news-details

على سكّة الروزانا، يلجأ لبنان الى المنتج السّوري بدلًا من الأوروبي!

أشارت تقارير عن وكالة الأنباء شينخوا الى تصدّر المنتج السوري الأسواق اللبنانية أخيرًا بدلًا من الأوروبي الأغلى سعرًا والذي يدفع اللبنانيون في سبيله الدولار غير المتزن، خاصّة في ظل ما يعانيه لبنان من أزمة مالية واقتصادية ألقت بظلالها على القوة الشرائية للمواطنين باكتساح ودون هوادة.

أضحت المنتجات السورية المتنوعة اليوم ما بين مواد غذائية وأقمشة وملابس تجذب الكثير من التجار والناس البسطاء العاديين في لبنان على حد سواء، نظرًا لانخفاض أسعارها مقارنة مع مثيلاتها المستوردة من أوروبا. وقد وجدت شريحة كبيرة من اللبنانيين في تلك المنتجات وهي الأقل تكلفة، بديلًا مناسبًا تحت فضاء الفقر والشحّ والعبء المادّي والأزمات.

وفي ظلّ الأزمة التي يعيشها لبنان، تراجعت وتيرة استيراد المنتجات الأوروبية بسبب نقص العملة الأجنبية وارتفاع أسعار تلك المنتجات المقومة باليورو أو بالدولار وسط تراجع قيمة العملة الوطنية الرسمية "الليرة".

ويذكر أن الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان قد تجلّت بأقسى معالمها بعد اندلاع الاحتجاجات الشعبية في البلاد في 17 أكتوبر من العام الماضي.  

ودفعت هذه الأزمة بدورها الكثير من الشركات والمؤسسات إلى إنهاء عملها أو إلى تخفيض رواتب موظفيها وتقليص ساعات العمل أو تسريح عدد كبير من العمال، الأمر الّذي يعدو كونه حالة عرضية عاديّة، بل يتجاوز إلى تعميق الصراع الطبقي وإطلاق العنان لكلّ الفئات "الأوليغارشية" التي تتمتع بحسب ونسب ومال مطمور لممارسة سلطتها الفاحشة دون رقابة.

ولا شكّ ان انخفاض سعر الليرة السورية في ظل الأزمة على الضفة الأخرى والتي تعاني سوريا بسببها منذ 10 سنوات، مقابل الدولار وهو العملة المتداولة لدى اللبنانيين، قد جعل المنتجات السورية تتمتع بجاذبية كبرى لدى التجار اللبنانيين مع انخفاض الليرة مقابل الدولار وشحّ العملة الأجنبية عمومًا في البلاد.

 وقال التاجر السوري أحمد عرفات في هذا السياق -حسب وكالة الأنباء-إنه يبيع منتجات سورية بالجملة لأصحاب المخازن اللبنانية التي يجول عليها بسيارة نصف نقل محملة بالأقمشة والقطنيات والملابس الداخلية والأدوات المنزلية.

وأكد عرفات أن الطلب كبير في السوق اللبنانية على هذه الأصناف إضافة الى المنتجات البلاستيكية والصناعات الغذائية ومواد التنظيف ومساحيق الغسيل.

    ويذكر أن المنتجات السورية توجد في الغالب في محلات البقالة الصغيرة والطلب عليها في تزايد في الآونة الأخيرة بسبب تقلص القوة الشرائية لدى الناس.

ولعلّ هذا الانخراط في تزويد المنتجات السورية الوطنية الى الأسواق اللبنانية يعيد ذاكرتنا إلى قصّة "الروزانا" الّتي غنّاها كبار وعمالقة الفنّ فيروز وصباح فخري.

تأرجحت الحكايات الّتي تعنى بدقّة وتوصيف أصل الأغنية ولكنّها في كلتا الحالتين تعيدان وجدان الذاكرة للوفاء السوري المعتاد، خاصّة مدينة حلب الّتي تخلّصت وتحرّرت من رجس الإرهاب أخيرًا. 

وفي القصّتين الشعبيتين المتداولتين عن سفينة "الروزانا" قيل بدايةً إنها كانت سفينة "عثمانية" محملة بالعنب والتفاح، وجيء بها إلى بيروت لتبيع كل منتوجاتها، بدلًا من الإنتاج المحلي للمزارعين اللبنانيين، ممّا أدى إلى كساد في الإنتاج اللبناني، حتّى جاءهم المسيح المنتظر، حينما عزم تجّار حلب على شراء المحصول، مشهرين تضامنهم مع اللبنانيين لينقذوهم من العوز وقلة الحيلة. 

وفي تفاصيل الرواية الثانية مع الموافقة على أنّ "الروزانا" هي سفينة فعلًا، ولكن على غرار السابقة يقال أنّها إيطالية محملة بالقمح وليست عثمانية، وبعثت بها إيطاليا إلى لبنان وسوريا وقت المجاعة الكبرى عام 1915 مع تزامن الحرب العالمية الأولى والتي فرضها العثمانيون في حينها، مع اجتياح موجة الجراد الّتي تغذت على المحاصيل الزراعية وتركت الشّعب اللبناني يتضور جوعًا ويستقبل الموت على عجالة، مع إحكام العزل العثماني الصارم بين لبنان وسوريا واغلاق الطريق التجاري بينهما، والذي كان يعتبر وريد الاقتصاد اللبناني آنذاك.

وعندما وصلت السفينة عينها تبيّن أنها محملة كذلك بالعنب والتفاح، الأمر الذي أهلع اللبنانيين والسوريين وأصابهم بالخيبة، ودعا أهالي حلب ذاتهم لتأمين القمح اللازم للبنانيين، وإنقاذهم من المجاعة. 

وانبثقت عن هذه الحكاية الأغنية الشعبية الفولكلورية "عالروزانا عالروزانا كلّ الهنا فيها، شو عملت الروزانا الله يجازيها"، والتي لامست واستحوذت قلوب أهل الشام، وهي الّتي تذكّرنا دومًا بأواصر العهد الوطيد الّذي يربط البلدين ببعضهما كالجسد الواحد الموحّد، الذي إِذَا اشتكى منه عضو تَدَاعَى لَهُ سائر الأعضاء. 

ولا مندوحة في التيّقن من أنّ سوريا تثبت ورغم سناج سمائها، وعمق شروخها وجروحها وهودتها وكبواتها الّتي أغرقها بها الإرهابيون والمحتلّون أنّها قادرة على مجابهة ومواجهة كل العداء المصوب نحوها، وعلى طمس ودفن وقلع الامتداد العثماني المقوى بنظيره الأمريكي الطامع بتاريخها وكيانها الذي يهدّد مصالحه، وأن تقوم هي بنفسها بإعادة إنتاجيتها واقتصادها الذّاتي المحليّ والوطني، وسط احراز تقدم باهر، وإنجازات عظيمة للجيش السوري في تحريره لبلاده.

أخبار ذات صلة