news-details

تقرير: العقوبات الأمريكية الأحادية على إيران تهدد الاستقرار في الشرق الأوسط

اتخذت إيران مؤخرا خطوة كبيرة أخرى هى خطوتها الثالثة، لتقليص التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي، ردا على العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة مؤخرا على طهران والتباطؤ الأوروبي لحماية الاتفاق النووي الإيراني التاريخي.

وقال محللون إنه مع تصاعد الاحتكاكات بين إيران والولايات المتحدة بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق والعقوبات القاسية المفروضة على إيران، يتعرض الاستقرار في الشرق الأوسط كله الآن إلى التهديد.

 

تقليص الالتزامات

أعلنت إيران يوم السبت، تفاصيل خطوتها الأخيرة لتقليل التزاماتها المنصوص عليها في الاتفاق النووي 2015، المعروف أيضا بخطة العمل المشتركة الشاملة.

وبعد الإعلان، بدأت إيران تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة وتفعيل 20 جهازا من أجهزة الطرد المركزي أي آر-4 و20 جهازا من أجهزة الطرد المركزي أي آر-6، لدعم مخزونها من اليورانيوم المخصب.

وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأربعاء "سوف نشهد بحث وتطوير أنواع مختلفة من أجهزة الطرد وأجهزة طرد جديدة وأي شيء ضروري لتخصيب اليورانيوم بطريقة سريعة." مضيفا أن الأنشطة النووية الإيرانية سوف تظل سلمية وتحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقبل هذا، اتخذت البلاد خطوتين لتقليص التزاماتها وفقا للاتفاق، لبناء مخزونها من الوقود النووي واليورانيوم المخصب منخفض الدرجة إلى مستوى أعلى من النقاوة.

وفي الأول من يوليو، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية، أن مخزون إيران من اليورانيوم المخصب منخفض الدرجة يتجاوز 300 كجم، الحد الذي ينص عليه الاتفاق النووي. وفي 7 يوليو، بدأت إيران زيادة تركيز تخصيب اليورانيوم منخفض الدرجة إلى 4,5 في المائة من النقاوة مقارنة بالمستوى المنصوص عليه في الاتفاق والذي يبلغ 3,67 في المائة.

وتعد خطوة طهران للبدء مرة أخرى في برنامجها النووي، خطوة انتقامية في الأساس من انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة، التي خففت العقوبات الاقتصادية على إيران في مقابل تعليق تطوير برنامج البلاد النووي.

جرى التوصل إلى خطة العمل المشتركة الشاملة في يوليو 2015 بين إيران و(مجموعة 5+1)، الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين إلى جانب ألمانيا، والاتحاد الأوروبي. وفي مايو 2018، انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق.

ثم عادت واشنطن لفرض عقوبات قاسية على واردات النفط الإيرانية وصناعات أساسية أخرى وعلى مسؤولين كبار وجزء من الجيش، الحرس الثوري الإسلامي.

وشعرت إيران بخيبة أمل تجاه أوروبا، حيث اقترحت أوروبا قنوات دفع لتسهيل التجارة بين أوروبا وإيران. وتقول إيران إن هذه الآلية لم تكن قادرة "بشكل عملي" على تعويض تأثير العقوبات الأمريكية على الاقتصاد، ناهيك عن رفض الولايات المتحدة الجهود التي تبذلها فرنسا لتقديم مساعدات اقتصادية قيمتها 15 مليار دولار لطهران.

 

عقوبات أقسى

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، فرض عقوبات جديدة على شبكة لنقل النفط، قائلة إنها مرتبطة بالحرس الثوري الإسلامي الإيراني.

جاءت العقوبات الأمريكية الأخيرة على قمة فورة من الأفعال العقابية الأخيرة ضد الجمهورية الإسلامية، ومن بينها عقوبات على وكالة الفضاء الإيرانية وناقلة نفط إيرانية.

