news-details

ترامب يفتح أبواب جهنم

* أمن المنطقة مرهون بعدم الوجود الأمريكي في المنطقة *

صلاح دباجة

في أول رد على اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني، تحدثت استخبارات الحرس الثوري، أمس الأربعاء، عن أن 80 عسكريًا أمريكيًا على الأقل، لقوا مصرعهم جرّاء القصف الصاروخي لقاعدة عين الأسد. وأن الصواريخ أصابت عددا من طائرات الاستطلاع والمروحيات وعددا كبيرا من المعدات العسكرية الأمريكية وألحقت بها خسائر فادحة. وأكد المصدر نفسه أنه "تم إطلاق 15 صاروخا على القاعدة الامريكية ولم يتم اعتراض أي منها، حيث أصابت اهدافها ولم يتم رصدها بأي من رادارات الجيش الأمريكي.

فيما أكد التلفزيون الرسمي الإيراني أن طهران حددت 104 أهداف لأمريكا وحلفائها في المنطقة. وحذر الحرس الثوري الإيراني في بيان، من أنه سيتم قصف أي دولة تنطلق منها مقاتلات أمريكية للرد عليها.

وذكرت مصادر عراقية وعربية أن توقيت القصف تزامن تماما مع توقيت اغتيال أمريكا لسليماني في الثاني من الشهر الجاري في بغداد، وأن قاعدة عين الأسد الأمريكية في محافظة الانبار أقلعت منها المقاتلة التي اغتالت سليماني.

وفي واشنطن، أكد مسؤول أمريكي وقوع هجمات صاروخية على مواقع متعددة من بينها قاعدة عين الأسد الجوية في العراق. كما أعلن البيت الأبيض أنه على دراية بتقارير عن هجوم على منشآت أمريكية في العراق وجرى إبلاغ ترامب وهو يتابع الموقف.

وكانت الولايات المتحدة الأمريكية وضعت قواتها، مساء الثلاثاء، في حالة تأهب قصوى تحسبا لهجمات إيرانية وهدد وزير الخارجية الأمريكي بومبيو ان "ردنا سيكون حاسما على أي خطوة من إيران ضدنا". لكن يبدو ان واشنطن قد تأخد في الاعتبار إنه لدى إيران صواريخ دقيقة وطائرات مسيرة عابرة للقارات وأن طهران ترصد كل البوارج، وبخاصة الأمريكية، من نقطة انطلاقها حتى دخولها المنطقة، فيما تعجز واشنطن عن رصد جميع القوات الإيرانية في مياه الخليج. وأن بدء الحرب سيكون سهلًا، أما إنهاؤها فسيكون مبهما او مستحيلا خاصة لما تتميز به إيران من حيث المساحة الواسعة والموقع الاستراتيجي وايضًا من حيث ما تمتلكه من أسلحة وقدرات عسكرية. 

والمدهش في الامر هو الموقف الإسرائيلي، فنتنياهو، الذي سارع يوم الاثنين الماضي الى عقد اجتماع للكابنيت، ابلغ الوزراء بأن إسرائيل لم يكن لها أي يد في اغتيال قاسم سليماني. و"انه حدث أمريكي ويجب علينا البقاء خارج الموضوع". رغم انه كان السَّبّاق في التباهي في قصف قاعدة الحشد الشعبي العراقي الجوية "بلد" في محافظة صلاح الدين في آب الماضي.

وسبق هذا الرد العسكري الإيراني، المباغت والدقيق، الرد الشعبي المجلجل والرافض لمخططات الهيمنة والابتزاز الامريكية، الذي لم يتوقعه ترامب وشلة مهاويس البيت الأبيض وزعماء الارتهان في دول الخليج وتجار الحرب في اسرائيل، والذي تجلى في الجنازة الأكبر في التاريخ لسليماني. وعل هذا الرد ان يكون كافٍ لتبديد اوهام إدارة ترامب بان النظام الإيراني يترنح تحت ضغط العقوبات الامريكية الظالمة وان الشعب سينتفض على النظام ويطيح به!!

إدارة ترامب، التي تضم أعتى قوى اليمين الأمريكي، تسعى الى فرض هيمنتها على العالم من خلال تأجيج التوتر في مختلف المناطق حول العالم وبشكل خاص في هذه المنطقة لما تحتويه من ثروات وخاصة النفط ولموقعها الاستراتيجي.

وانسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران، الذي يبدو وكأنه انصياعًا لرغبة نتنياهو، جاء لتأجيج التوتر مجددًا في المنطقة وكي تعيش دول المنطقة وخاصة دول الارتهان في الخليج تحت طائلة التهديد الدائم الامر الذي يستوجب استمرار الحماية الامريكية لها وابتزازها وزيادة ارتهانها للمصالح الامريكية، كما يستدعي المزيد من التنسيق والتطبيع بين هذه الدول وبين إسرائيل. بمعنى أنَّ الإدارة الامريكية تسعى مستميتة لبناء تحالف متين بين أكثر الدول رجعية في المنطقة. فدول الخليج وخاصة السعودية مازالت تكن الاحترام والتقدير لإسرائيل على ما قدمته من خدمة بعد العام 1967 اذ أطاحت بأسس الانظمة الوطنية العلمانية، النقيض الأساسي للنظام السعودي والإسلام المتطرف، النقيض الذي حاول الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر إرساءه في المنطقة العربية.

وان ما شهدته هذه المنطقة من مآسٍ وويلات، منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، هو نتاج سياسة التحالف الثلاثي الدنس الامبريالية وعلى رأسها أمريكا والرجعية العربية والصهيونية. فالحروب المستمرة في المنطقة كانت الدفيئة لظهور الجماعات الإرهابية ولانتشار الإرهاب في سوريا والعراق واليمن وليبيا والسودان ومصر واثيوبيا.

وأن الوجه الاخر للسياسة الامريكية يتمثل في بيع الاسلحة بمليارات الدولارات لدول المنطقة وعلى رأسها السعودية التي تخوض حرب إبادة ضد الشعب اليمني. وان ثمن السياسة الامريكية في المنطقة تجاوز ثمانية تريليونات دولار.

وافاد تقرير "ميونخ للأمن 2019" بانه من بين الدول الـ10 الأكثر انفاقا على الأسلحة في العالم حاليًا 7 دول في الشرق الاوسط، من بينها: السعودية و الكويت و تركيا و إسرائيل. فالحماية الامريكية وتكديس السلاح الأمريكي على مدار عشرات السنين، اثبتا انهما لم يضمنا الأمن والاستقرار في هذه المنطقة وانما كانا مصدرًا لتفاقم التوتر والحروب.

ويبدو اننا اليوم، بعد ان قرر البرلمان العراق إنهاء عمل قوات التحالف في العراق، نشهد بداية النهاية للوجود العسكري الأمريكي في العراق وسوريا ويبدو ان شعوب المنطقة ستعي حقيقة ان أمن المنطقة غير مرهون بالوجود الأمريكي وانما بإرادة شعوبها.

///ص

عراقيون في موقع طالته الصواريخ الايرانية التي استهدفت القاعدة الامريكية (رويترز)

أخبار ذات صلة