news-details

كتاب لمؤرخ إسرائيلي يوثّق جرائم سلب ونهب ممتلكات العرب إبان النكبة

المؤرخ يقتبس رسالة الحزب الشيوعي، إلى أول حكومة إسرائيلية، حذر فيها الحزب من جرائم النهب.

 

يصدر في هذه الأيام، كتاب للمؤرخ الإسرائيلي آدم راز، يوثق فيه، لأول مرّة إسرائيليًا، جرائم السلب والنهب التي ارتكبتها العصابات الصهيونية الإرهابية، والمستوطنون اليهود، لبيوت وأملاك الفلسطينيين، الذين طُردوا من بيوتهم ومن قراهم، إما لخارج الوطن، أو فيه. ويقتبس الكتاب التوثيقي تصريحات لأبرز ساسة الحكم الإسرائيلي الناشئ في حينه، ينتقدون جرائم النهب، ولكن في استنتاجاته، يرى المؤرخ أن لهذه الجرائم كانت تغطية من القادة الصهاينة، رغم ما نطقوا به من ادانات.

وقد استعرض الملحق الأسبوعي لصحيفة "هآرتس"، الصادر اليوم الجمعة، في تقرير مطول، نقاطا مركزية في هذا الكتاب. ويقتبس المؤرخ، ما ورد على لسان دافيد بن غوريون، من كان رئيس أول حكومة إسرائيلية، في محضر جلسة لحزب "مباي"، العمل اليوم، والذي من أبرز أعضائه، عناصر عصابة البلماح الصهيونية الإرهابية، وعقدت في 24 تموز 1948، بعد شهرين من إعلان قيام إسرائيل، وقال، "اتضح أن معظم اليهود لصوص... أقول هذا عن قصد وببساطة، لأن هذا للأسف صحيح، أهالي المرج (يقصد اليهود، ومرج بن عامر شمال فلسطين- المحرر) سرقوا! هم طلائع الطلائعيين، آباء وأبناء البلماح، والجميع من قرى نهلال شاركوا فيها!... وهذه ضربة عامة، أمر مروع، لأنها تكشف عن عيب جوهري.. السرقة والسرقة- ومن أين أتت؟ "المبدعون، الطلائعيون، كيف يرتكبون هذه الأعمال؟ ماذا حدث؟".

ويقول المؤرخ آدم راز في مقابلة مع "هآرتس"، إن "العديد من شرائح الجمهور الإسرائيلي- مدنيون ومقاتلون على حد سواء- متورطون في نهب ممتلكات الجمهور العربي. انتشر النهب كالنار في الهشيم بين الجمهور اليهودي".

ويقول راز: "إن النهب شمل عشرات الآلاف من المنازل والمتاجر والمعدات الميكانيكية والمصانع والمنتجات الزراعية والماشية وغيرها. من بينها: آلات البيانو والكتب والملابس والمجوهرات والطاولات والأجهزة الكهربائية والمحركات والسيارات". كلها من بيوت من تم تهجيرها على أيدي العصابات الصهيونية الإرهابية.

ويقول راز، إن بن غوريون ليس وحيدا بمثل هذا التصريح، بل اقتبس الكتاب تصريحات لقيادات في الحكم الإسرائيلي، وكان من قيادات العصابات الصهيونية الإرهابية، ومن بينهم الرئيس الإسرائيلي الثاني يتسحاق بن تسفي، الذي كتب رسالة لبن غوريون جاء فيها، إن النهب والسرقة "يتورط فيهما يهود محترمون، يرون أن السرقة أمر طبيعي ومسموح به".

وقال بن تسفي في رسالته، ان ما يحدث في القدس "يهدد كرامة الشعب اليهودي والقوات المقاتلة". وأضاف: "لا أستطيع أن أتخطى السرقة في صمت، سواء منظمة من قبل مجموعات أو غير منظمة من قبل الأفراد.... سيتفق الجميع على أن اللصوص لدينا سيهاجمون الأحياء المهجورة مثل الجراد الزاحف".

وجاء في ملف أرشيف لدائرة ما يسمى "الوصي على أملاك الغائبين"، تصريحا لدوف شافرير، تم توثيقه في العام 1949، "الهروب المخيف للسكان العرب بأعداد كبيرة، والتخلي عن ممتلكات ضخمة في مئات وآلاف من الشقق والمتاجر والمخازن والورش، وترك المحاصيل في الحقول، والفاكهة في الحدائق والبساتين وكروم العنب، كل ذلك في أعمال الشغب الحربي... وضع المحارب والمستوطنة المنتصرة "في مواجهة الإغواء المادي الشديد... لقد فشلت غرائز الانتقام والتبرير الأخلاقي والإغراء المادي الكثير والكثير... لقد انحدرت الأشياء في هذا المجال إلى أسفل المنحدر دون توقف".

ويستعرض الكتاب في تقرير مطول، شهادات عن النهب الوحشي في مدن فلسطينية بارزة، ومن بينها طبريا وحيفا ويافا والقدس، وبطبيعة الحال كما هو معروف في التاريخ، أن النهب شمل القرى الفلسطينية المهجّرة والمدمّرة، ويعرف المهجّرون في وطنهم ومِن وطنهم، أن العصابات الصهيونية نهبت حتى أحجار البيوت، حتى البيوت التي تم الاستيلاء عليها، وجرى الاستيطان فيها.

ويقتبس المؤرخ، رسالة الحزب الشيوعي، إلى أول حكومة إسرائيلية، حذر فيها الحزب من جرائم النهب، وجاء فيها، إن "حملة نهب وسرقة للممتلكات العربية على نطاق ينذر بالخطر". كما تنص المذكرة على أن "معظم شقق السكان العرب أفرغت من كل شيء ذي قيمة، ونُهبت البضائع ومحلات البقالة من المحلات، وأزيلت الآلات من الورش والمصانع".

كذلك تم اقتباس الشيوعية القيادية الرفيقة روت لوفيتش، عن شهادتها، بشأن جرائم النهب في مدينة يافا، إذ قالت، "على طول الطريق، لا يوجد منزل، ولا متجر، ولا ورشة عمل، لم يتم إخراج كل شيء منها... أشياء ثمينة وعديمة القيمة- كل شيء"

وبشأن اللصوص، يقول راز، "إن الاطلاع على المواد الأرشيفية يكشف أنه تم فتح ما بين عشرات ومئات القضايا القانونية ضد المشتبه بهم الذين ينهبون النهب، من بينهم جنود ومدنيين. ومع ذلك، كما يقول راز، "كقاعدة عامة، كانت العقوبات خفيفة دائمًا إن لم تكن سخيفة". وتراوحت بين الغرامة والسجن ستة أشهر.

وكتب راز في الكتاب "هذه ليست قصة مؤامرة نهب محض، لكنها قصة سياسية". وأكد أن عمليات النهب "سمحت بها شخصيات في النظام السياسي والعسكري بقيادة بن غوريون، رغم ما قاله في إدانته في المحافل الرسمية". وقال، "كان لها دور سياسي في تشكيل وجه المجتمع الإسرائيلي. فقد سمحت بأن تتم أعمال النهب دون عوائق. وهذه الحقيقة تتطلب تفسيرًا سياسيًا".

وفي رده على سؤال "هآرتس" حول تفسيره لما وقع، قال راز، "النهب كان وسيلة لتنفيذ سياسة إفراغ الأرض من سكانها العرب، أولاً، بأبسط معانيها، حوّل السلب الناهبين إلى مجرمين. مهتمون بعدم عودة السكان العرب".

أخبار ذات صلة