news-details

بعد المحكمة كما قبلها

لا مجال لرفع سقف التوقعات من المحكمة العليا، في قرارها المفترض أن يصدر في هذه الأيام، ردا على الالتماسات التي قدمت لها ضد اتفاقية الائتلاف الحكومة، وضد تكليف بنيامين نتنياهو لرئاسة الحكومة، كونه يواجه محاكمة في قضايا فساد. فالمحكمة العليا في تاريخها، لم تصدر قرارا أحدث انقلابا جوهريا، بالمعنى الدقيق لمفهوم الجوهري، في كل ما يتعلق بمؤسسة الحكم وسياساتها. وإن صدرت قرارات تنقض اجراء أو قانونا ما، فإنه يكون لحالة عينية استثنائية، لم تؤثر على الجوهر.

الملتمسون ضد اتفاقية الائتلاف، وضد تكليف نتنياهو، يعرضون نقاطا مركزية في هذه الاتفاقية، من حيث ضرب لمفهوم العمل البرلماني، والتوازنات التاريخية بين الائتلاف والمعارضة في عمل البرلمان الجاري. كذلك يعترضون على تغيير قوانين أساس، بشكل يسري على حالة قائمة، مثل حالة بنيامين نتنياهو.

فالاعتراض على نتنياهو، ليس فقط على تكليفه بتشكيل الحكومة، وإنما أيضا على اعفائه من الاستقالة من الحكومة بسبب محاكمته، حينما يأتي وقت التناوب مع بيني غانتس. والحالة الأخيرة، هي التي ستحرج أكثر المحكمة العليا، فإن غضت الطرف عن مسألة التكليف، لعدم وجود مانع في القانون، وكما يبدو هذا ما سيكون، فإنها من المفترض أن تصبح في ورطة في مسألة اعفائه من الاستقالة من الحكومة، حينما سيصبح قائما بأعمال رئيس الحكومة، أو حسب التسمية الجديدة "رئيس الحكومة البديل"، لأن هذا سيكون بناء على قانون تم تفصيله لحالة نتنياهو، وجرت العادة، أن لا تسري القوانين لدى سنها على حالة قائمة، إن كانت قوانين تتعلق بالمؤسسة الحاكمة والبرلمان، أو حتى في القضايا الجنائية ومخالفات القوانين. 

ورغم أن المحكمة العليا في كل تاريخها لم تصدر قرارا ينقض جوهر سياسات الحكم، فإنها في السنوات الأخيرة شهدت تقلبات عديدة، في اتجاه ان تكون محكمة ذات لون واحد، لون اليمين الاستيطاني، الذي يريد أن تكون أغلبية القضاة الـ 15 من تياره وبأغلبية كبيرة، بحيث أنه حينما يتم تشكيل هيئات قضاة من ثلاثة نواب أو أكثر، لأي مداولات كانت، تكون الأغلبية مضمونة لأنصار اليمين الاستيطاني. ولهذا، فإنه لن تكون مخاطرة في التكهن بأن المحكمة ستجد الديباجة الملائمة ليواصل نتنياهو في حكمه.

إلى هذا، فإن سير أعمال المحكمة أظهر مدى تلاصق بيني غانتس وحزبه الشكلي المسمى "حوسن ليسرائيل"، أو بحسب اسم كتلته "كحول لفان"، بمواقف اليمين الاستيطاني. فغانتس الذي تباكى على مدى أكثر من عام، على نزاهة الحكم، وحصانة القضاء، قد انضم كجرو حديث الولادة لقطيع نتنياهو، وقال في رده على الالتماسات، إنه ليس من حق المحكمة العليا النظر في اتفاقية الائتلاف. وينضم لهذا الموقف أشلاء حزب "العمل" المتهاوي.

كما يبدو، فإننا في بحر الأسبوعين المقبلين، سنكون امام حكومة احتلال واستيطان، حكومة تمييز عنصري، حكومة تنهب المال العام، خدمة لحيتان المال، ومعهم آلة الحرب والاستيطان. فإذا قلنا إن الحكومة السابقة سجلت ذروة في شراستها، فإن هذه الحكومة الجديدة ستسجل ذروة أشد شراسة.

أخبار ذات صلة