news-details

"المشتركة" ضمانٌ للنجاح في الإطاحة باليمين الفاشي

 

صلاح دباجة

 

حصدت القائمة المشركة قرابة نصف مليون صوت بزيادة 133505 صوت عما حصلت عليها مكوناتها الأربعة في الانتخابات الماضية، وتبوأت المرتبة الثالثة في الكنيست من حيث عدد النواب على الرغم من التحريض العنصري الأرعن ضد الجماهير العربية وضد النواب العرب في الكنيست على مدار الساعة وخلال هذه المعركة، الذي قاده بكل صلافة المهزوم والمأزم بنيامين نتنياهو وأحزاب اليمين العنصري والفاشي.

وأن تفوز القائمة المشتركة بنسب تتراوح بين 80 – 95 بالمئة من أصوات المدن والبلدات العربية ما هو الا دليل واضح على ان القاعدة الشعبية للقائمة المشتركة واسعة جدًا بما لا يتصوره العنصريون، وان هذا الدعم شبه المطلق لها ينسف كل المزاعم والادعاءات التي كان وما زال يروج لها نتنياهو وزمرة اليمين الفاشي ضد النواب العرب في الكنيست وبشأن نزاهة الانتخابات في المجتمع العربي.

بعد تحقيق مثل هذه النتائج يمسي من الصعب الإقناع بان النواب العرب لا يمثلون مصالح المجتمع العربي. فالثقة شبه المطلقة بمرشحي المشتركة التي افرزتها هذه الانتخابات تفوق بشكل لا يقاس الثقة التي منحها الناخب للأحزاب الصهيونية. ويمكن الجزم ان أي حزب صهيوني لم يحظَ بمثل هذا الدعم الشعبي الجارف. ولا يرتكز الى مثل هذه القاعدة الشعبية. كذلك يمكن الجزم بان كل الأصوات التي حصلت عليها القائمة المشتركة هي أصوات نظيفة ونزيهة وليست كأصوات الأحزاب الصهيونية التي بمعظمها جاءت عن طريق سماسرة ومبتزين ومنتفعين في المجتمع اليهودي. اما الأصوات التي ابتزتها الأحزاب الصهيونية من المجتمع العربي فهي لا تعبر عن مشيئة ناخبين وقع معظمهم للأسف، ان لم يكن جميعهم، فريسة لإغراءات مادية وضغوط كون هذه الأحزاب تتحكم بمفاصل كثيرة في الدولة وقادرة على تقديم شتى الوعود المغرية. وبناء علية يمكن القول بشكل جازم ان الانتخابات في المجتمع العربي كانت أكثر نزاهة وأكثر ديمقراطية منها في المجتمع اليهودي.

وإذ نحيي جماهيرنا على هذا الإنجاز وهذه المسؤولية ونشكر نشيطات ونشطاء المشتركة الذين سهروا من اجل تحقيق هذا الإنجاز الوطني الديمقراطي الراقي فإنَّنا نلفت النظر الى ظاهرة مشينة ومتكررة في كل انتخابات وهي حرق الأصوات في المجتمع العربي والتي لا يمكن القبول بها او تبريرها كما لا يمكن غفرانها لأنَّها تصب في مصلحة نتنياهو واليمين الفاشي. فبعد فرز 96% من الأصوات فقدت القائمة المشتركة مقعدها الثالث عشر لكن لحسن الحظ استعادته مع فائض أصوات عند اكتمال الفرز. هذا في الوقت الذي حُرِقَ فيه 7449 صوت، حرقتهم قائمتا أسعد غانم ومحمد السَّيِّد. أما في نيسان الماضي فبلغ عدد الأصوات التي حرقتها القائمة العربية بزعامة محمد كنعان 4135 صوت وهذه ليست المرة الأولى التي تحرق فيها هذه القائمة عشرات آلاف الأصوات.     

