغائبين وفي معظمها تم تأجيرها للعمل (الفلاحة وكروم الزيتون) للمستوطنات اليهودية. وفي جزء منها اعطيت كتعويض لغائبين قدموا دعاوى وحتى تم تحويلها الى ايجار من الباطن". في النقاش تم التوضيح بأنه "بعد هدم المباني وتقسيم الاراضي بمربعات ثابتة، تحريج واشراف، لم يعد هناك ما يمنع فتحها".

وأضافت الصحيفة، "في 3 نيسان 1966 جرى نقاش آخر الذي الملاحظات من تلك الجلسة ما زالت مصنفة سرية جدا  في مكتب وزير الأمن بمشاركة طوليدانو، مساعد رئيس الحكومة آيسر هارئيل، النائب العسكري الاول الذي كان في يوم ما رئيس المحكمة العليا، مئير شمغار، وممثل عن جهاز الشاباك والشرطة. في تلك المذكرات تم التأكيد على أن الشاباك جاهز لرفع الحكم العسكري وأن الشرطة والجيش سيكونان مستعدان لذلك خلال فترة قصيرة".

كما اتفق أيضا، حسب ما ورد، على أنه في الشمال "كل المناطق التي اغلقت في حينه لاسباب تتعلق بالاراضي باستثناء شعب التي سيتم فتحها بعد أن تتحقق بخصوصها شروط معروفة مثل هدم المباني في القرى المهجورة، تحريج، الاعلان عن محميات طبيعية، تسييج وحراسة. مواعيد فتحها سيقوم باعطائها الجنرال شمير، بالنسبة لشعب يجري هارئيل وطوليدانوا مع الجنرال شمير". في منطقة الحكم العسكري "الوسطى والنقب" اتفق على أن "يبقى الحكم العسكري ضمن اطاره الحالي" باستثناء عدد من النقاط.

ويتبين من الوثائق أيضا، أنه قبل وقت قصير جدا من الغاء الحكم العسكري عارضت جهات كبيرة في الجيش منها رئيس الاركان تسفي تسور والمدعي العسكري العام الذي كان فيما بعد رئيس المحكمة العليا، مئير شمغار، هذه العملية. هكذا في آذار 1963 صاغ المدعي العسكري العام في حينه شمغار كراسة تتعلق بالاساس القانوني للحكم العسكري.

شمغار الذي وقع على الكراسة باسمه السابق شترنبرغ طبع ثلاثين نسخة فقط من الكراسة التي تفصل ما يتعلق بتعليمات وزارة الأمن التي مكنت من قيام الحكم العسكري وكذلك "القيمة الفعلية للوائح المذكورة والهدف الذي يخدمه استخدامها الفعلي". عمليا، الكراسة استهدفت تفسير لماذا تفرض اسرائيل الحكم العسكري على مئات الآلاف من مواطنيها.

إغلاق مناطق القرى

وجاء في تقرير "هآرتس"، أنه من بين امور اخرى تم التأكيد في الكراسة على أن اللائحة 125 تمكن من اغلاق مناطق مخصصة لـ "منع دخول واستيطان ابناء الاقليات في المناطق الحدودية" وأن "المناطق الحدودية التي يسكنها ابناء اقليات تشكل خشبة قفز طبيعية وسهلة لجهات معادية خلف الحدود. إن اشتراط الحركة بتصريح هو الذي يثقل على المتسللين الى باقي البلاد". حظر التجول حسب اللائحة 124 يتم تبريره كـ "ضروري من اجل أن يسمح في وقت الضرورة بالقيام بدون تشويش بكمائن ليلية داخل مناطق مأهولة ضد المتسللين". اغلاق الحركة في الشوارع يتم تبريرها كضرورية لـ "اغراض التدريب، التجارب أو المناورات". والرقابة كـ "وسيلة ضرورية لنشاطات الاستخبارات الوقائية".

وأضافت الصحيفة، أنه رغم قناعة شمغار الداخلية بهذه الرسالة، في نفس تلك السنة الغى رئيس الحكومة ليفي اشكول الزامية حمل تصاريح حركة شخصية كواجب عام. بعد اسبوعين على هذا القرار، في تشرين الثاني 1963 ارسل رئيس الاركان تسور رسالة بشأن تنفيذ هذا التوجيه لقادة المناطق واعضاء آخرين في هيئة الاركان العامة من بينهم رئيس الاستخبارات العسكرية. تحت تصنيف "سري" أمر تسور بتطبيق التوجيه تقريبا في كل القرى. باستثناء البعض الذي ذكر بصورة صريحة، منها برطعة والمقيبلة.

 

اعتراضات في وزارة الحرب

في كانون الاول 1965 ارسل مساعد وزير الأمن حاييم يسرائيلي الى مستشاري رئيس الحكومة افيعاد يافي وهارئيل، وكذلك لرئيس الشاباك، بأن رئيس الاركان يتسحاق رابين يعارض مشروع القانون الذي قدمه نائبا كتلة الحزب الشيوعي توفيق طوبي وشموئيل ميكونس لالغاء الحكم العسكري. "موقف رئيس الاركان بشأن هذا الموضوع تم ايضاحه في النقاش لدى وزير الأمن: هو يعارض القانون، وإن كان يوافق على عدد من التسهيلات التي تمت مناقشتها لدى الوزير.

وحسب الصحيفة، أنه قيل لرئيس الاركان بأنه القي على هارئيل مهمة تقديم توصيات في هذا الشأن وهو يفترض أنه في حالة كانت هذه التوصيات مختلفة عن الاجمالي الذي تم التوصل اليه في حينه، بالتأكيد سيتم اجراء نقاش حول ذلك. حتى التوصل الى اجمال النقاش يبدو أنه يفضل استخدام الحق في تأجيل النقاش في (مشروع القانون) الذي تشير اليه سكرتارية الحكومة.

 

سري جدا

في 27 شباط 1966 ارسل هارئيل الى الشباك والشرطة والجيش تعليمات بشأن قرار رئيس الحكومة الغاء الحكم العسكري. مجمل النقاش المصنف بـ "سري جدا" يبدأ بالقول إن "جهاز الحكم العسكري سيلغى. الجيش الاسرائيلي يضمن الشروط المطلوبة لانشاء حكم عسكري في حالة طوارئ وحرب". مع ذلك، جاء أن "احكام الدفاع تبقى سارية المفعول. وحسب طلب رئيس الحكومة سيتم الفحص مع وزير القضاء امكانية ادخال تعديلات على الاحكام أو على القانون الاسرائيلي".

وقال مدير معهد "عكفوت"، ليئور يفنه، لـ "هآرتس" إن الوثائق نشرت فقط بعد نضال طويل ضد الارشيف والذي كان غير معني بكشفها. "بعد سنتين من النضال ضد ارشيف الدولة نجحنا في كشف الملف امام الجمهور رغم انه ليس فيه أي معلومات حساسة من ناحية امنية أو غيرها. حتى بعد فتحه فان ارشيف الدولة ما زال لا يسمح بوصول الجمهور الى هذا الملف عبر موقع الانترنت للارشيف والآن نحن نضع هذا الملف ووثائقه في موقعنا. في ارشيف الحكومة ما زالت هناك مئات آلاف الملفات مغلقة التي هي ذات اهمية حاسمة في فهم التاريخ الحديث للدولة والمجتمع في اسرائيل. معهد عكفوت يواصل النضال من اجل توسيع مجال وصول الجمهور الى الوثائق التي توجد في الارشيف، وذلك التوثيق الذي هو ملك للجمهور.

 

 

أخبار ذات صلة