news-details

الفلسطينيون يحذرون من تداعيات اقتحامات المستوطنين للمقدسات

لاقى دخول مئات المستوطنين الإسرائيليين الأسبوع الفائت باحات المسجد الأقصى شرق مدينة القدس والحرم الإبراهيمي وسط مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية لليوم الثاني على التوالي تنديدا وغضبا فلسطينيا، محذرين من تداعياته الخطيرة.

ودخل عشرات المستوطنين إلى باحات المسجد الأقصى من جهة باب (المغاربة) بحماية من الشرطة الإسرائيلية، بحسب ما أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في بيان.

وكان عشرات المستوطنين يرأسهم وزير الزراعة الإسرائيلي السابق أوري أرئيل، والحاخام يهودا غليك، دخلوا باحات المسجد الأقصى من جهة (باب المغاربة) بحماية من قوات الشرطة الإسرائيلية التي اعتدت على المصلين أمس الثلاثاء، بحسب ما ذكرت مصادر فلسطينية لوكالة أنباء ((شينخوا)).

من جهتها، قالت الإذاعة الإسرائيلية العامة إن دخول اليهود لباحة (حائط البراق) في الجدار الغربي للمسجد الأقصى جاء لأداء طقوس وشعائر تلمودية بمناسبة "الغفران" اليهودي.

وقال مدير المسجد الأقصى عمر كسواني لـ((شينخوا))، إن المستوطنين صعدوا من "اقتحامات" المسجد الأقصى بأعداد كبيرة بمناسبة الاحتفال بالأعياد لديهم.

واعتبر أن "اقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى محاولة لتكريس واقع الاقتحامات لتكون بشكل يومي، وتكريس التقسيم الزماني والمكاني للمسجد".

وأشار كسواني إلى أن الاقتحامات تتم بمشاركة وزراء وأعضاء كنيست إسرائيليين وذلك لإعطاء شرعية لتلك الاقتحامات، مؤكدا رفض الجانب الفلسطيني إعطاء أية شرعية إسرائيلية على الأقصى وأن ما يحدث يجي بقوة السلاح والاحتلال.

ودعا الدول العربية والإسلامية إلى وقف الهجمة الإسرائيلية ضد المقدسات الإسلامية في القدس، مطالبا الفلسطينيين بشد الرحال إلى المسجد الأقصى للحفاظ على عروبته واسلاميته.

 

// حالة من الاستنفار

وشهدت مدينة القدس والبلدة القديمة فيها حالة من الاستنفار ونشر قوات الشرطة الإسرائيلية حواجز عسكرية وإعاقة حركة المسلمين في المدينة بمناسبة الأعياد.

وقالت وكيلة وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية امل جادو لوكالة أنباء ((شينخوا))، "ندين الإجراءات الإستيطانية في المدينة المقدسة، معتبرة إياها محاولة لفرض الأمر الواقع على المسجد الأقصى".

وحذرت جادو، من أن تحول "انتهاكات المستوطنين بحق المسجد الأقصى والمقدسات الإسلامية الصراع السياسي إلى ديني ما يترك اثاره السلبية على المنطقة جميعها".

ودعت جادو، دول العالم إلى الحفاظ على الوضع القانوني للمسجد الأقصى والمدينة المقدسة والدفع باتجاه وقف هذه "الاقتحامات والانتهاكات التي تدمر خيار حل الدولتين والسلام".

ويقول الفلسطينيون، إن "الوضع القائم" أو ما يطلق عليه مصطلح "ستاتسكو" هو الوضع الذي ساد في المسجد الأقصى ما قبل احتلال إسرائيل للجزء الشرقي من مدينة القدس في العام 1967.

والمسجد الأقصى هو أحد أكبر المساجد في العالم تبلغ مساحته (144 دونم) ومن أكثرها قدسية لدى المسلمين.

ويقدس اليهود أيضا المسجد ويطلقون على ساحاته اسم "جبل الهيكل" نسبة إلى هيكل النبي سليمان، وتحاول العديد من المنظمات اليهودية المتطرفة التذرع بهذه الحجة لبناء الهيكل، حسب معتقدها.

وأجرت سلطات الاحتلال حفريات كثيرة تحت أساسات المسجد الأقصى بدعوى البحث عن أنقاض الهيكل من دون أن يعثروا على أي شيء يثبت وجود دليل على معتقداتهم، بحسب المسؤولين الفلسطينيين.

ويحد الحرم القدسي من الجهة الغربية حائط البراق أو ما يطلق عليه اليهود حائط المبكى وهو يمتد بين باب المغاربة جنوبا، والمدرسة التنكزية شمالا، وطوله نحو 50 مترا وارتفاعه يقل عن 20 مترا وله مكانة دينية لدى المسلمين واليهود.