ان ارتفاع نسبة التصويت الى ما يقارب الـ 60% في المجتمع العربي أي بزيادة 10% عن انتخابات نيسان الماضي، رغم المقاطعة المعلنة وغير المبررة برأيي لقرابة 14% من الناخبين العرب، اضفى على هذه الانتخابات مزيدًا من النزاهة والمصداقية والديمقراطية. فزيادة نسبة التصويت كانت بمثابة الرد السياسي الصريح والملحّ للجماهير العربية على تحريض نتنياهو العنصري وهذا ما أسهم الى حد كبير في خسارة الليكود وتحالفه مع كولانو بزعامة كحلون 8 مقاعد بالمقارنة بانتخابات نيسان الماضي. ويبدو ان هذا سيسد الطريق أمام عودة نتنياهو الى سدة الحكم. وان زيادة عدد مقاعد التي حصلت عليها المشتركة (3 مقاعد) بالمقارنة مع ما حصلت عليه قائمتا الجبهة والعربية للتغيير والتجمع والموحدة في انتخابات نيسان، جاءت نتيجة هذه الخسارة.

وهذه الحقيقة تؤكد صحة الشعار الذي رفعته القائمة المشتركة قبل الانتخابات وهو ان زيادة نسبة التصويت بـ10% في المجتمع العربي تسقط اليمين وتمنع عودة نتنياهو الى الحكم. وهذا لا يعني بالضرورة اننا ندعم قائمة العسكريين (كحول لفان)، وانما إسقاط النهج العنصري الفاشي لنتنياهو وزعران اليمين الفاشي والمستوطنين من أمثال غولدشطاين وإيتام كهانا تجاه الجماهير العربية الذي يستهدف نزع الشرعية عن هذه الجماهير ومحاولة وصمها بصفة "الإرهاب"!! هذا النهج الفاشي الذي عمد نتنياهو على ترسيخه طيلة سنوات حكمة وخاصة في السنوات القليلة الماضية.

وعلى الرغم من هذه الخسارة المدوِّيَّة لليكود ومعسكر اليمين حاول نتنياهو في خطابه، بعد الكشف عن الاستبيان حول نتائج الانتخابات، تجاهل ذلك وانبرى، كعادته، يحرض ضد الجماهير العربية مدعيًا اننا أمام خيارين اثنين "اما حكومة قومية برئاستي واما حكومة مدعومة من العرب". لكنه في اليوم التالي، بعد ان تبين أبعاد الهزيمة، دعا، في تراجع واضح منه، غانتس الى حكومة وحدة. وكان رد غانتس سريعًا وواضحًا: انتصرنا والشعب قرر حكومة وحدة برئاستي. وهنا يطرح السؤال لماذا اختار نتنياهو، بعد فشله في تشكيل حكومة، الذهاب الى انتخابات ثانية وتحميل ميزانية الدولة مصارفها دون ان يطرح خيار تشكيل حكومة وحدة انذاك؟! يبدو ان السبب يعود الى محاولات نتنياهو المستمرة للمماطلة في تأجيل موعد دخوله عالي الاحتمالات الى السجن.

ويبدو ان نتنياهو وصل اليوم الى طريق مسدود فيما يتعلق بملفات الفساد وأن عودته الى رئاسة الوزراء هي المنفذ الوحيد المتبقي له للتسويف والتأجيل وانه على استعداد للتضحية بكل شيء مقابل عدم دخوله الى السجن. وفي هذا السياق يندرج تحذير محللين عسكرين إسرائيليين من ان يفتعل نتنياهو تصعيدًا عسكريا على احدى الجبهات، وهي كثيرة، بهدف تشكيل حكومة طوارئ برئاسته وما يعزز هذا الرأي هو ان إسرائيل سلكت في الماضي بمثل هذا النهج على الرغم من الاخطار التي ينطوي عليها. فعلينا ألّا نستبشر خيرًا قبل أفول نجم نتنياهو.

وهذا ما يحمل القائمة المشتركة والقوى الدمقراطية مسؤولية مواصلة الكفاح وتصعيده برلمانيا وشعبيا لإجهاض ما يخطط له نتنياهو الى ان يتم اقصاؤه كليا عن الحكم، والظروف الآن مواتية، بعد التنافر بينه وبين أحزاب اليمين وبعد ان تخلى عنه "صديقه الحميم" ترامب، لتحقيق ذلك. فلنشمر عن سواعدنا لاستكمال الواجب والانجاز.

 

///ص

نتنياهو وغانتس في ذكرى وفاة شمعون بيرس، قبل أيام (رويترز)

أخبار ذات صلة