news-details

الفرضيات المتبقية في الأسابيع الستة لتشكيل الحكومة الإسرائيلية تزداد تعقيدا | برهوم جرايسي

يبدو المشهد الإسرائيلي بشأن تشكيل حكومة جديدة يزداد تعقيدا، ولم يتبق أمام الكنيست سوى 6 أسابيع لمنح الثقة لحكومة. ومن هذه الأسابيع ثلاثة أسابيع لبنيامين نتنياهو، إذا أراد التمديد لأسبوعين، وثلاثة أسابيع ستكون لمكلف آخر غير نتنياهو، إذا فشل الأخير.

فحتى مطلع الأسبوع، تبدو الأمور تراوح مكانها في مسار تشكيل الحكومة، وحتى أن بنيامين نتنياهو المكلف بتشكيل الحكومة خفف وتيرة حراكه؛ في حين تقول تقارير إن نتنياهو قد يفاجئ ويعيد التكليف لرئيس الدولة قبل انتهاء المدة القانونية الأولى، يوم الثلاثاء من الأسبوع المقبل، الرابع من أيار.

لكن هذا يبقى أحد الفرضيات من سلسلة فرضيات ما تزال لها احتمالات متفاوتة، وإن بدت كلها ضعيفة، بموجب المشهد الحاصل.

أبرز الفرضيات المتبقية

الفرضية الأولى، هي أن يواصل بنيامين نتنياهو محاولاته تشكيل حكومة أقلية، من 59 نائبا، تستند لدعم خارجي من "القائمة العربية الموحدة"، إلى حين تثبيت الحكومة، ليواصل نتنياهو السعي لتوسيع وتثبيت القاعدة الائتلافية. ولإتمام هذه المهمة، سيكون عليه الطلب من رئيس الدولة التمديد له لأسبوعين، وبهذا يكون اليوم الأخير له، في حال حصل على التمديد، يوم 18 أيار المقبل.

إذا اختار نتنياهو هذا المسار، فيكون في حساباته المراهنة على تصدعات في الكتل المعارضة لاستمرار حكمه، كونها ليست متجانسة، وفيها كتل يمينية استيطانية، ونواب يمين استيطاني في كتل تظهر وكأنها ما يسمى "يمين معتدل"، بحسب القاموس السياسي الإسرائيلي.

ويرتكز نتنياهو هنا، على أنه يقود الكتلة المتماسكة أكثر من غيرها، ترتكز على 52 نائبا من 4 كتل يمين استيطاني، ومتدينين متزمتين: الليكود 30 مقعدا، "شاس" 9 مقاعد، "يهدوت هتوراة" 7 مقاعد، الصهيونية الدينية 6 مقاعد.

ولكن في هذه الفرضية عقبات، أبرزها أن كتلة "الصهيونية الدينية"، التي تضم حركة "قوة يهودية" المنبثقة عن حركة "كاخ" الإرهابية المحظورة، ترفض كليا الانخراط في حكومة تعتمد على دعم خارجي من "القائمة العربية الموحدة"، برئاسة عضو الكنيست منصور عباس، الذي لا يعلن جهارة رفضه لتقديم دعم خارجي لحكومة تطرف استيطاني كهذه.

العقبة الثانية الناشئة في الأيام الأخيرة، تأتي من جهة زعيم كتلة "يمينا" نفتالي بينيت، الذي لم يعترض على حكومة أقلية مدعومة من "العربية الموحدة"، إذ أنه يسعى الى افشال نتنياهو، وتشكيل حكومة برئاسة تناوبية بينه وبين زعيم حزب "يوجد مستقبل" يائير لبيد.

الفرضية الثانية: حكومة تناوبية برئاسة نفتالي بينيت ويائير لبيد، هذه الفرضية لا مجال للتحرك الرسمي لها، إلا عند انتهاء فترة تكليف نتنياهو، وانتقال التكليف لشخص آخر. وهي حكومة أقلية، كتلك التي يسعى لها، وستكون مضطرة للاستناد "للقائمة العربية الموحدة"، ولربما غيرها. رغم أنها حكومة ستضم كتلا ونوابا، تنافس في تطرفها، في حلبة اليمين الاستيطاني.

وهذه حكومة في حال تشكلت، ستكون الأغرب في تاريخ السياسة الإسرائيلية، إذ أن رئيسها الأول سيكون بينيت الذي يرأس كتلة نيابية من 7 نواب، ولكن من ناحية يائير لبيد، فهذا هو الخيار الوحيد لضمان قيام حكومة تبعد نتنياهو عن سدة حكم.

ومن المفترض أن ترتكز حكومة كهذه على الكتل التالية: "يوجد مستقبل" برئاسة يائير لبيد وتضم 17 نائبا، "أزرق أبيض" برئاسة بيني غانتس، "يمينا" برئاسة نفتالي بينيت، "إسرائيل بيتنا" برئاسة أفيغدور ليبرمان، "العمل" برئاسة ميراف ميخائيلي، أمل جديد لإسرائيل" برئاسة غدعون ساعر، و"ميرتس" برئاسة نيتسان هوروفيتس.

