news-details

الذكرى الثالثة  لرحيل ناهض حتر: شهيد الكلمة الحرة في المعركة ضد الدواعش

يصادف اليوم الذكرى الثالثة لاغتيال الكاتب الأردني الحر ناهض حتر، الذى راح ضحية عملية إرهابية فى 25 سبتمبر 2016 وتعرض الكاتب الأردنى ناهض حتر مواليد 1960 لعملية اغتيال أمام قصر العدل وسط عمان بعد نحو أسبوعين على إطلاق سراحه بكفالة مالية إثر نشره رسما كاريكاتيرا روج البعض كذبًا أنه "يمس الذات الإلهية" وهو في الحقيقة تعبير عن استنكار لمفهوم الدواعش عن الجنة . فخرجت جماعات الإسلام السياسي وفي مقدمتها الإخوان المسلمين بالأردن، محرضة عليه بعدما كفرته وأباحت دماءه تبعه سيل من التحريض الدموي من غوغاء الرجعية، وقتل على الفور بعد أن فتح مسلحا النار على حتر أمام قصر العدل بمنطقة العبدلى وسط عمان

وناهض حتر كاتب أردنى ومناضل شيوعي صلب ، خريج الجامعة الأردنية قسم علم الاجتماع والفلسفة، ماجستير فلسفة فى الفكر السلفى المعاصر، وسجن مرات عديدة فى عامى 77 و79، كما تعرض لمحاولة اغتيال سنة 98 أدت به إلى إجراء سلسلة من العمليات الجراحية، اضطر لمغادرة البلاد لأسباب أمنية إلى لبنان فى أواخر التسعينيات.

وأصدر "حتر" عددا من الكتب السياسية والأدبية تعليقا على الأحداث الدولية، ومن أبرز هذه الكتب "العراق ومأزق المشروع الإمبراطورى الأميركى، المقاومة اللبنانية تقرع أبواب التاريخ، ، وقائع الصراع الاجتماعى فى الأردن فى التسعينيات، الليبرالية ضد الديمقراطية، دراسات فى فلسفة حركة التحرر الوطنى.
 

ناهض حتر العروبي العلماني الذي حرض عليه الدواعش بتهم الإساءة للدين قد كتب دفاعًا عن نبي الإسلام في مقال مشهور له:" كان محمد بن عبدالله نبياً بالمعنى الديني. وكان نبياً بالمعنى القومي، فبدعوته تأسست الأمة العربية. وكان نبياً في ثورة، مناضلا ، وكان “خاتم النبيين”، فلا ادعاء بعده لولي أو شيخ أو حزب، او ادعاء احتكار تمثيل الإسلام بعد قفل باب النبوة وبدء عصر الأمة في التاريخ الاجتماعي. بذلك، فإن الرسول العربي (ص) رمز مربع الأركان: رمز ديني للمسلمين، ورمز قومي للعرب، ورمز ثوري للمناضلين من أجل التغيير، ورمز مدني للقائلين بالدولة المدنية.وإذا كانت التجربة المحمدية والعربية الإسلامية كتابا مفتوحا، وينبغي أن يظل مفتوحا للقراءات الحرة، من المسلمين وغير المسلمين، فليس في باب الحرية، بل في باب العدوان، تقع الإساءة لدرة التاج في رموز الأمة. تجرحني الإساءة للرسول، وأشعر بالتحدي إزاء تلك العصابات العنصرية الإمبريالية المعادية للإسلام والعروبة والعالم الثالث وحركات التحرر الوطني."

يقول حتر في كتابه "ربيع زائف.. نقد الثورات العربية لعام 2011" عن الإخوان المسلمين في الأردن عقب ثورات الربيع العربي: "في الأردن أدى إنحسار التأثير السياسي للإخوان منذ خريف 2012 وتفككهم الداخلي وشعورهم بالهزيمة، إلي تشقق الطلاء الليبرالي عن شعارات الجماعة التي أعلن مراقبها العام "همام سعيد" صراحة السير بالبلاد نحو الدولة الدينية، وفي تعميم تسرب عمدًا أعلن (الإخوان أنهم موكلون بالمسئولية الشرعية عن قيادة الشعب الأردني) ويفضح هذا الإعلان عن منهج معاد للديمقراطية والتعددية، (فالمسئولية الشرعية) تجب سواها من الشرعيات الأدني، كالشرعية الدستورية والانتخابية والثورية إلي آخره من الشرعيات، بما فيها "الشرعية الشعبية" التي رفعها الإخوان شعارًا دعائيًا، وتحصر حق القيادة بتنظيم حاصل على التفويض الإلهي، وهنا ينتهي أي فارق من أي نوع بين الخط الإخواني وخط السلفية الجهادي".
 

وتم الحكم على قاتل حتر بالاعدام شنقًا، وهو مهندس حواسيب كان يعمل لحساب وزارة التعليم الاردنية يبلغ من العمر 49 عاما ويدعى رياض اسماعيل، وجهت اليه تهم القتل العمد والارهاب وحيازة سلاح غير مرخص. وقال القاضي الذي اطلق الحكم على المجرم "لاقترافه عملا ارهابيا مميتا، وممارسته التحريض ولاقترافه جريمة القتل العمد ولحيازته سلاحا ناريا غير مرخص". الا أن من حُكم عليه بالاعدام هو من ضغط الزناد، والقتلة الحقيقيون من المحرضين وناشري الفكر الإرهابي ومبيحي الدماء ورواد التكفير والفتنة لا زالوا أحرارًا طُلقاء.

ناهض حتى آخر يوم في حياته لم يفقد ثقته بأبناء شعبه. ظن حقاً أن أبناء الوطن الواحد يجمعهم أكثر من الدم، لم يعرف أن سرطان الأسلمة السياسية فعل في بعضهم  ما فعل وأحالهم الى وحوش كاسرة لا تعرف معنى لكلمة "الوطن" فخرج دون رفقة ولا حراسة، بصدره العاري المثقل بالاحلام الجريئة وهموم التحرر الوطني حتى اخترقته ثلاثة رصاصات عميلة وأردته شهيداً للحلم.

أرادوا أن يكتموا صوتك يا ناهض، لكن ما فعلوه هو تحويلك الى شهيد الكلمة تأخذ مكانك على العرش بجانب من سبقك من اختاروا أن يكونوا وقوداً للمعركة الأزلية بين الكلمة الحرة وكهنة المعبد..

أخبار ذات صلة