news-details

تونس تكافح انحدارا اقتصاديا بعد الثورة

يتوقع رئيس الوزراء المكلف في تونس الحبيب الجملي تشكيل حكومة ائتلافية جديدة الأسبوع القادم بعد انتخابات في تشرين الأول أسفرت عن برلمان منقسم.

ومنذ ثورة 2011 التي أطاحت بالحكم الاستبدادي ومهدت الطريق إلى حكم ديمقراطي، ضعُفت معظم المؤشرات الاقتصادية وانزلقت البلاد بشكل أعمق في براثن الديون.

يقول خبراء اقتصاديون إن حكومة قوية ذات رؤية اقتصادية واضحة ضرورية لمواصلة الجهود المبذولة لاستقرار المالية العامة، والتغلب على الاحباطات التي تهدد بتقويض الثقة في الممارسات السياسية للديمقراطية الناشئة.

تظهر أرقام البنك الدولي أن النمو الاقتصادي، الذي بلغ في المتوسط 4,7 بالمئة في العشر سنوات حتى 2010، هبط إلى 1,8 في المئة في المتوسط منذ ذلك الحين.

وسجلت تونس فائضا أوليا في 2010، مع عجز صاف واحد في المئة فقط. ومذ ذلك الحين، ارتفع دين الحكومة من 41 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي إلى أكثر من 70 في المئة.

وتتوقع الحكومة عجزا قدره 3,9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، انخفاضا من 7,4 في المئة في 2016، و6 في المئة في 2017، و4,5 في المئة العام الماضي.

وهبط حساب المعاملات الجارية، وانخفضت احتياطيات النقد الأجنبي، ونزل سعر صرف الدينار، بينما ارتفع معدل التضخم متجاوزا سبعة في المئة في 2017، وبلغ 6,5 في المئة في سبتمبر أيلول.

* ما هو تأثير ذلك على التونسيين؟

ارتفعت البطالة على مستوى البلاد من 12 في المئة قبل الثورة إلى 15 في المئة الآن، لكن هذا المعدل يزداد سوءا في المناطق الداخلية الفقيرة حيث تتجاوز البطالة 30 في المئة في بعض المدن.

وحينما بدأت السياحة تتعافى في 2015، قتل متشددون عشرات السياح الأجانب في هجومين، وهو ما دفع القطاع مجددا إلى الانهيار.

وفي هذا العام فقط عادت أعداد الزائرين إلى مستوياتها السابقة، لكن انهيار شركة توماس كوك للسياحة والسفر في سبتمبر أيلول أظهر أن تونس لا تزال هشة أمام أي صدمة مفاجئة في القطاع.

أجرت الشركات المملوكة للدولة تعيينات كبيرة في خطوة مفاجئة بعد الثورة، وهو ما ساهم في هبوط حاد في مستويات الأداء والربحية، حيث كلفت خسائرها الحكومة ملياري دولار العام الماضي.

وكانت شركة الفوسفات المملوكة للدولة تساهم بعشرة في المئة من الصادرات التونسية قبل الثورة، لكن ذلك تراجع الآن إلى أربعة في المئة. وتقع الشركة في منطقة فقيرة، وزادت حكومة ما بعد الثورة قوتها العاملة بنحو 21 ألفا لتصل إلى 30 ألف عامل.

أما الخطوط التونسية، وهي شركة الطيران الوطنية، فلديها طاقم من العاملين يبلغ ثمانية آلاف لنحو 27 طائرة فقط، وتعاني من خسائر منذ الثورة. وقالت الشركة الأسبوع الماضي إنها ستستغني عن 400 وظيفة العام القادم.

ورغم ذلك، يعارض الاتحاد العام التونسي للشغل ذو النفوذ الكثير من مثل هذه الإصلاحات ويقول إن مشكلات أخرى مثل الفساد وسوء الإدارة يجب معالجتها أولا.

ويقول دبلوماسيون إن شركات خاصة بينها ارتباطات قوية تهيمن أيضا على بعض القطاعات، حيث تعمل مثل تحالفات احتكارية وهو ما يجعل الشركات الأصغر حجما غير قادرة على جمع تمويل للاستثمار.

* ما الذي حاولت الدولة أن تفعله حتى الآن؟

قطعت تونس نصف الطريق في برنامج قرض بقيمة 2,8 مليار دولار يدعمه صندوق النقد الدولي والذي بدأت تنفيذه في 2016.

ويطلب الصندوق من الحكومة كبح الإنفاق، وبصفة خاصة على أجور القطاع العام التي تضاعفت تكلفتها إلى نحو 16 مليار دينار (5.5 مليار دولار) في 2018، من 7,6 مليار دينار في 2010، وعلى الدعم.

وفي آذار، رفعت الحكومة أسعار الوقود للمرة الخامسة في عام، ومن المتوقع أن تشهد مزيدا من الزيادات.

لكن تخفيضات الإنفاق، رغم أنها زادت الاستياء العام الذي دفع الناخبين إلى معاقبة شركاء الائتلاف في انتخابات تشرين الأول، أخفقت أيضا في تحقيق المستويات المستهدفة لخفض العجز.

يتوقع المقرضون الأجانب الذين يمولون عجز تونس أن تجري الحكومة مزيدا من الخفض في الإنفاق، وهى عملية لا تحظى بقبول شعبي ومن المحتمل أن تكون صعبة للحكومة الائتلافية القادمة.

وأعطى الرئيس قيس سعيد، وهو مستقل انتُخب في أكتوبر تشرين الأول، دفعة لبضعة برامج لمكافحة الفساد، وهو ما قد يساعد الحكومة الجديدة على كسب الدعم لسياسات أقل قبولا.

أخبار ذات صلة