news-details

تونس في انتظار حكومة انقاذ اقتصادي بلا أحزاب

تونس- خاص- باسل ترجمان


تتواصل المشاورات بين المكلف بتشكيل الحكومة الجديدة في تونس هشام المشيشي، ومكونات الطيف السياسي والاقتصادي والاجتماعي، في ظل تجسيد قناعة لدى الكثيرين بأن الواجب الاول للحكومة القادمة وضع توجهات فعلية وجدية، لمواجهة الازمة الاقتصادية التي تصاعدت جراء جائحة كورونا، ونتيجة عشر سنوات من حكومات فشلت في تحقيق اي مكاسب للشعب، واغرقت البلاد في ديون سيكون لها نتائج كارثية على الاجيال القادمة في تونس.

الاتحاد العام التونسي للشغل "اتحاد نقابات العمال"، اكد على ضرورة أن تكون الحكومة مصغرة وحكومة كفاءات غير حزبية، وهذا المطلب صار له الكثير من المؤيدين في الشارع التونسي، جراء فشل حكومات التقاسم الحزبي في اخراج البلاد من ازمتها الاقتصادية، بل يحملها الكثيرون المسؤولية عما آلت اليه الاوضاع من تردي.

من جهتها تحاول الاحزاب التي فازت في الانتخابات وعجزت عن تشكيل حكومة، أن تضع شروطها على رئيس الحكومة المكلف، خاصة مع تصاعد مخاوفها بان لا يكون لها نصيب في الحكومة الجديدة، وأكثر المنزعجين من هذا الحال كانت حركة النهضة، التي تجتمع قيادتها لإعلان موقف رسمي يربط دعمها للحكومة بمشاركتها فيها.

كما تقف القوى المتحالفة مع النهضة ضمن هذا التوجه الذي يعكس مخاوفها من استبعادها عن الحكم، وكف يدها عن التحكم في ملفات تعتبر أن الكشف عنها قد يسبب لها الكثير من الحرج والارباك في الشارع التونسي، الذي يحمل الاحزاب مسؤولية ما الت اليه الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية، من تدهور جراء فشلها في إدارة الشأن العام.

في مواجهة هذا الموقف تتجمع عديد الاحزاب والكتل البرلمانية في تقارب ملفت للنظر مع رئيس الحكومة المكلف، ورؤيته لتشكيل حكومة مصغرة من كفاءات مهنية تكون قادرة على القيام بعملية انقاذ اقتصادي، خاصة وان ما شهده لبنان بعد انفجار الميناء أظهر بوضوح مخاطر إدارة الدولة الفاشلة للأوضاع، وما يمكن ان ينجر عن ذلك من كوارث.

ورغم محاولات بعض الاحزاب والقوى التلويح بتهديدات بعدم منح الثقة للحكومة، فإن جل التوقعات تسير باتجاه أن يصوت لها اغلبية مريحة في البرلمان، عدد منهم مكرهين وليسوا ابطالاً، لأن مخاطر حل البرلمان في حال فشل منح الثقة للحكومة تصبح كبيرة وممكنة، ويخول الدستور ذلك لرئيس الجمهورية، وهذا السيناريو الأسوأ الذي يخشاه عدد من الأحزاب، وخاصة احزاب الوسط التي خانت تعهداتها وتنكرت لناخبيها، وتحالفت مع حركة النهضة رغم تعهدها بأن لا تتحالف معها تحت أي بند.

الأحزاب التي تعرف تماما ان حل مجلس النواب والدعوة لانتخابات برلمانية سابقة لأوانها، سيعني نهاية وجودها السياسي في المشهد واولها حزب قلب تونس، أو تراجع مؤيديها وفرص تحقيق نفس النتائج التي تحققت في انتخابات نهاية السنة الماضية منعدمة، وظهور قوى سياسية جديدة يمكنها الفوز بأكبر عدد من المقاعد في نظام انتخابي نسبي، يحرم أي حزب من امكانية الفوز بأغلبية مطلقة، تمكنه من الحكم بكل أريحية طوال المدة الانتخابية، أو بخلق تحالفات سياسية متوازنة ومتقاربة مع رؤيته وتوجهاته السياسية والاقتصادية.

كل ذلك يجعل من هذه الاحزاب أشبه بالغريق الذي يحاول أن لا يجرفه التيار، ويقبل بكل ما سيفرض عليه عبر شكل الحكومة القادمة، حتى وإن كان غاضباً عليها ورافضاً لها، لكن انعدام الحلول والخوف من نتائج انتخابات برلمانية سابقة لأوانها، يجعل من الرضوخ للأمر الواقع لا مفر منه، رغم كل المحاولات التي ستبذل على امتداد الاسبوعين القادمين لممارسة ضغوط ومماحكات سياسية، في محاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه سياسياً مخافة الخسارة الكبرى إن تعنتت ورفضت القبول بالحكومة الجديدة.

أخبار ذات صلة