news-details

اعتبار مناهضة الصهيونية لاسامية يعرض الشعب اليهودي للخطر

*شومسكي: المعادلة السائدة، سواء في الوعي اليهودي الاسرائيلي أو في نظر شعوب العالم، تقول إن الصهيونية في هذه الايام معناها استمرار المستوطنات وتعزيز الحكم الاسرائيلي اليهودي بين البحر والنهر"
*بارئيل: استنادا لقانون البرلمان الفرنسي فإن الرئيس مكرون يصبح لا ساميا ايضا

 

حذر محللان إسرائيليان من القوانين التي تسن في بعض برلمانات العالم، وآخرها فرنسا، التي تعتبر مناهضة السياسات الإسرائيلية هي مناهضة للصهيونية، وقالوا، إن هذا سيعني ان كل يهود العالم هم صهاينة، هذا ما سينعكس عليهم سلبا، بسبب سياسات الاحتلال والعنصرية التي تمارسها إسرائيل.

ويعتبر الكاتب ديمتري شومسكي في مقال له في صحيفة "هآرتس"، حسب رؤيته، "أن الغاء حق تقرير المصير القومي لليهود في اسرائيل والسعي الى الغائه هو حسب جوهره شكل من اشكال اللاسامية. بالاجمال، فكرة تقرير المصير لليهود كتجمع قومي هي الصيغة القومية والمعدلة لمبدأ التحرر الذاتي اليهودي الفردي: سواء التحرر الذاتي المدني لليهود في اوروبا الحديثة، أو التحرر التلقائي القومي لليهود في فلسطين/ ارض اسرائيل، استهدف شمل اليهود بكونهم بشر متساوين مع الآخرين في المجتمع الانساني الحديث".

ويتابع شومسكي، أن "احدى الخصائص الاساسية للاسامية الحديثة هي السعي الى الغاء المساواة في الحقوق لليهود، بكل صورها السياسية المقبولة، وابعاد اليهود عن عائلة الأمم، سواء عن طريق الغاء المساواة في الحقوق المدنية لليهود، كما تقول اللاسامية في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، أو عن طريق الغاء المساواة للحقوق القومية لليهود، مثلما هي اللاسامية في نهاية القرن العشرين وبداية القرن الواحد والعشرين".

ويقول شومسكي، إن "المعنى السياسي والعملي السائد للصهيونية الحالية، كما تطرحه دولة اسرائيل الآن بكونها تحتل وتستوطن خارج حدودها، بعيد عن أن يتبدى فقط بحق تقرير المصير القومي الشرعي. بالعكس، الجميع يرى أن ماهية وهدف الصهيونية في بداية القرن الواحد والعشرين هو تعميق القمع المدني والاستعباد القومي للشعب الفلسطيني، وسلب لا يتوقف لأراضيه باسم الثيولوجيا التوراتية، اليهودية- المسيحانية".

ويضيف شومسكي كاتبا، "في الحقيقة، النواة التاريخية المصفاة للصهيونية السياسية الاصلية عند ظهورها كانت متماهية مع الطموح العادل لليهود من اجل تجسيد حقهم في تقرير المصير القومي في ارض اسرائيل – ليس اقل من ذلك، وايضا لا اكثر من ذلك. اضافة الى ذلك، اليوم ايضا يوجد في اسرائيل وخارجها اقلية ليهود قوميين يؤيدون ما عرفه الفيلسوف المعروف حاييم غينز "التفسير المساواتي للصهيونية". اساسه هو التمسك بمبدأ تقرير المصير القومي اليهودي غير المهيمن، الذي تطبيقه مقرون، ضمن امور اخرى، بتقسيم البلاد. ولكن الحديث يدور عن اقلية صغيرة ومهملة، التي للاسف الشديد، ليس فقط لا يمكنها أن تعيد للصهيونية المعنى الاصلي لها، بل هو مدان من قبل الاغلبية الصهيونية باعتباره "ما بعد صهيوني" أو "مناهض للصهيونية".

وتابع شومسكي، ان "النتيجة اذا واضحة مثل الشمس: المعادلة السائدة، سواء في الوعي اليهودي الاسرائيلي أو في نظر شعوب العالم أو في الواقع اليومي على الارض (أي في المناطق)، تقول إن الصهيونية في هذه الايام معناها استمرار المستوطنات وتعزيز الحكم الاسرائيلي اليهودي بين البحر والنهر".

