news-details

استمرار الاحتجاجات في أنحاء لبنان لليوم الثاني

 أغلق محتجون في أنحاء لبنان الطرق مستخدمين إطارات مشتعلة اليوم الجمعة ونظموا مسيرة في بيروت في ثاني يوم من احتجاجات مناهضة للحكومة على خلفية أزمة اقتصادية عميقة. وتجمع الآلاف أمام مقر الحكومة في وسط بيروت مساء أمس الخميس في أكبر احتجاجات يشهدها لبنان منذ أعوام مما أجبر مجلس الوزراء على التراجع عن خطط فرض رسوم جديدة على المكالمات الصوتية عبر تطبيق واتساب.

وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على بعض المحتجين بينما وقعت اشتباكات في الساعات المبكرة من اليوم.

ودفع التوتر رئيس الوزراء سعد الحريري لإلغاء اجتماع الحكومة الذي كان مقررا اليوم الجمعة لمناقشة مسودة ميزانية السنة المالية 2020. وذكرت وسائل إعلام لبنانية أنه سيوجه خطابا للمحتجين.

وتصاعد الدخان من الحرائق التي كانت مشتعلة في شوارع وسط بيروت صباح اليوم الجمعة. وتناثرت قطع من الزجاج على الأرصفة بعد تهشم عدة واجهات متاجر ومُزقت اللوحات الإعلانية. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن محتجين أغلقوا الطرق في الشمال والجنوب ووادي البقاع ومناطق أخرى. وأغلقت المدارس بموجب تعليمات من الحكومة.

وقال محتج في بلدة جعيتا "نحن شعب واحد متحد ضد الحكومة ونريد إسقاطها". وفي بيروت نظم المئات من الأشخاص مسيرة بالقرب من مقر الحكومة وهتفوا "الشعب يريد إسقاط النظام". وهذه ثاني موجة احتجاجات يشهدها لبنان خلال الشهر الجاري.

وينظر للنطاق الجغرافي المتسع لهذه الاحتجاجات، في بلد تحكمه حسابات طائفية، على أنه مؤشر على الغضب تجاه الساسة الذين ساهموا معا في وصول لبنان لوضع الأزمة. وتكافح الحكومة التي تشمل غالبية الأحزاب اللبنانية الرئيسية لتطبيق إصلاحات طال انتظارها وتعتبر أكثر أهمية من أي وقت مضى في حل الأزمة.

ووصفت صحيفة النهار اللبنانية الاحتجاجات بأنها "انتفاضة الضرائب" في أنحاء لبنان بينما قالت صحيفة الأخبار اللبنانية إنها "ثورة الواتساب" التي هزت حكومة الوحدة برئاسة الحريري. وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام أن اثنين من العمال الأجانب في لبنان لقيا حتفهما اختناقا جراء حريق امتد إلى مبنى قريب من موقع الاحتجاجات في العاصمة بيروت.

ضريبة الواتساب تفجر الشارع اللبناني ضد الحكومة

تظاهر الآلاف من اللبنانيين الغاضبين مساء أمس الخميس احتجاجاً على أزمة اقتصادية خانقة، وتوجه الحكومة لإقرار ضرائب جديدة عليهم، في تحركات أطلقها فرض رسم مالي على الاتصالات عبر تطبيقات الهاتف الخليوي.

وبدأت التحركات الشعبية الخميس بعد ساعات من تأكيد وزير الاعلام جمال الجراح اقرار الحكومة فرض "20 سنتاً على التخابر" على التطبيقات الخلوية، بينها خدمة واتساب، على أن يبدأ العمل بالقرار بدءاً من شهر كانون الثاني 2020. وجاء هذا القرار رغم أن كلفة الاتصالات في لبنان تُعد من الأعلى في المنطقة.

وأملت الحكومة من خلال هذا الرسم أن تؤمن مبلغاً يقدر بنحو 200 مليون دولار سنوياً للخزينة، في خطوة قالت منظمات متخصصة بالأمن الإلكتروني إنها "غير قانونية" كونها تتعلّق بخدمات مجانية أساساً.

