news-details

مندلبليت يعيد نتنياهو لنفق الرعب: احتمال تجميد الصلاحيات| برهوم جرايسي

تحليل اخباري

مسألة تجميد الصلاحيات، عنصر هام في حسابات نتنياهو لحل الحكومة والكنيست والتوجه لانتخابات مبكرة *بعد انتهاء عيد العُرش سيفحص نتنياهو وضعيته على مسار المحاكمة، ووضعية الكورونا، ليقرر، ما إذا سيستمر في حكومته *في كل الأحوال، من الصعب رؤية العام 2021 ينتهي من دون انتخابات برلمانية، وفق الوضع القائم اليوم


أعاد المستشار القضائي للحكومة أفيحاي مندلبليت، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، إلى ما يمكن تسميته "نفق الرعب" بالنسبة لنتنياهو، بإعلانه في مقابلة صحفية، أنه من المحتمل أن يطلب من المحكمة تجميد صلاحيات نتنياهو، مع بدء جلسات محاكمته المكثفة في الشهر الأول من العام المقبل؛ بعد أسابيع من ظهور وكأنه اتفاق ليس مكتوبا، يقضي بامتناع نتنياهو عن التدخل في التعيينات والوظائف الكبرى، المتعلقة بالجهاز القضائي وجهاز الشرطة، كشرط لعدم تجميد صلاحياته.
فقد ظهرت مسألة تجميد صلاحيات نتنياهو كرئيس حكومة، مع قرار المحكمة في مطلع الصيف الماضي، بأن تبدأ المحكمة جلسات الاستماع لشهود النيابة ومن ثم الدفاع، ابتداء من منتصف كانون الثاني المقبل، 2021، بواقع ثلاث جلسات أسبوعيا، من الاثنين وحتى الأربعاء، وهي قلب أيام العمل الأسبوعية. وقيل في حينه، إن توقيت الجلسات لن يسمح لرئيس الحكومة بمزاولة صلاحياته، وهو منشغل في غالبية أيام العمل بجلسات المحكمة، التي ستتبعها انشغالات مع طاقم المحامين، خارج قاعة المحكمة.
ولكن عامل التوقيت وجلسات المحكمة ليس المعيار الذي اهتم به مندلبليت، وقال إنه ليس سببا لتجميد الصلاحيات. وفي المقابل، طالب مندلبليت نتنياهو بالتعهد بعدم التدخل بالتعيينات الكبرى، التي لها علاقة بمحاكمته، وأولها المدعي العام للدولة، وهو منصب ما زال شاغرا وله قائم بالأعمال، ومنصب القائد العام للشرطة، الشاغر منذ شهر شباط من العام 2019، وله قائم بالأعمال.
وبالفعل، وقف نتنياهو في مؤتمر صحفي في نهايات شهر آب الماضي، وادعى أنه لن ينشغل بهذه التعيينات. وطبعا هذا ادعاء نكتة، لأن نتنياهو ليس بحاجة للحضور مباشرة في كل مداولات التعيينات اللاحقة، لأن لديه ما يكفي من أذرع في حكومته لتفعل فعله، وتعين من يريدهم نتنياهو. 
مساء أمس الثلاثاء، نشرت القناة 12 التلفزيونية، مقطع تسجيل صوتي لمندلبليت، خلال مقابلة مع مجلة "همشبحا" (العائلة)، وقال فيه، إنه في حال استمر نتنياهو بالتدخل بالشؤون الحساسة في جهاز الحكم، التي لها علاقة بجهازي النيابة والشرطة، فإنه لن يكون مناص من العودة إلى طرح مسألة تجميد الصلاحيات.
وفي المقابل، عبّر مندلبليت كثيرا عن "ألمه" و"وجع قلبه" على ما آلت اليه الأمور، بتقديم رئيس حكومة للمحاكمة بتهم الرشوى والفساد وخرق الأمانة. ومن المفترض أن يكون مندلبليت "صادقا" في مشاعره، فنتنياهو قلب الدنيا رأسا على عقب، وسار ضد كل آليات التعيينات المتعارف بها، كي يعين صديقه الشخصي "الوفي"، مستشارا قضائيا للحكومة، في الوقت الذي كان يشغل فيه مندلبليت منصب سكرتير الحكومة.
وكذا فعل نتنياهو في تعيين القائد العام للشرطة السابق روني أل شيخ، الذي استحضره نتنياهو من منصبه، نائب رئيس الشاباك، ومعروف بمواقفه ونهجه الشرس، وزرعه قائدا عاما للشرطة، متجاوزا مرشحين كبار في جهاز الشرطة، كانوا يرون بأنفسهم مناسبين للمنصب. وقاد ذلك التعيين إلى استقالات عديدة في قيادة الشرطة.
إلا أن مندلبليت، وكذا أل شيخ، حينما جلس كل منهما على كرسيه، اصطدم بوقائع لا يمكن تجاوزها، ودعما الجهازين، حتى تم تقديم ثلاث لوائح اتهام ضد نتنياهو. لكن هذا ليس دليل استقامة زائدة عندهما، فقضايا نتنياهو تميّزت بالمماطلة سنوات، ولا يبدو أن إسرائيل أمام محاكمة ستنتهي بالوتيرة المعروفة، بل من المتوقع أن تستمر لسنوات، وحسب تقديرات، بعد الاستئنافات، قد تمتد لثلاث سنوات. 

