news-details

"الطّفل الضّائع" وتقنيّة "التّغريب"...

مسرحيّة للمبدع طيّب الذّكر رياض مصاروة، وقد نُشرت عام 1982 وتناول فيها مجموعة أصدقاء وعلاقتهم بالواقع المحيط بهم...

والمعروف أنَ مثل هذه المسرحيّة التي تتناول حياة المجموعة لا حياة الفرد، هي قليلة في الكتابة المسرحيّة الفلسطينيّة، ولا يخفى أّنّ كاتبنا أراد بمُنْجزه هذا أن يعكس تجاربّهُ الشّخصيّة داخل عالم خيالي، وبهذا يعكس أيضا مواضيع مرتبطة بشريحة اجتماعيّة حضاريّة كانت موجودة في سنوات الثّمانين من القرن الفارط، وبخاصة في مدينة النّاصرة... وهي المكان الذي عاش فيه مصاروة تجاربّهُ وأبّدع فيه مسرحيّته.

هذا، وتبرز من خلال التَّطرُّق الى العلاقة بين المسرحيّة ورؤية المؤلّف ورؤية المجتمع سياقات ذات أهميّة كبيرة للعلاقة بين: المجتمع – الكاتب – المسرحيّة، وذلك بطابع غير مألوف يكمن – في ما يكمن – أنّهُ يتضمّن وصفا مرتبطا بحياة المؤلّف نفسه وبتجاربه الشّخصيّة المرتبطة بشخصيّات حقيقيّة وردت أسماؤها في المسرحيّة، وهو ما أكّده مصاروة في مقابلة أُجْريت معه عام 2001...

وهنا، من الضّروري أن نشير الى بروز عنصر التَّأثير المباشر لحياة الكاتب الشَّخصيّة على مضامين وشكل كتابة مسرحيّته "الطفل الضائع"...

ونلمس ظهور هذا التَّأثير بعدّة عناصر، استخدام المؤلّف لتقنيّة "التَّغريب" ”Alienation”، والتي تبنّاها وفق الرؤية المسرحيّة التي جاء بها المسرحي الألماني برتولد بريخت... حيث أمضى فيها مصاروة عدّة سنوات وعاد الى البلاد نهاية السّبعينات نلتقي وعنصر "التَّغريب" في المسرحيّة مباشرة في الصّفحة الأولى، حيث يذكر المؤلّف أمام الجمهور، عن ظهور إعلانات صحفيّة تشير الى موت أحد الذين اغتيلوا على يد القوات الإسرائيليّة... وهو سليم... ثُمّ تختفي هذه الإعلانات فجأة عن خشبة المسرح، وفورا يبدأ المشهد الأَوَل مع ظهور ثلاث شخصيّات، بالإضافة الى جُثّة سليم... وتقوم هذه الشّخصيّات بمناقشة دوافع القَتْل حتى نهاية المشهد، نلمس عنصر "التَّغريب" أيضًا في المشهد الثّاني من حوار سلمى حبيبة سليم وصديقه بشّار... ونرى "سليم" يُصغي إليهما وينظر إليهما لكنهما لا يريانه ولا يسمعان شخصيّته!!!

ولا بُدَّ في هذا الصدد، أن نُضيف: أنَّ تقنيّة "التَّغريب" في المسرح تُسْتَعْمل عادة كي تثير وعي جمهور النَّظّارة لما يحدث خلال عرض المسرحيّة، وطبيعيّ أنْ تُؤثّر مباشرة على شكل كتابة المشاهد.

طيّب الله ثرى مبدعنا الفنان رياض مصاروة الذي اختار أن يُعبِّر عن آرائه في مسرحيّته "الطفل الضّائع" من خلال الشخصيّة النّسائيّة...

أخبار ذات صلة