ومجموع نواب هذه الكتل 58 نائبا، بمعنى أنها تحتاج لدعم كتلة "القائمة العربية الموحدة" التي تضم 4 نواب، ولا تبدي هذه القائمة اعتراضا، في حال وافق قادة هذه الحكومة على قضايا مطلبية مدنية محددة.

ورغم ذلك، فإن لبيد يحاول الحصول على موافقة "القائمة المشتركة" التي تضم 6 نواب، وتضم 3 أحزاب، إلا أنه لا مجال لهذه القائمة أن تدعم حكومة يرأسها بينيت، أو تضم بينيت وساعر. فالجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة التي لها 3 نواب، في القائمة المشتركة، أعلنت أنه ليس واردا دعم حكومة تضم يمين استيطاني، وتواصل نهج نتنياهو السياسي.

كما أن التجمع الوطني الديمقراطي الذي له نائب واحد في القائمة المشتركة، رفض التوصية بتكليف أحد النواب لتشكيل حكومة، وبالتالي فهو يرفض تقديم دعم خارجي لأي حكومة إسرائيلية. ولم يصدر موقف حاسم من الحركة العربية للتغيير التي لها نائبين في "القائمة المشتركة.

وقد يكون بينيت ولبيد ومعهما غدعون ساعر، يراهنون على أنه بعد تشكيل حكومة كهذه، قد يتغير موقف "الحريديم"، وخاصة "شاس" وتنضم للحكومة مع شروط تخدم جمهور المتدينين المتزمتين.

إلا أن كتلتي المتدينين المتزمتين "الحريديم"، "شاس" و"يهدوت هتوراة" قد اعلنتا في الأسبوع الماضي، تمسكهما بخيار حكومة برئاسة بنيامين نتنياهو، ولكن الأمور قد تكون مفتوحة مستقبلا، كما علمت السياسة الإسرائيلية.

وهناك همس وغمز لاحتمال أن يقع انشقاق في كتلة "الليكود" بالتمرد على نتنياهو، والانضمام لحكومة بينيت لبيد، وبشروط ذات مستوى عال، ومغرية.

الفرضية الثالثة، وهي ما سبق وورد هنا، أن يحصل انشقاق في الليكود، وانشقاق كهذا يحتاج وفق القانون، أن يشكل المنشقون ثلث الكتلة القائمة، على ألا يقل عددهم عن نائبين. بمعنى في حالة الليكود، فإن الانشقاق يحتاج لعشرة نواب. ولكن في العام 2009، بادر الليكود لتعديل القانون، ليصبح من حق 7 نواب في كتلة برلمانية، أن ينشقوا ويقيموا كتلة برلمانية، حتى لو لم يشكلون ثلث كتلتهم الاصلية. وكان هدف هذا التعديل، المساعدة على شق كتلة "كديما" في حينه، التي كانت ترأسها تسيبي ليفني.

حتى الآن، لا توجد مؤشرات قوية لانشقاق في الليكود، الواقع كليا تحت سيطرة شخص نتنياهو. وبعد انشقاق غدعون ساعر ومعه 4 نواب، قلّت الحلقات الضعيفة في الليكود، ولا يظهر منها شيئا، ولكن في السياسة كل شيء وارد.

الفرضية الرابعة: نتنياهو رئيسا للدولة. إذ يبادر رئيس الكنيست ياريف لفين من حزب الليكود، كي يتم انتخاب بنيامين نتنياهو رئيس للدولة، في الانتخابات التي ستكون في الهيئة العامة للكنيست في نهاية حزيران، أو مطلع تموز المقبلين. مع انتهاء ولاية الرئيس الحالي رؤوفين رفلين، والتي هي من 7 سنوات، ولولاية واحدة لا يتم تجديدها.

حتى الآن لم يبد نتنياهو اعتراضا علنيا لهذا الخيار، الذي سيعني إزاحة نتنياهو عن رئاسة الهيئة التنفيذية، الحكومية، إلى منصب يبدو أعلى، ولكنه خالي من الصلاحيات تقريبا.

في حال تم هذا الخيار، فإن على الليكود أن يختار مرشحا آخر لتشكيل الحكومة، وحينها ستكون مهمته سهلة وسريعة، لأن الاعتراض لدى بعض كتل اليمينية، وكتل يمين استيطاني في الكنيست، هو على شخص نتنياهو وليس سياسته.

ولكن هذا المسار يبدو ضعيفا جدا، لأن التأييد الفوري لشخص نتنياهو لتولي رئاسة الدولة هو 59 نائبا، إلا إذا قررت القائمة العربية الموحدة انتخاب نتنياهو بشروطها، وهذا من باب ما تعلنه الكتلة وقيادتها، بأنه ليس لديهم أبواب مغلقة، أمام أي جهة كانت.

وفي المقابل، فإن لهذا الانتخاب ستكون تعقيدات قانونية لا يجيب عليها القانون القائم، وهو أن يتم انتخاب رئيس دولة خاضع فعليا لمحاكمة في قضايا فساد الحكم.

أمام هذه التعقيدات، فإن إسرائيل أقرب ولو بنسبة 1%، من انتخابات برلمانية خامسة، من أن تنجح في تشكيل حكومة جديدة.

 

(نشرة "المشهد الإسرائيلي" الصادرة عن مركز الأبحاث الفلسطيني "مدار"- رام الله)

أخبار ذات صلة