news-details

إفقار وتجهيل وتحريض وبالعكس

في أية دولة أخرى غير إسرائيل تجرؤ الحكومات على رفع أسعار حاجيات أساسية المرة تلو الأخرى بلا حسيب ولا رقيب، وتصفع مواطنيها هكذا في وضح النهار، دونما أية خشية من الرد والمحاسبة والعقاب؟

إسرائيل شهدت منذ بداية هذا العام موجة جديدة من رفع الأسعار شملت الكهرباء والماء والسلع الغذائيّة الرئيسيّة. ولكن لأن الحكومة في ذروة معركتها على البقاء في السلطة، أرادت إخفاء المشكلة، إرجاءها، وليس حلّها. فقررت تأجيل الرفع الفعلي للأسعار، وإبقائه بانتظار المواطنين كـ"هدية" ما بعد الانتخابات.. لكن شركة "تنوفا" قدمت دعوى للمحكمة العليا زاعمة أن هذا يسبب لها خسائر، فأقرت الأخيرة العمل بحسب توصيات لجنة الأسعار المشتركة لوزارتي المالية والزراعة. أي أن تلتزم الحكومة بسياستها (السيئة).

بقدر ما يقول هذا الكثير عن حكومة متبلدة متغطرسة لا ترى همّ المواطن، خصوصًا وبالذات في الطبقات المستضعفة، والقابع تحت وطأة البطش الاجتماعي الاقتصادي، فإنه يقول أكثر عن مجتمع مسلوب الإرادة والوعي الطبقي والمدني لمصالحه اليومية وحقوقه الأساسية واحتياجاته الأولية. هنا نقف أمام دائرة مفرغة يختلط فيها السبب بالنتيجة، حيث يسهل إلهاء المجتمع بواسطة التحريض وإذكاء الكراهية بسبب طغيان الإفقار والتجهيل، وفي الوقت نفسه يُستخدم التحريض نفسه كأداة لتكريس الفقر والجهل.

الدول وظيفتها خدمة المواطنين. هذه هي وظيفتها. لكن طرحا بسيطا ومنطقيا ومفهوما ضمنا كهذا، مفاده أن وظيفة الدول خدمة كل الناس وليس أقليةِ أثرياء، يبدو في ضوء هيمنة أفكار تقدّس السوق، كمقال نشاز. هذا علما بأن اليمين الاقتصادي هو أكثر من يزعم حرصه على الشعب ولا يتحدث سوى باسم الشعب. وفي هذه الدوامة تُنتهك وتُغتال الحقوق الأساس للناس. وفي واقع كإسرائيل حيث تقع معظم أحزابها السياسية في اليمين، حتى لو زعم بعضها غير ذلك، تصبح الطامة مضاعفة بل أكثر.

أخبار ذات صلة