news-details

صباح الخير يا زيّاد

هلا زيّاد! صباح الخير أيّها الجنديّ الباسل في الجيش الأبيض، وصباح العافية لك ولرفاقك ورفيقاتك الأطبّاء والممرضات والعاملين في المختبرات والصّيدليات في مشافي البلاد من بئر السّبع مرورًا بالقدس وتل أبيب وحيفا حتّى صفد، الّذين لا يميّزون بين لون ولون، وبين جنس وجنس، وبين لغة ولغة، وبين صلاة وصلاة، وتعملون، يا قلبي، بنشاط ليل نهار لتحرسوا الحياة والأمل الأخضر.

أعرف يا حفيدي الغالي أنّك شابّ يحبّ الحياة ويحبّ أهله وشعبه ووطنه والإنسانية، ويعتزّ بأنّه ينطق لغة الضّاد، ويرفع هامته لأنّه فلسطينيّ، ولا يضيره أنّ رأس الهرم في هذه الدّولة اختلق له قوميّة جديدة بعدما قسّم مواطني البلاد الى "يهود" و "لا يهود" وهذا يعني أنّ قوميّتك في القاموس الاسرائيليّ "لا يهوديّ"... فلا تتضايق. أنت مثل ملكة بريطانيا ورئيس فرنسا ورئيسة ألمانيا ورئيس روسيا ورئيس الصّين و.. أنت الأكثريّة العظمى في العالم. أنت إنسان. وأنت عربيّ ويصعب عليه أن يلفظها. هي ثقيلة لسانه. وكي أكون موضوعيًّا ولا أظلم رأس الهرم أقول إنّه لم يأتِ بها من بيت أبيه فقد اعتدنا عليها منذ حكم المباي والمعراخ والعمل، رحمهم الله، الّذين أسّسوا هذه الدّولة على أنقاض أهلنا، والّتي تزعم أنّها واحة الديمقراطيّة وأنّها فيللا في غابة الشّرق العربيّ، فنحن في قاموسهم اسمنا "غير اليهود" وفي أحسن الحالات "الأقليّات"، كما لا أنكر ديمقراطيّة الدّولة حتّى لو نالني منها فُتات.

وأدرك يا حبيبي أنّ عجوزًا في رحوبوت، ورجلًا في كفار سابا وامرأة في هرتسليا وشابًّا في حيفا وطفلًا في نهاريا لا بدّ أنّه تساءل بعدما سمع مصطلح "لا يهود" هل هم أحمد وغسّان وفاطمة الّذين يعالجوننا في المستشفيات وفي العيادات ويقدّمون لنا الدّواء في الصّيدليّات، هؤلاء الملائكة ذوو الملابس البيضاء الّذين يسهرون ويتفانون من أجل أجدادنا وآبائنا وأمهاتنا وأطفالنا؟

أنت يا الغالي لا تعمل من أجل " شكرًا" أو "ورقة نقد" أو "مكافأة" أنت تعمل لأنّك انسان ابن انسان وتحمل ضمير انسان. وأنا واثق بأنّك ستداوم على عملك بنشاط وتشعر برضا عندما تخفّف ألم عليل، وتسعد وتفرح عندما تعود السّلامة لسقيم، وتحزن إذا ما أنّ مريض.

بارك الله بك في كلّ اللغات وشتّى الصّلوات!!

هلا زيّاد!

مضى آذار وانتصف نيسان وأنا وجدّتك لم نقبّلك بل لم نشاهدك في بيتنا تغمره فرحًا وحبًّا.

يحرقنا الشّوق لرؤيتك ورؤية الأحفاد والحفيدات من إخوتك وأبناء عمومتك. نحن بخير والحمدلله، ننهض صباحًا ونفطر ونشرب قهوة الصّباح معًا وبعدئذِ تسألني جدّتك سؤالها اليوميّ: ماذا سنطبخ اليوم؟ ولو أجبتها "ما تشائين" لما أعجبها فهي تصّر على أن أختار لها الطّبخة. وأنا مللت من ذلك. ورق عنب، كوسا، فاصوليا، كفته، أرز، مسّخن، زهرة، ملفوف، مجدّرة، عدس وأرز، علت، ورق عنب، كوسا.... من شان الله. زهقت. ألا يكفي أنّ الكورونا سجنتني؟ هل أنا مسؤول عن اختيار الطّبخة؟ ولكن لا يحقّ لي أن أزّعل ام علي. شريكة عمري. فلا بدّ أن أقترح...

وأعود الى مكتبتي، وفيها كتب لم أقرأها. وتناولت اليوم رواية شهيرة اسمها "الأمير الصّغير" للطّيّار الكاتب الفرنسيّ أنطوان دو سانت إكزوبيري (1900-1944) الصّادرة عن "منشورات الجمل" في ألمانيا وبغداد وقد اشتريتها قبل سنوات عندما كنت ضيفًا على معرض الكتاب في الدار البيضاء في المغرب... وها أنا بدأت بقراءتها. يبدو منذ الفقرة الأولى أنها شائقة..

أخبار ذات صلة