تجميد الصلاحيات مسألة حاسمة لنتنياهو

حتى قبل اعلان مندلبليت عما يمكن تسميتها صفقة ليست مكتوبة مع نتنياهو: "امتنع عن التدخل في التعيينات، ولن أدعم تجميد الصلاحيات"، كانت مسألة تجميد الصلاحيات، عنصرا هاما في حسابات نتنياهو لحل الحكومة والكنيست والتوجه لانتخابات مبكرة، كان من المفروض أن تجري في نهاية تشرين الثاني، أو مطلع كانون الأول المقبلين.
في حسابات نتنياهو آنذاك، أنه في انتخابات كهذه سيقلب التركيبة البرلمانية، ويحصل على أغلبية مطلقة للتحالف الفوري لليكود، مع الحريديم، وتحالف أحزاب المستوطنين، وحينها سيكون باستطاعته اجراء تعديلات قانونية سريعة، والحصول على حصانة برلمانية تجمد محاكمته. 
من الصعب رؤية نتنياهو اليوم، وبعد تهديدات مندلبليت، أن يعود الى ذات الحسابات، وهو غارق في دوامة الكورونا، التي عنوانها الصارخ: "فقدان السيطرة". وفقدان السيطرة أساسا الآن داخل معسكر تابعا لنتنياهو، جمهور الحريديم، وحسب التقارير في اليومين الأخيرين، فإن انتشار المرض هناك بات من الصعب لجمه، بسبب تمرد كبار الحاخامات، الذين يعلنون أن "الرب يحميهم"، رافضين للتعليمات والتقييدات.
بمعنى أن لا نتنياهو، ولا غيره، يعرف ما هو مصير البلاد خلال 90 يوما وأكثر، من يوم حل الكنيست، وحتى يوم الانتخابات؛ فإذا ما استفحلت الأزمة الصحية، وبالتالي الاقتصادية، فإنها ستكون مبارزة سيوف في حلبة مغطاة بضباب كثيف جدا، لا أحد فيها يميز الآخر. وحينها فإن الجبان الرعديد، نتنياهو، القلق على مدار الساعة للحفاظ على كرسيه ومناعمه، هو وعائلته، سيجازف، ولكن هذا لا يعني أنه سيكون امام السقوط، لأنه ببساطة: لا يرى الإسرائيليون بديلا له في هذا المستنقع الذي تتفشى فيه النتانة أكثر.
في نهاية هذا الأسبوع، يبدأ عيد العُرش العبري، ويستمر أسبوعا كاملا، وعلى الأغلب فإن نتنياهو سيكون غارقا في التفكير في كيفية مواجهة تهديد مندلبليت، ولا نعرف مدى الجدية فيه، ولكن لدى نتنياهو، فإن كل قشة طائرة في الجو من فوق راسه، هي بمثابة تهديد لحكمه، حكم الفرد.
بمعنى أن الصورة الأوضح، لربما، ستكون بعد انتهاء عيد العُرش، حينها سيفحص نتنياهو وضعيته على مساء المحاكمة، ووضعية الكورونا، ليقرر، ما إذا سيستمر في حكومته، وأن يتركها تتفجر حتى نهايات كانون الأول المقبل، أو أن يجد تبريرات ليطرحها على المحكمة ليؤجل جلساتها، ولكن في كل الأحوال، فإنه من الصعب رؤية العام 2021 ينتهي من دون انتخابات برلمانية، وفق الوضع القائم اليوم.

أخبار ذات صلة