news-details

قرارات فلسطينية تفاقم الوضع المأزوم

قررت قيادة السلطة الفلسطينية هذا الأسبوع، استئناف التنسيق الأمني والمدني مع حكومة الاحتلال، الذي توقف فعليا ولأول مرّة، لمدة ستة أشهر، على ضوء تعاظم المؤامرة الصهيو أمريكية على القضية الفلسطينية، والحصار المالي، الذي بدأ في العام الماضي، بسلب الاحتلال لقسم من أموال الضرائب الفلسطينية الشهرية.

تلاه في اليوم التالي، إعادة سفيري فلسطين إلى كل من دولة الإمارات ومملكة البحرين، بعد سحبهما إثر التوقيع على اتفاقيتي تطبيع مع حكومة الاحتلال، فلا ذلك القرار ولا التالي، سمعنا ما يبرره، خاصة وأن المؤامرة في تصاعد مستمر.

واضح للعيان أن الوضع الفلسطيني الداخلي مأزوم، وقد تكون الأزمة قد بلغت ذروة جديدة في السنوات الـ 16 الأخيرة. والحصار المالي على السلطة الفلسطينية ليس فقط من حكومة الاحتلال، ولا من قطع المساعدات الأميركية، بل أن واشنطن فرضت على دول عربية غنية، وقف كل أشكال المساعدات المالية عن السلطة الفلسطينية، مع بعض الاستثناءات.

وبموازاة كل هذا، فرضت جائحة الكورونا نفسها بقسوة شديد على كل من الضفة والقطاع المحاصرين، وهناك مؤشرات لما هو أخطر على صعيد الوضع الصحي.

قد يكون من يبرر القرارات على أنها جاءت بعد أن وصلت السلطة الى الرمق الأخير في الأزمتين المالية والصحية، وأن هناك وعودا خلف الكواليس بنقل أموال عاجلة للسلطة، ولكن في طيات هذين القرارين مخاطر سياسية، ستعمق أكثر الأزمة السياسية الداخلية، وعلى مستوى القضية الفلسطينية بشكل عام.

لقد أثنينا في السنوات القليلة الماضية، على تحدي قيادة السلطة الفلسطينية لسياسات البيت الأبيض الترامبية، التي بلورتها عصابة اليمين الاستيطاني الصهيوني، المسيطرة على سياسات إدارة ترامب الخارجية، وخاصة في ما يتعلق بالشرق الأوسط. وقلنا إن السلطة الفلسطينية رغم كل ضعفها السياسي، ومحاصرة الدول العربية لها، استطاعت أن تقول لا لأمريكا، ورفضت استقبال مبعوثيها.

كما أثنينا على موقف القيادة الفلسطينية برفض تلقي أموال الضرائب المنقوصة، وإصرارها على الاستمرار في دفع المخصصات الاجتماعية لعائلات الأسرى والشهداء، والأسرى أنفسهم، وقلنا إن في هذا تحديًا واضحًا للاحتلال.

كما أثنينا قبل ستة أشهر على القرار الحاسم بوقف التنسيق الأمني مع حكومة الاحتلال، على ضوء التقدم في مخططات ضم المستوطنات، وغيرها من استبداد الاحتلال.

ولكن شيئا من كل هذا لم يتغير، حتى تنقلب السلطة الفلسطينية اليوم على قراراتها، التي خلقت أجواء سياسية داخلية جديدة، تم افتتاحها باجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية، وانطلاق مفاوضات لإنهاء حالة الانقسام الداخلي المدمّر؛ وهذا ما خلق أجواء تفاؤل في الشارع الفلسطيني رغم الأزمتين الصحية والاقتصادية، واستبشرنا خيرًا، بأنه يكون هذه المرّة التقدم حقيقي، ليكون الموقف الفلسطيني متراصًا أكثر في وجه المؤامرات والمتواطئين معها.

وما زاد الطين بلّة أن تبرر السلطة قراريها، بورقة موقعة من الحاكم العسكري في الضفة، تزعم أن حكومة الاحتلال ملتزمة بالاتفاقيات، فهل بقي منها شيء أصلا؟

وكذا بالنسبة لإعادة السفيرين إلى أبو ظبي والمنامة، فأي تفسير لهذا، في الوقت الذي لم يتوقف الأمر عند تطبيع في زمن اشتداد التآمر على فلسطين، بل تلاه ركض النظامين هناك، لإبرام صفقات تجارية مع عصابات المستوطنين في الضفة المحتلة.

إن الوضع القائم يلزم بتحذير القيادة الفلسطينية الرسمية، من السقوط في مطبات سياسية ستزيد الأمور تعقيدًا.   

أخبار ذات صلة