news-details

العيبُ فينا لا في الحياةِ!..

قد نسمعُ أَحَدَهُم يلعَنُ الدُّنيا ويسبُّ الحياةَ، وكثيرًا ما يكونُ ذلكَ بَعدَ فَشَلٍ أَو خيبَةِ أَمَلٍ.. ليسَ غريبًا أن يحدثَ هذا إن جاءَ على شكلِ نوبَةِ غَضَبٍ، ولكنَّ الغريبَ أَن يتَكرَّرَ هذا الغضَبُ فَيُصبِحَ حالَةً عُصابِيَّةً قد تَجعلُ الحياةَ عِبْئًا ثقيلًا.. لقدْ صدقَ الشّاعرُ اللّبنانيُّ المَهْجَريِّ إيليّا أَبو ماضي حينَ قالَ في قصيدَتِهِ ( فلسَفَةُ الحياةِ ):

هو عِبْءٌ على الحياةِ ثقيلٌ

مَنْ يظُنُّ الحياةَ عِبْئًا ثَقيلا

لكنْ رُبَّ مُعْتَرِضٍ يقولُ: إنَّ أَبا العلاءِ المَعَرِّيَّ لهُ رَأْيٌ مُغايرٌ حينَ يقولُ في قَصيدَتِهِ (ضَجْعَةُ الموتِ رَقْدَةٌ :

تَعَبٌ كُلُّها الحياةُ فما أَعْجَبُ،

إلّا من راغِبٍ في ازدِيادِ

لو أَخَذْنا من تجرِبَةِ إيليّا أَبي ماضي شَيئًا، ومن فلسَفَةِ أَبي العَلاءِ شَيئًا لَوَجَدْنا أَنَّ الحياةَ هِيَ هِيَ منذُ وُجِدَ الإنسانُ على هذِهِ الأَرضِ..إنَّها خَلطَةٌ عَجيبَةٌ مِنَ الحَلاوَةِ والمَرارَةِ؛ نُحِسُّ بِحَلاوتِها ونَحنُ سُعَداءَ، ونُحِسُّ بِمِرارَتِها ونحنُ حَزانى، ولكُلٍّ منَ الحالَتَينِ أَسبابُها، فَالعاقِلُ مِنّا إذًا، هو ذاكَ الّذي يَتَقَبَّلُ أَسبابَ التَّعاسَةِ تَمامًا كما يَتَقَبَّلُ أَسبابَ السَّعادَةِلِنَظَلَّ على وِئامٍ معها.. أَمّا إذا بَحَثْنا عن هذهِ الأَسبابِ نَجِدُ أَنَّ لا دّخلَ لِلحَياةِ فيها، بَلْ ثَلاثَةُ أَرباعِها آتٍ مِمّا يَفْعَلُهُ القَوِيُّ بالضَّعيفِ... مِمَّا يَفْعَلُهُ الإِنسانُ (بِأَخيهِ ) الإنْسان!

صباحُكُم سُكَّر

حسين مهنّا

أخبار ذات صلة