"اذا كان الامر كذلك، فليس هناك مناص. يجب علينا الاعتراف بحقيقة ثابتة ومؤلمة: اذا كان التعبير الحقيقي والجوهري للصهيونية في هذه الايام مرتبط بصورة واضحة بعدم عدالة صارخ – سيطرة عنيفة على شعب آخر وعلى ارضه – فان مناهضة الصهيونية الحالية هي اذا من الظواهر السياسية العادلة في هذه الايام. وفي هذه النقطة، قرار البرلمان الفرنسي تبني الادعاء المدحوض للرئيس مكرون، الذي بحسبه "مناهضة الصهيونية هي شكل من اشكال الصهيونية في ايامنا"، يظهر بكامل حماقته".

ويشدد شومسكي على أن "الامكانية الكامنة لضرره كبيرة، حيث أنه اذا كانت احدى الظواهر السياسية العادلة في أيامنا، معارضة قمع الشعب الفلسطيني واستعباده، التي هي لشديد الخجل والألم، جوهر الصهيونية الحالية، تتم مساواتها باللاسامية، واذا تجذرت هذه المعادلة المشوهة في الوعي العالمي فإن اللاسامية يمكنها ايضا أن تعتبر اكثر فأكثر في نظر شعوب العالم كظاهرة عادلة. اللاسامية يمكن أن تجد الدعم، بل حتى الدعم الاخلاقي، هذا هو. ليس هذا فقط أنه في المدى القصير القرار الفرنسي يضر بشكل كبير بحقوق الشعب الفلسطيني، بل في المدى الطويل يوجد فيه ايضا ما من شأنه أن يعرض لخطر حقيقي الشعب اليهودي. حيث أنه بالمناسبة يقدم التشجيع والشرعية الاخلاقية لظاهرة معاداة اللاسامية".

 

 مكرون لاسامي

ويقول المحلل السياسي في صحيفة "هآرتس" تسفي بارئيل، إن الرئيس الفرنسي مكرون، كان قد قال في منتصف العام 2018، إن نقل السفارة الأميركية الى القدس تسبب بقتل ناس، ما اغضب الحكومة الإسرائيلية، ويقول، "في بداية الشهر قررت الجمعية العمومية في فرنسا بأن مناهضة الصهيونية هي صورة جديدة للاسامية. ما يعني أن اقوال مكرون كانت مناهضة للصهيونية، أي أنه حسب القرار الجديد فان الرئيس الفرنسي هو لاسامي".

ويسأل بارئيل، "هل الكولونيالية اليهودية هي صهيونية؟ هل حلم ارض اسرائيل الكاملة هو جزء من هذه الآمال "الأكثر اهمية من رغبة العرب"؟ وبالأساس، هل اسرائيل كدولة يهودية هي الدمية المخلصة للصهيونية، وسياسة الحكومة هي التفسير الموثوق الوحيد لتعريف الصهيونية؟".

ويقول بارئيل، إن "الاعتراف الدولي باسرائيل منحها الشرعية في أن تكون وطن قومي ليهود العالم، لكن في نفس الوقت، ألزمها بالتصرف حسب قواعد المجتمع الدولي. القانون الدولي وقوانين الاخلاق العالمية، التي تلزم أي دولة وقعت على المواثيق الدولية. هذه المواثيق تعترف باوضاع الاحتلال، لكنها ايضا حددت قواعد للاحتلال والسلوك في المناطق المحتلة. عندما تتبنى اسرائيل قوانين عنصرية وتخرق المواثيق الدولية المتعلقة بالاحتلال وتسمح بنقل سكان من الدولة المحتلة الى المناطق التي تم احتلالها وتحرض ضد اقلية قومية تعيش في المناطق، فان شرعيتها تتآكل، وايضا الفكرة التأسيسية لها، وهي الصهيونية، طفرة شيطانية تسحق قيمها".

ويختم بارئيل، أن "هذه الطفرة تغذي المسخ اللاسامي الذي لا يعرف التمييز بين اليهودية والصهيونية والاسرائيلية. وبصورة متناقضة، فان تشخيص مكرون بأن مناهضة الصهيونية هي لاسامية، يساعد اللاسامية. وحسب معادلته فان دعم الصهيونية حتى عندما تكون مشوهة وعندما تتسبب بمأساة شعب آخر وعندما تحظى بتفسير عنصري من حكومة اسرائيل، يكون الاختبار الاعلى للانسانية، بالضبط مثل محاربة اللاسامية. من الآن، كل من يريد محاربة اللاسامية ملزم بأداء قسم الولاء للصهيونية. فهذه رزمة واحدة. هيا نرى كم من محاربي اللاسامية في العالم سيوافقون على التوحد حول علم الصهيونية".

 

أخبار ذات صلة