news-details

الاستعمار الاقتصادي العالمي

قال مسح جديد، أجرته المنظمة العالمية للبنوك والمؤسسات المالية IIF، ونستعرضه في "الاتحاد" اليوم الخميس، إن حجم ديون دول العالم، بلغ مع نهاية العام الماضي 2019، مستوى 253 ترليون دولار (الترليون ألف مليار)، وهذا يعادل 3,2 أضعاف حجم الإنتاج العالمي.

ويقول التقرير، إن 71% من حجم الديْن هذا، يقع على عاتق الدول الفقيرة، وما يعادل قرابة 4 أضعاف حجم انتاجها الهش. وفي حين أن الدول الغنية المديونة، تبقى خارج ضغوط المؤسسات المالية العالمية، فإن هذه المؤسسات، وأولها صندوق النقد الدولي، والبنك دولي، باتت ذراع الامبريالية العالمية، وأولها الولايات المتحدة الأميركية، لفرض شروط اذلال وتجويع على هذه الدول، التي شعوبها جائعة أصلا.

فحتى قبل قرن من الزمن، كانت تنشب حروب احتلالية، بهدف ضمان التمدد والسطوة الاقتصادية على مناطق مختلفة من العالم، وهذه هي خلفية كل استعمار، الذي يظهر في العالم، تحت تسميات مختلفة، وبضمنها "حروب دينية"، وغيرها.

أما في عصرنا الحالي، فإن المؤسسات المالية الدولية، تقوم بهذا الدور، فبعد الشروط الاقتصادية، يأتي دور التبعية السياسية لأنظمة الدول الفقيرة، كي تثبّت حكمها، وبضمن هذه التبعية يكون العنصر الأهم، وهو أن هذه الأنظمة تصبح كلب حراسة لحماية المصالح الاقتصادية للدول الامبريالية، وحيتان المال في تلك الدول "الكبرى".

في اطارهذا، يدخل جانب سرقة ونهب ثروات الشعوب، ومقدراتها الاقتصادية، حتى لو كانت هشّة، تحت تسميه "الخصخصة"، التي تزيد من نهب الشعوب، وتجعلها محرومة من خيرات أوطانها، ولتغرق في فقر مدقع، وبالتالي تبقى دولًا فقيرة، غير قادرة على إنتاج ما يكفي قوت يومها، وبذلك تستمر لتكون دول أسواق استهلاكية، لمنتوجات الخارج.

إن هذا المشهد الاقتصادي السياسي استفحل على وجه خاص، بعد تفكك الاتحاد السوفييتي، وقبله الدول الاشتراكية، التي كانت على مدى عشرات السنين، العنوان البديل للشعوب التي اختارت الحياة بكرامة. وجزء من أزمة الدول الاشتراكية الاقتصادية، وخاصة الاتحاد السوفييتي، هو حجم المعونات التي كانت تقدمها للدول الفقيرة.

من حين إلى آخر، نشهد شعوبا تنتفض على جوعها، وكانت مؤشرات إيجابية كثيرة في القارة الأميركية الجنوبية، إلا أن الوحش الامبريالي حارب تلك الدول، كما نشهد هذا حاليا، في بوليفيا وفنزويلا، وفرض عليها حصار تجويع، لإخضاعها. وقد علمتنا التجربة، حيث وُجدت العربدة الامبريالية، فإن الصهيونية العالمية، ووليدتها إسرائيل، هي ذراع ضرب إضافي، وذراع ضرب أساسي في الشرق الأوسط.

يتملكنا الأمل، بأننا نعيش في مرحلة عابرة، وأن شعوب العالم ستعود حتما الى زمن الانتفاضات الشعبية، والثورة على أنظمة الاستبداد، وبالأساس على الاستبداد الامبريالي، وكل من يتواطأ معه.

أخبار ذات صلة