ومنذ خروج واشنطن من الاتفاق النووي العام الماضي، فرضت عددا من العقوبات التأديبية على قطاعات الطاقة والمصارف والشحن الإيرانية واستهدفت مئات الأشخاص والبنوك والسفن.

وبسبب تشديد العقوبات الأمريكية، شهد تصدير النفط الإيراني، انخفاضا سريعا خلال الأشهر القليلة الماضية، حيث قدم مراقبو الصناعة ووكالات تحليل السوق، أرقاما متباينة تباينا واسعا لتغيرات حجم التصدير.

وعلق عدد من الشركات الأوروبية عمله في إيران، خوفا من التعرض لعقوبات من قبل واشنطن للقيام بأعمال مع طهران.

وقال وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف يوم الخميس "لسوء الحظ، واشنطن لم تستطع تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إيران فقط، ولكنها أيضا عاقبت دولا أخرى على تطبيع علاقاتها الاقتصادية مع إيران، وهو أمر غير مقبول تماما."

وعلى الرغم من أن العقوبات الأمريكية الأقسى فرضت ضغطا متزايدا على الاقتصاد الإيراني، يتوقع بعض المحللين أن اقتصاد البلاد لن يتدهور سريعا.

وقال حسين مقدم، وهو معلق سياسي إيراني وضابط كبير سابق في القطاع العسكري في البلاد إن"انهيار إيران أمر أقل احتمالا"، مضيفا أن البلاد غنية بمواردها الطبيعية وأراضيها البكر، ما يضمن للبلاد النجاة من أي عقوبات.

 

احتجاج عالمي

أدت خطوات الولايات المتحدة الأحادية بالانسحاب من الاتفاق النووي وفرض "ضغوط قصوى" على إيران إلى احتجاج عالمي.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في 2 سبتمبر، إن روسيا تعتقد أن الوضع حول الاتفاق كان "نتيجة مباشرة للخطوات المدمرة" التي اتخذتها واشنطن.

وقال إلتر توران الأستاذ في العلاقات الدولية في جامعة إسطنبول بيلجي بتركيا، إنه على ما يبدو أن الولايات المتحدة تصرفت بشكل أحادي من دون الاعتراف باستنتاجات المراقبة الدولية، التي أظهرت التزام إيران بالاتفاق.

وأضاف توران أن الإدارة الأمريكية تخسر أصدقاءها. إنها تضع نفسها في وضع يجعل القليل من الدول تستمع لها.

وقال أسد الله بادامتشيان الأمين العالم لحزب التحالف الإسلامي الإيراني، إن هذا التعبير عن الهيمنة أصبح سياسة أساسية تتبناها السلطات الأمريكية كوسيلة لحكم العالم.

وقال عدنان أبو عامر رئيس قسم العلوم السياسية والإعلام في جامعة الأمة الفلسطينية، إن واشنطن تتبنى مواقف عدائية تجاه معظم الدول الموجودة في المنطقة.

وأضاف عامر إن الإدارة الأمريكية الحالية "تجعل نفسها في حالة من العداء المطلق مع جميع الدول في المنطقة، ومن بينها إيران وتركيا وقطر وحتى حلفائها مثل مصر."

وأشار محللون إلى أن المواجهة بين إيران والولايات المتحدة سوف تزيد من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط.

وقال حسام دجاني المحلل السياسي الفلسطيني إن "السياسة الأمريكية لا يمكن أن تؤدي للاستقرار في المنطقة."

وقال ريتشارد نفيو وهو باحث كبير في جامعة كولومبيا، إن واشنطن وطهران تقتربان من الصراع العسكري أكثر من أي وقت مضى، مضيفا أن الأزمة الحالية المتعلقة بالاتفاق النووي يجب أن تحل بطريقة دبلوماسية.

وأضاف الباحث أنه يجب على الجانبين "وقف ما يقومان به وبدء عملية تفاوض جادة. هذه ليست عملية معقدة."

 

في الصورة: مواطنون في أحد شوارع طهران هذا الأسبوع (رويترز)

أخبار ذات صلة