ويتولى الأردن الإشراف على رعاية المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس وفق ما نصت عليه اتفاقية السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل العام 1994.

ويريد الفلسطينيون إعلان القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى عاصمة لدولتهم العتيدة فيما تصر إسرائيل على اعتبار القدس الموحدة عاصمة لها.

ولا يعترف المجتمع الدولي بالقدس عاصمة لإسرائيل منذ إعلانها القدس الغربية عاصمة لها العام 1950 منتهكة بذلك "قرار التقسيم" الصادر عن الأمم المتحدة في العام 1947 وينص على منح القدس وبيت لحم وضعا دوليا.

وازداد هذا الرفض بعد احتلال إسرائيل للقدس الشرقية وضمها في يونيو العام 1967.

 

//اقتحام مماثل للحرم الإبراهيمي

وترافقت الإجراءات في المسجد الأقصى، مع دخول مماثل للحرم الإبراهيمي وسط الخليل من قبل المستوطنين وإغلاق أمام المسلمين لتسهيل دخولهم وأداء طقوس تلمودية بداخله.

وقال مدير الحرم حفظى أبو سنينة لـ((شينخوا))، إن الحرم هو مكان أثري وتاريخي وله أهمية للمسلمين ولكن لا يسلم من شر المحتل وقطعان المستوطنين، لافتا إلى وجود قرارات إسرائيلية منذ أكثر من 25 عاما لإغلاقه 10 أيام سنويا.

وأضاف أن قوات الإحتلال قامت بالأمس باخراج المصلين وموظفي الأوقاف من داخل الحرم بالقوة لكي "يعيثوا فسادا بداخله عبر إقامة حفلات صاخبة تلمودية لقطعان المستوطنين".

واعتبر، أن ما يجري في المسجد الأقصى والحرم الإبراهيمي من إجراءات إسرائيلية "لاغ وباطل ولا ينشأ حق ولا يعطي التزام وهو تعد صارخ على حرية الأديان والمقدسات".

ويعتبر الحرم الإبراهيمي أقدم بناء مقدس مستخدم حتى اليوم دون انقطاع تقريبا في الضفة الغربية وهو رابع الأماكن المقدّسة عند المسلمين الفلسطينيين.

في المقابل يعتقد اليهود أن الحرم الإبراهيمي أو ما يطلقون عليه "مغارة المخبيلا" هو المكان الذي دفن فيه الأنبياء إبراهيم وإسحاق ويعقوب وزوجاتهم، وقامت إسرائيل بعد احتلال الضفة الغربية بإنشاء كنيس يهودي داخل باحات الحرم.

وفي أعقاب توقيع اتفاق أوسلو بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في العام 1993، تم التوقيع في العام 1997 على اتفاق لاحق بشأن الخليل يقسمه إلى قسمين (اتش 1)، التي تخضع للسيطرة الفلسطينية و (اتش 2) تحت السيطرة الإسرائيلية.

وحولت إسرائيل جزء من المسجد إلى كنيس يهودي فأصبح 60 في المائة من مساحته لليهود، والباقي للمسلمين وقاموا بفصل هذين الجزئين بحواجز وبوابات حديدية محكمة ووضعوا فيها ثكنات عسكرية للإشراف والمراقبة.

وتتولى لجنة إعمار الخليل مهام ترميم وتطوير الحرم الإبراهيمي بالتنسيق مع وزارة الأوقاف الفلسطينية، لكنها تشتكى من تعرضها لعقبات إسرائيلية عديدة منذ سنوات.

ويقول الفلسطينيون، أن السلطات الإسرائيلية تنشر 22 حاجزا حول الحرم الإبراهيمي، منهم تقريباً 6 حواجز تعيق دخول المصليين من الدخول إلى المسجد بجانب المضايقات التي يواجها الزوار الذين يزورون المسجد من الجانب الفلسطيني.

وفي يوليو 2017 أدرجت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) البلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي، في قرار حظى بدعم 12 دولة، فيما امتنعت 6 دول، وصوتت ضده 3 دول.

وفي حينه، اعتبر الفلسطينيون أن قرار يونسكو "يدحض بوجه قاطع كافة الادعاءات الإسرائيلية المطالبة بضم الحرم الإبراهيمي إلى الموروث اليهودي، ويؤكد على هوية الخليل الفلسطينية".

في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية معارضتها إدراج البلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي وأن ذلك "سيؤدي إلى تسييس منظمة يونسكو".

أخبار ذات صلة