news-details

روسيا تدعو وحدات حماية الشعب الكردية للانسحاب مع دخول قواتها شمال سوريا

وصلت الشرطة العسكرية الروسية إلى مدينة كوباني الاستراتيجية في سوريا اليوم الأربعاء في الوقت الذي حذرت فيه موسكو قوات وحدات حماية الشعب الكردية من أنها ستواجه صراعا مسلحا جديدا مع تركيا إذا لم تنسحب من كامل حدود سوريا الشمالية الشرقية مع تركيا.

وجاء تحذير موسكو بعد توصلها لاتفاق مع تركيا يدعو للانسحاب الكامل لمقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية التي كانت سابقا حليفة للولايات المتحدة لكن أنقرة تصفها بالإرهابية.

ويشكل وصول الشرطة إلى كوباني بداية فترة ستشرف فيها قوات أمنية روسية وسورية على انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب من منطقة تمتد 30 كيلومترا على الأقل في عمق سوريا بموجب اتفاق بين الرئيسين فلاديمير بوتين ورجب طيب أردوغان.

وسيمثل الانسحاب الكامل لوحدات حماية الشعب انتصارا لأردوغان الذي بدأ هجوما عبر الحدود يوم التاسع من أكتوبر تشرين الأول لإخراج القوات الكردية من المنطقة الحدودية وإقامة "منطقة آمنة" لعودة اللاجئين السوريين.

ونقلت وكالة تاس للأنباء عن وزارة الدفاع الروسية قولها إن الشرطة ستساعد في تسهيل انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من كوباني الحدودية الواقعة إلى الغرب من منطقة العمليات العسكرية التركية. وكانت القوات الأمريكية أخلت المدينة بعد القرار المفاجئ للرئيس دونالد ترامب هذا الشهر بالانسحاب.

وتمثل كوباني رمزية خاصة للمقاتلين الأكراد الذين حاربوا مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية عندما كانوا يحاولون الاستيلاء على المدينة في 2014-2015 في واحدة من أشرس معارك الحرب الأهلية السورية.

واتفاق أمس الثلاثاء الذي يأتي استكمالا لاتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة الأسبوع الماضي يلقي الضوء كذلك على نفوذ بوتين المهيمن في سوريا ويؤكد عودة قوات حليفه الرئيس السوري بشار الأسد لشمال شرق سوريا لأول مرة منذ سنوات.

وحسب الاتفاق يبدأ انتشار حرس الحدود السوري اعتبارا من الساعة الثانية عشرة ظهر اليوم الأربعاء (0900 بتوقيت جرينتش).

وبعد ستة أيام ستبدأ قوات روسية وتركية دوريات مشتركة في قطاع يمتد عشرة كيلومترات في شمال شرق سوريا حيث كانت تنتشر القوات الأمريكية مع الأكراد، حلفائها السابقين.

وتعكس هذه التطورات سرعة وتيرة التغيرات في سوريا منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هذا الشهر سحب قواته من الشمال السوري مما هز التوازن العسكري في منطقة تمثل ربع مساحة البلاد بعد ثماني سنوات من الصراع.

ولم يبد قادة المقاتلين الأكراد رد فعل بعد على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في منتجع سوتشي الروسي المطل على البحر الأسود ولم تتضح على الفور كيفية تنفيذ انسحابهم.

 

* تحذير روسي

قال ديمتري بيسكوف الناطق باسم الكرملين إنه إذا لم تنسحب القوات الكردية فإن حرس الحدود السوري سيضطر مع الشرطة العسكرية الروسية للتراجع "وستقع التشكيلات الكردية المتبقية حينئذ تحت طائلة الجيش التركي".

وقال بيسكوف في انتقاد لواشنطن، التي شككت في كيفية تنفيذ الاتفاق، إن الولايات المتحدة كانت أقرب حليف للمقاتلين الأكراد لكنها غدرت بهم.

وأضاف في تصريحات نقلتها وكالات أنباء روسية أن الأمريكيين "يفضلون الآن أن يتركوا الأكراد على الحدود وأن يضطروهم تقريبا لقتال الأتراك".

كما رفضت وزارة الخارجية الروسية اقتراحا ألمانيا بإقامة منطقة أمنية تحت سيطرة دولية وهي الفكرة التي رحبت بها بحذر كل من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي.