وشكل القرار، الذي سرعان ما سحبته الحكومة، شرارة لتحركات واسعة وصلت إلى حد المطالبة بإسقاط الحكومة، التي تضم ممثلين عن أبرز الأحزاب السياسية، والعاجزة منذ أشهر عن الالتزام بتعهداتها في تخفيض عجز الموازنة وتحقيق اصلاحات بنيوية.

وتصاعدت نقمة الشارع في لبنان خلال الأسابيع الأخيرة، إزاء احتمال تدهور قيمة العملة المحلية التي تراجعت قيمتها في السوق السوداء مقابل الدولار، وسط مؤشرات على انهيار اقتصادي وشيك.

في وسط بيروت وضواحيها كما في مختلف المناطق اللبنانية، تجمع المتظاهرون مرددين شعارات عدة بينها "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"دولتنا حرامية"، متهمين كافة أركان الدولة بالسرقة والفساد وابرام صفقات على حساب المواطنين.

كما أقدموا على إشعال الإطارات وقطع طريق المطار بالإضافة إلى طرق رئيسية في مختلف المناطق. وفي مدينة النبطية جنوباً، أضرم متظاهرون النار قرب منازل ومكاتب عدد من نواب حزب الله وحركة أمل، في مؤشر على حجم النقمة الشعبية.

وحصلت أعمال تدافع بين المتظاهرين والقوى الأمنية بالقرب من مقر الحكومة في وسط بيروت، ما أدى إلى إصابة متظاهرين إثنين بجروح، وفق ما نقلت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية.

وعمدت القوى الأمنية بعد منتصف الليل الى إطلاق الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين في ساحة رياض الصلح في وسط بيروت، بعد أن أعلنت قوى الأمن الداخلي جرح 40 من عناصرها خلال المواجهات.

وأدعت وزيرة الداخلية ريا الحسن "أن رئيس الحكومة لم يتخذ قراره بعد، وغدا (اليوم) ستكون له كلمة، واذا سقطت الحكومة فإن أي حكومة أخرى ستأتي لن يكون لديها خيارات افضل من خيارات الحكومة الحالية، وتغيير الحكومة ليس الحل، واذا سقطت فان الانهيار سيكون حتميا".

وعلى وقع التظاهرات الاحتجاجية، أعلن وزير الاتصالات محمد شقير ليلاً التراجع عن فرض هذا الرسم بناء على طلب رئيس الحكومة الحريري.

ويعاني لبنان، البلد ذو الموارد المحدودة، من نقص في تأمين الخدمات الرئيسية، وترهل بنيته التحتية. وشهد منذ العام 2015 على أزمة نفايات دون أن تجد الحكومة حلاً مستداماً لها.

ويُقدّر الدين العام اليوم بأكثر من 86 مليار دولار، أي أكثر من 150 في المئة من اجمالي الناتج المحلي، وهي ثالث أعلى نسبة في العالم بعد اليابان واليونان. وتبلغ نسبة البطالة أكثر من 20 في المئة.

وتعهد لبنان العام الماضي باجراء إصلاحات هيكلية وخفض العجز في الموازنة العامة، مقابل حصوله على هبات وقروض بقيمة 11,6 مليار دولار أقرها مؤتمر "سيدر" الدولي الذي عقد في باريس. ومع تأخر الحكومة في الايفاء بتعهداتها، أصدرت الوكالات العالمية للتصنيف الائتماني مراجعات سلبية لديون لبنان السيادية.

وأقرت الحكومة هذا الأسبوع رفع الرسوم على التبغ والتنباك المستورد والمنتج محلياً، بينما لا تزال تدرس اقتراحات أخرى بينها فرض ضرائب جديدة على المحروقات، وزيادة ضريبة القيمة المضافة تدريجياً.

وأورد صندوق النقد الدولي في تقرير أصدره الخميس أن مسؤولين منه زاروا لبنان واقترحوا على السلطات أن تشمل التدابير المالية "زيادة الضريبة على القيمة المضافة وتوسيع قاعدة الضرائب وإزالة الاعفاءات بالإضافة إلى رفع الضريبة على المحروقات ورفع الدعم عن قطاع الكهرباء" المتداعي والذي يكلف خزينة الدولة مبالغ باهظة.

أخبار ذات صلة