وكانت قوات سوريا الديمقراطية، التي يقودها الأكراد، الحليف الرئيسي لواشنطن في قتال دولة الخلافة التي أعلنها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. وانتقد مشرعون أمريكيون، منهم جمهوريون، قرار ترامب سحب القوات باعتباره غدرا بالأكراد.

وقال ترامب إن وقف اطلاق النار الذي اتفقت عليه تركيا والولايات المتحدة الأسبوع الماضي انتهى، مشيدا بما وصفه بالنجاح الكبير. وكتب في تغريدة أن "الأكراد آمنين وعملوا بشكل جيد معنا" مشيرا إلى أنه سيتحدث أكثر في وقت لاحق اليوم الأربعاء.

وفي إشارة أخرى على تنامي الروابط بين أنقرة وموسكو، وهو ما أزعج واشنطن، نقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن رئيس وكالة المبيعات الدفاعية الروسية قوله اليوم الأربعاء إن روسيا قد تسلم تركيا المزيد من أنظمة إس-400 الدفاعية المضادة للصواريخ.

وتقرر بالفعل تجميد وضع تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي في برنامج للشراء والمشاركة في إنتاج مقاتلات إف-35، وهي تواجه عقوبات أمريكية محتملة لشرائها المنظومة الدفاعية الروسية إس-400 التي تقول واشنطن إنها لا تتماشى مع دفاعات حلف الأطلسي وتهدد طائرات إف-35 إذا ما جرى تشغيلها بجوارها.

وذكر بيان لوزارة الدفاع التركية الليلة الماضية أن الولايات المتحدة أبلغت أنقرة بأن انسحاب مقاتلي وحدات حماية الشعب الكردية من منطقة الهجوم التركي قد اكتمل.

وأضافت الوزارة أنه لا توجد حاجة في هذه المرحلة لشن حملة أخرى خارج منطقة العمليات الحالية منهية بذلك فعليا الهجوم العسكري الذي بدأ قبل أسبوعين وقوبل بانتقادات عالمية واسعة.

ودعت سفيرة الولايات المتحدة لدى حلف شمال الأطلسي كاتي بيلي هتشيسون اليوم الأربعاء إلى تحقيق بشأن ما إذا كانت وقعت جرائم حرب أثناء الهجوم.

وجاء انتقاد آخر لهجوم تركيا من أعضاء البرلمان الأوروبي الذين دعوا في مسودة قرار إلى "إجراءات اقتصادية مناسبة وموجهة".

 

* تركيا تراجع خططها العسكرية

يحقق الاتفاق الذي تم التوصل إليه في سوتشي أمس الثلاثاء طلب تركيا دفع وحدات حماية الشعب الكردية بعيدا عن المنطقة الحدودية، لكنه يعني أيضا أن على أنقرة تعزيز التنسيق الأمني مع دمشق بعد سنوات من العداء بين أردوغان والأسد.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اليوم الأربعاء إنه لا يوجد اتصال مباشر بين بلاده وحكومة الأسد لكن "يمكن أن يكون هناك اتصال على مستوى المخابرات، هذا طبيعي".

وقال ثلاثة مسؤولين أتراك لرويترز هذا الأسبوع إن أنقرة تجري بالفعل اتصالات سرية مع دمشق لتجنب صراع مباشر في شمال شرق سوريا.

وقد يتعين على أنقرة كذلك الحد من طموحاتها العسكرية في المنطقة. وقالت مصادر أمنية تركية إن أنقرة تعيد تقييم خطة لإقامة 12 موقع مراقبة في شمال شرق سوريا في أعقاب الاتفاق.

ويعكس هذا التغير حقيقة أن تركيا، التي كانت تتطلع لأن تصبح القوة المهيمنة على "المنطقة الآمنة"، سيتعين عليها الآن مشاركة هذه الأراضي مع الأسد وبوتين اللذين قالا إن القوات التركية لا يمكنها البقاء في سوريا على المدى الطويل.

وقال يوري بارمين المختص بشؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث مجموعة موسكو للسياسات "الجزء الأهم من الاتفاق الروسي التركي هو وصول حرس الحدود السوري إلى الشمال الشرقي، وهو أمر كانت دمشق وروسيا تسعيان إليه منذ فترة طويلة".

وأضاف "وهذا يعني كذلك اعترافا فعليا من أردوغان بالأسد".

أخبار ذات صلة